قلل خبراء عالميون يشاركون في "سوق السفر العربية - الملتقى 2007" في دبي من أثر المشاكل الجيو-سياسية التي تمر فيها المنطقة على قطاع السياحة والسفر، مؤكدين أن الدراسات عن طفرة مستقبلية متوقّعة في القطاع "تستند إلى أسس اقتصادية سليمة". وأكد مديرون بارزون في القطاع السياحي والفندقي ان المشاكل الأمنية والسياسية لم تعد تقتصر على المنطقة العربية وحدها، إذ لا توجد منطقة خارج دائرة التهديد والخطر، فضلاً عن ان الشرق الأوسط بات يتمتع بخبرة طويلة في التعامل مع الأزمات السياسية التي أصبحت جزءاً من الحياة فيه، مشيرين الى ان معدلات النمو الاقتصادي لم تتوقف عن تسجيل أرقام قياسية على رغم وجود المشاكل منذ أكثر من نصف قرن. وزير السياحة جو سركيس اعترف بتأثير المشاكل السياسية على السياحة في لبنان لكنه أكد أن"تلك التأثيرات وقتية ولن تقلل من ثقل لبنان كبلد سياحي من الطراز الأول"، وبالتالي فإنها قد تحدث أضراراً في فترة معينة"لكن المستثمرين على قناعة بأن استثماراتهم رابحة على المدى الطويل". وقال رئيس السياحة في إمارة الفجيرة الشيخ سعيد الشرقي ل"الحياة"ان"الدعامة الأساسية لحماية الاستثمارات في المنطقة تتمثل في أن النسبة الغالبة فيها لمستثمرين محليين من المنطقة ذاتها"، مؤكداً أن معظم الاستثمارات يقوم بها مستثمرون خليجيون. كما أكد أن المواقف السياسية الحيادية والمتزنة لدول الخليج لا تجعلها طرفاً في أي صراع. وأقرّ الرئيس التنفيذي ل"مجموعة فنادق روتانا"الإماراتية، سليم الزير، في حديث الى"الحياة"، بأن"القطاع السياحي هو أكثر القطاعات الاقتصادية تأثراً بالمشاكل والأزمات السياسية"، لكنه أكد في الوقت ذاته ان المشاكل الجيو-سياسية التي تمر فيها المنطقة من حين إلى آخر،"لن توقف عجلة النمو المتواصلة والمتسارعة، لأنها تحدث في ظل تلك التوترات والمشاكل السياسية". وأوضح ان القطاع الفندقي تأثر في عدد من دول المنطقة، مثل مصر ولبنان، بسبب حدوث مشاكل أمنية أو سياسية،"لكن هذا التأثر كان مرحلياً وسرعان ما تعافى القطاع بسرعة"، مؤكداً ان"تلك الأحداث قد تؤثر في النشاط التشغيلي للفنادق لفترة محددة، لكنها لا تؤثر في الخطط الاستثمارية التي تمتد لعشرات السنين". تداعيات الملف الإيراني أما رئيس"مجموعة روتانا الفندقية"، التي تنتشر فنادقها في جميع دول الشرق الأوسط، لم يبد قلقاً كبيراً من أزمة الملف النووي الإيراني، بقدر مخاوفه من استمرار الأزمة السياسية في لبنان. إذ أوضح ان نِسَب إشغال فنادق"روتانا"في لبنان تراجعت من 95 في المئة قبل حرب تموز يوليو 2006، إلى 10 في المئة فقط حالياً. وبدلاً من ان يحدث التعافي سريعاً، بعد انتهاء الحرب، لم ترتفع نسب الأشغال بسبب الحرب الكلامية الدائرة أكثر من 20 في المئة حالياً. لكن الزير لم يعط المشاكل السياسية في شكل عام حجماً كبيراً أو طويل المدى، وأكد ان الإمكانات السياحية الكبيرة للمنطقة وعملية الإصلاح الاقتصادي والسياسي التي تمر فيها غالبية دولها، ستجعل منها منطقة استقطاب عالمية للاستثمارات لسنوات