منح الكونغرس الأميركي الرئيس جورج بوش هدنة ثلاثة أشهر في معركتهما حول ادارة الحرب في العراق بتنازله أول من أمس عن طلبه جدولة الانسحاب في مشروع قانون تمويل الحرب بعد فشل الديموقراطيين بجمع ثلثي الأصوات الضرورية لتحدي أي قرار رئاسي بالفيتو على المشروع. واشاد الناطق باسم البيت الابيض الكس كونانت مساء الخميس بتصويت الكونغرس، وقال:"يجب ان توجه التهنئة الى الكونغرس لانه قدم بنجاح لقواتنا المال والمرونة اللازمين من اجل حماية بلدنا بدل ان يتبنى جداول زمنية عشوائية حول العمليات العسكرية". واقر مجلس الشيوخ مساء الخميس مشروع القانون بغالبية 80 صوتا مقابل 14، ينص على تخصيص 120 بليون دولار لتمويل العمليات العسكرية الاميركية في العراق وافغانستان حتى ايلول سبتمبر المقبل من دون تحديد جدول زمني للانسحاب. وكان مجلس النواب وافق على المشروع بغالبية 280 صوتا مقابل 142. وأنهت السلطة التشريعية ليل الخميس الأزمة السياسية مع بوش حول تمويل الحرب، التي استمرت أربعة أشهر، في ظل اصرار الديموقراطيين على جدولة الانسحاب ورفض البيت الأبيض لهذا الأمر، واضطرار الرئيس الى استخدام الفيتو لنقض المشروع الأول الشهر الفائت. وأعاد الكونغرس التصويت على مشروع الموازنة المعدل لنيل موافقة جميع الأطراف، في جلسة ماراتونية استمرت حتى العاشرة ليلاً وافق فيها أكثرية نواب الحزبين 360 مقابل 156 في مجلسي الشيوخ والنواب الذي، على رغم تراجعه في بند الانسحاب، يضع 18 شرطاً على الحكومة العراقية في موضوعي المصالحة والأمن للحؤول دون خسارة المساعدة المالية الاميركية، وهو يقدم ايضا لسلطات بغداد"خريطة طريق"لتحقيق الامن والديموقراطية في البلاد، كما يلزم بوش بتقديم تقارير فصلية حول مسار الأمور في بغداد. واضطر الديموقراطيون للانصياع لرغبة الجمهوريين والتنازل عن المطالبة بالانسحاب لعدم تمكنهم من تأمين غالبية الثلثين الضرورية لمواجهة الفيتو الرئاسي. وكان بوش استخدم الفيتو الشهر الماضي ضد مشروع تمويل الحرب تضمن جدولة لانسحاب القوات، وهدد باستخدام الفيتو مجدداً ضد أي مشروع مشابه. وبرز في جلسة التصويت داخل الكونغرس انقسام واضح في صفوف الديموقراطيين، خصوصاً المرشحين للرئاسة. وصوتت زعيمة مجلس النواب نانسي بيلوسي ضد المشروع، وأكدت أن"النقاش سيستمر"حول الموضوع، وأن الكونغرس سيعيد درس المسألة في أيلول سبتمبر المقبل. وبرز تحول جذري لدى الديموقراطيين المرشحين للرئاسة، اذ صوت كل من السناتورات هيلاري كلينتون وباراك أوباما وكريستوفر دود والنائب دنيس كوسينتش ضد المشروع الحالي، لمجاراة قاعدة الحزب المعارضة بشدة للحرب التي سيكون لها دور محوري في الانتخابات الأولية لتسمية المرشح. فيما انفعل زعيم الأقلية الجمهورية جون بونر في خطابه وظهرت دموعه عند قوله"ليس عندنا جداول للانسحاب ولا مواعيد للاستسلام". وتوقع المراقبون أن يكون الخريف المقبل حاسما لجهة أي تحول في الكونغرس في ادارة الحرب، اذ حذر نواب جمهوريون الرئيس الأميركي بأنهم سيضطرون للافتراق عن الخط الرئاسي وركوب موجة المعارضة للحرب في حال عدم تحسن مجرى الأمور في بغداد. وأشار استطلاع لشبكة"سي.بي.أس"و"صحيفة نيويورك تايمز"أن ستة اميركيين من اصل عشرة يرغبون في وضع جدول زمني لسحب القوات من العراق و80 في المئة لا يثقون في الاستراتيجية الجديدة وقدرتها على تغيير مجرى الحرب. واعتبر 61 في المئة من المستطلعين ان الولاياتالمتحدة لم تكن مضطرة لخوض هذه الحرب مقابل 35 في المئة فقط اعتبروا ان الحرب كانت الشيء المناسب الذي كان يجب القيام به.