دخلت أفلام الكرتون خريطة النشاطات الهادفة التي تسعى منظمات المجتمع المدني في اليمن من خلالها إلى التوعية ببعض المشكلات والآفات الاجتماعية وكيفية التخلّص منها. ويعتبر التمويل، من بعض المنظمات الدولية، محفزاً أساسياً للمؤسسات المحلية، لخوض هذا المجال. وكان اتحاد نساء اليمن، سباّقاً، عبر انتاج فيلم"سلمى"العام الماضي، ويدور حول تعليم الإناث وظاهرة الثأر في المجتمع. وأتبعه بفيلم"الاختطاف"، الذي يتناول خطف يمنيين لسياح أجانب. وأكّدت، رئيسة الاتحاد، رمزية الإرياني، ان فيلماً ثالثاً يُحضر له ويتناول قضية الفساد في حقل التعليم، على أن يُطلق خلال شهرين. وباتت جهود اليمنيين تظهر أكثر في تنفيذ الرسوم والقصة والسيناريو في فيلم أنتجته، أخيراً،"مؤسسة شوذب للطفولة والتنمية"وتناول ظاهرة تهريب أطفال يمنيين إلى خارج الحدود. ولقي الفيلم الذي حمل اسم"عودة أحمد"، استحساناً لجهة المستوى الفني وأهمية موضوعه الذي تطرق إلى التوعية بمخاطر تهريب الأطفال. وتسعى المؤسسة نفسها الى إنتاج أعمال مماثلة تتناول الانتهاكات التي يتعرض لها الاطفال. وفي حين لا يزال الدور الرسمي في هذا الجانب غائباً، يرى مراقبون أن إنتاج مواد كرتون ينم عن فعالية ومنفعة عامة، يمكن أن تنهض بعمل المؤسسات الذي غالباً ما يُصنّف نمطياً. ويكتسب المشروع، أهمية بالتقليل من تأثير المسلسلات الكرتونية الأجنبية والمستوردة في سلوك الأطفال وانتشار العنف بينهم، بحسب دراسة أنجزها د. وديع العزعزي. وتبشر هذه التوجهات، التي باتت عليها مؤسسات يمنية، بإمكان نشوء سوق محلية لإنتاج أعمال كرتون تساهم في اكتشاف مبدعين في مجالات مرتبطة بهذا النوع من الأفلام والمسلسلات. وكانت"شوذب"اعتمدت أسلوب المنافسة عند انتاجها"عودة احمد"، ومدّته 25 دقيقة. ومن بين نحو 100 متسابق جلّهم من الأطفال والشباب فازت رفاء الأشول بتنفيذ رسوم الفيلم. وكانت الأشول 24 سنة حصلت، وهي طالبة في المرحلة الابتدائية على ميدالية فضية في مسابقة دولية نظمتها منظمة الأممالمتحدة للطفولة يونيسيف لرسوم الأطفال، كما شاركت في معارض داخلية وخارجية وعملت رسامة قصص مصورة في عدد من مجلات الأطفال. وترى الأشول أن خبرة الكادر اليمني في صنع أعمال كرتون ما زالت ضعيفة، مشيرة إلى أنها تلقت عرضاً لإنجاز رسوم فيلم كرتون تعتزم تنفيذه جمعية تُعنى بقضايا النساء في القرى. يُشار إلى أن تنفيذ التصوير الحركي للشخصيات وأعمال"المونتاج"ما زالت تتم بواسطة شركات أجنبية إذ يفتقر اليمن الى شركات متخصصة بتقنية إنتاج الكرتون، بيد أن للكادر اليمني قدرة على استلهام البيئة المحلية ما يساعد كثيراً على تجنب سلبيات الأعمال المستوردة، فضلاً عن عكس قضايا الواقع المحلي وهمومه وربط الناشئة بثقافتهم وتاريخهم الوطني. وترى رئيسة"بيت الموروث الشعبي"، أروى عثمان أن إنتاج أعمال كرتون محلية يمكن أن يساهم في حفظ الثقافة الشعبية الشفهية وبخاصة الأغاني والتهويدات التي تعتبر جزءاً أساسياً من حياة الأطفال اليومية. ويعتقد اختصاصيون في التربية أن ما تعرضه الفضائيات من أعمال تستهدف الأطفال بات يهدد الأجيال الجديدة بالاغتراب والانسلاخ عن ثقافتها، لا سيما في ظل هيمنة المادة الأجنبية. ويرى العزعزي أن مبرر ارتفاع كلفة إنتاج أعمال تلفزيونية عربية خاصة بالطفل والناشئة غير مقنع، مشيراً في هذا الجانب إلى إمكان قيام أعمال عربية مشتركة لإنتاج أعمال خاصة بالأطفال. ويفرض التمويل الخارجي، على المؤسسات اليمنية، انتاج أعمال معينة تخدم طبيعة عمل هذه المنظمات، وبالتالي يطغى الهدف التوعوي على حساب الجانب الفني والترفيهي إلا أن هذه الخطوة على رغم حداثتها، تبشّر بتطور مستقبلي قياساً الى الغياب الذي تعانيه الدراما والسينما في اليمن.