طويلة مقبلة. وأضاف الزير ان عدم الاستقرار"صار جزءاً من الحياة ليس فقط في المنطقة، إذ لا توجد مدينة أو عاصمة خارج دائرة الخطر، ولهذا يجب على المستثمرين ألا يخافوا أو يترددوا في ضخ الاستثمارات، لأن ذلك يمكّن الإرهاب من الانتصار". وأكد المدير العام لفندق"فور بوينتس"، إيريك فيدسيغارد، أن منطقة الشرق الأوسط تسجل معدلات نمو مرتفعة في حركة السياحة والسفر، مقارنة ببقية مناطق العالم، على رغم التوترات السياسية، ما يدل على أن المستثمرين خصوصاً في القطاع السياحي والفندقي باتوا أكثر خبرة ولديهم قناعة بأن عوامل الأمن والأمان على رغم المناوشات التي تثار بين فترة وأخرى متوافرة بشكل كبير. واعتبر مدير التسويق الإقليمي في مجموعة"ستاروود"الفندقية العالمية، أحمد عبدالباقي، ان تأثير الأزمات السياسية في المنطقة على القطاع السياحي والفندقي أو خطط الاستثمار المستقبلية للشركات العالمية في القطاع ليس كبيراً، مشيراً إلى أن المشاريع الاقتصادية في أي مكان من العالم لا بد من أن تحمل جانباً من المخاطرة وإلا لن يكتب لها النجاح. وقال ان المنطقة تمر بأزمات سياسية منذ خمسين سنة، وعلى رغم ذلك فان معدلات النمو القوية التي تشهدها لم يسبق لها مثيل في أي منطقة أخرى من العالم، مضيفاً أن المستثمرين في المنطقة اكتسبوا خبرة كبيرة في التعامل مع هذه الأوضاع. الحكومات الخليجية وأكد عبدالباقي أن وجود رؤية حكومية والتزام حكومات المنطقة بدعم الأعمال والترويج للقطاع السياحي والفندقي يلعب دوراً مهماً في التخفيف من أثر تلك الأزمات السياسية، مشيراً في هذا الصدد إلى الإمارات، ودبي خصوصاً، في الترويج للقطاع ودعمه، وكذلك السعودية التي بدأت خططاً طموحة للنهوض بهذا القطاع. ووصف السوق السعودية بأنها سوق واعدة مملوءة بالفرص الاستثمارية، كاشفاً عن خطة لمجموعة"ستاروود"لمضاعفة وجودها في السوق السعودية خلال السنوات الثلاث المقبلة، من 10 فنادق حالياً إلى 20 فندقاً، مؤكداً أن الخطوات التي تتخذها"الهيئة العليا للسياحة"وعملية الإصلاح الاقتصادي المتواصلة برعاية الحكومة السعودية"سيكون لها أكبر الأثر في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة من جهة، ومضاعفة حجم الصناعة الإقليمية من جهة ثانية". ووصف السوق السعودية بأنها"مارد نائم سيؤدي استيقاظه إلى تأثيرات كبيرة على المنطقة كلها". وتوقّع أن تشمل خطة عمل"ستاروود"في السعودية كل المدن الرئيسية، مثل الرياض والدمّام ومكة المكرمة والمدينة المنورة، مؤكداً وجود مفاوضات حالية مع مستثمرين سعوديين وخليجيين لتشغيل فنادق في السعودية، قد تشمل استثمارات في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، التي تطورها شركة"إعمار"العقارية. كما توقع أن يزيد حجم نمو أعمال المجموعة في المنطقة مقارنة بالسنة الماضية، الذي سجّل نمواً قياسياً نسبته 20 في المئة، مشيراً إلى ان"ستاروود"تدير حالياً 50 فندقاً في الشرق الأوسط، باستثناء فنادقها في مصر، متوقعاً ان يتضاعف عددها خلال السنوات الثلاث المقبلة.