أحكم الجيش اللبناني سيطرته أمس، على مداخل مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين ومحيطه في شمال لبنان بتقدم ملحوظ خصوصاً لجهة المدخل الشمالي، إذ اصبح عند ما يعرف بساحة القدس، وتعتبر تقريباً داخل المخيم. وفيما تواصل نزوح اللاجئين من المخيم الى محيطه هرباً من تجدد الاشتباكات بين"فتح الإسلام"والجيش اللبناني، واصل الأخير عمليات دهم واعتقال لعدد من المشتبه بهم في المنطقة، وتخلل الهدنة الصامدة منذ نحو 24 ساعة إطلاق نار متقطع في فترة الصباح. وقدرت مصادر أمنية مجموع قتلى تنظيم"فتح الإسلام"خلال الأيام الثلاثة الماضية بنحو 45 مسلحاً توزعوا بين مخيم نهر البارد ومنطقتي الزاهرية والمئتين في طرابلس، في حين بلغ عدد شهداء الجيش اللبناني 31 عسكرياً. وقالت المصادر الأمنية لپ"الحياة"ان مجموع الموقوفين لدى الجيش الذين يشتبه من انهم ينتمون الى تنظيم"فتح الإسلام"80 موقوفاً وهناك 8 موقوفين6 لبنانيين وسوريان لدى قوى الأمن الداخلي، وتوقعت المصادر ان ينخفض العدد بعد"الغربلة"الى 20 موقوفاً. وذكرت مصادر قضائية ان لدى الجيش اللبناني 17 جثة تعود الى مسلحين من"فتح الإسلام"، سلمت واحدة منها فقط الى ذوي صاحبها بعدما تطابق فحص الحمض النووي الوراثي، وتبين ان الجثة تعود الى شخص من آل الجاسم، وفيما يتواصل فحص الحمض النووي للجثث الأخرى تبين ان إحداها تعود الى شخص سعودي الجنسية بعدما وجد في جيبه كتاب تطليق لزوجته ويحمل تاريخاً يعود الى قبل عشرة أيام من اندلاع أحداث المخيم، ولفتت المصادر الى ان كل الجثث تحمل هويات لبنانية مزورة. وأشارت هذه المصادر الى ان 32 جثة سحبت من مخيم نهر البارد وستخضع لفحص"دي ان أي"للافادة من المعلومات عن أصحابها في أي تحقيقات في جرائم أخرى. وتحدث نازحون من المخيم عن 4 مفقودين ل"فتح الاسلام"ووجود جثث تابعة لمقتلي هذا التنظيم تحت الانقاض. وكانت المصادر الأمنية كشفت عن تحركات مشبوهة لأجسام غريبة رصدت في البحر قبالة مخيم نهر البارد ليل أول من أمس، وتبين انها تعود الى قاربين مطاطيين وعلى متنهما مسلحون وتعامل معهما الجيش اللبناني ما أدى الى إغراقهما. وحاول ليل أول من أمس أيضاً مسلحان ان يندسا في صفوف النازحين من المخيم فأوقفهما عناصر الجيش وعندما حاولا الفرار أرداهما الجيش الذي ضبط محاولة أخرى صباح أمس. ونفت مصادر أمنية ان يكون الأشخاص الذين استفادوا من العفو العام في أحداث الضنية قاتلوا في صفوف"فتح الإسلام"، كاشفة عن شخص واحد منهم استأجر شقة لمسلحين من التنظيم في طرابلس. واشارت معلومات امنية الى ان المسلح الذي فجر نفسه اول من امس في شقة في طرابلس لدى القاء القبض عليه من التابعية السورية ويلقب ب"ابو ياسين"وهو خبير متفجرات. وتركز التحقيقات الأمنية والقضائية على محاولة معرفة كيفية وصول مسلحي"فتح الإسلام"الى لبنان خصوصاً السوريين منهم والعرب والفلسطينيين من مواليد الأردن وسورية. ولم يستبعد أمين سر حركة"فتح"في لبنان سلطان أبو العينين في تصريح لوكالة"فرانس برس"أمس، ان تقوم حركته بالقضاء"عسكرياً"على مجموعة"فتح الإسلام". وقال:"يجب قطع هذه البؤرة الفلسطينية بيدنا وكل شيء عندي وارد حتى عسكرياً، لا نريد ان تكون بوابة الحرب اللبنانية من المخيمات الفلسطينية، علينا ان ننتقل من الأقوال الى الأفعال"، معتبراً"ان القبول باستمرارها أي المجموعة وعدم إيجاد آلية لإلغائها يعني التوقيع على الاعتراف بها". وقدر أبو العينين ان مقاتلي هذا التنظيم"باتوا على يقين بأن الجيش اللبناني لن يقبل بأي حل من دون ان يستلمهم أمواتاً أو أحياء"، مشيراً الى ان"عصابة فتح الإسلام بدأت تلفظ أنفاسها الأخيرة وهي اليوم في حال إنهاك تام لقواها العسكرية". وكشف أبو العينيين عن اجتماع تم ليل أول من أمس"مع الفصائل الفلسطينية عن ضبط الأمن داخل المخيم، لكن للأسف بعض الفصائل لم يقبل المشاركة في أي تحرك". وكان أحد الناطقين باسم مجموعة"فتح الإسلام"أكد ان المجموعة ستحترم الهدنة القائمة حالياً لكنها لن تستسلم للجيش اللبناني. وقال أبو سليم طه لوكالة"فرانس برس"في اتصال هاتفي:"اننا نحترم الهدنة لكننا لن نستسلم. وسنقاتل حتى آخر قطرة دم في حال تمت مهاجمتنا، نحن لا نمنع المدنيين من الخروج". وتابع وزير الدفاع الياس المر المهمات التي ينفذها الجيش اللبناني في سبيل ضبط الوضع الأمني وإنهاء الحالة الشاذة لظاهرة"فتح الإسلام"، وترأس سلسلة اجتماعات أبرزها مع قائد الجيش العماد ميشال سليمان جرى خلاله تأكيد"الدعم الكامل لقيادة الجيش والثناء على تضحيات الضباط والعسكريين". والتقى المر مدير المخابرات في الجيش العميد جورج خوري. واطلع من مدير العمليات في الجيش العميد فرنسوا الحاج على"سير المهمات التي تنفذها الوحدات المنتشرة في محيط مخيم البارد في ملاحقة أفراد المجموعة الإرهابية".