وُلِد غاليلي غاليليو في مدينة "بيزا" الايطالية في 15 شباط فبراير 1564، وصمّم والده الضليع في الرياضيات ان يوجه الابن لدراسة الطب. ولكن غاليليو انجذب إلى الرياضيات، وخصوصاً بعد متابعته دروساً في الهندسة، وقراءته لأرخميدس، فقرّر تكريس حياته لذلك العلم. وعلى عكس معاصريه، الذين سيطر على أدمغتهم الفيلسوف اليوناني الشهير أرسطو وفلسفته وعلومه، آمن غاليليو بأهمية التجربة. وفي سن 17 سنة، توصّل إلى اكتشافه الأول المهم، أثناء متابعته دروساً في الطب. فخلال قدّاس في كنيسة"بيزا"، لاحظ ان الشمعدان المتدلي من السقف، كان يتأرجح فوق رؤوس الحاضرين. وتبيّن له ان أوقات الجفاف، تزيد من مدى تأرجح الشمعدان، لكن الوقت الذي يستغرقه لقطع مسافة الذهاب والأياب لا يتأثر بمدى ذلك التأرجح. وتابع تجاربه على رقاص ساعة المنزل، واكتشف ان تأرجحه يعتمد على طوله، وليس على المسافة التي يقطعها ذهاباً وأياباً. عمل غاليليو عشرين سنة، بعد تخرجه، مدرساً للرياضيات، في جامعة"بيزا"ثم في"بادوا". واهتم بعلم الميكانيك، وخصوصاً بحركة الاجسام الساقطة، التي لم تكن دراستها سهلة في زمن لم تُكتشف فيه الساعات الميكانيكية. وسرعان ما توصل إلى إثبات حقيقة مُهمة: مُعدل سقوط الأجسام لا يعتمد على كتلتها. وخالفت تلك الحقيقة أراء ارسطو التي ربطت بين سرعة سقوط الأجسام وحجمها. وسرعان ما صارت أراء غاليليو موضع نزاع مرّ. ولكي يُثبت صدق ما نادى به، عمد غاليليو إلى دراسة تدحرج الكُرات على سطح مائل، واستطاع ان يحسب معدل سقوطها، من دون استخدام الساعة. وقاده الأمر إلى 3 اكتشافات اخرى. تمثّل الاكتشاف الأول في ملاحظته ان الكرات التي تسقط من علو معين، لا تتأثر بالزاوية التي تبدأ منها حركة السقوط. ونَصَّ الثاني على ان سقوط الأجسام يتعرض لتسارع مستمر، وذلك على عكس ما نادى به أرسطو الذي اعتقد بأن سرعة سقوط الأجسام ثابتة. ويمكن النظر إلى اكتشافه الثالث باعتباره الأهم، لأنه يقرر وجود علاقة بسيطة بين العلو الذي تسقط منه الأجسام والمدة التي تستغرقها للوصول إلى الأرض. وبيّن ان تلك المسافة تتناسب مع زمن السقوط مضروباً بنفسه. فمثلاً، يقطع الجسم الساقط في ست ثوانٍ مسافة تساوي أربعة أضعاف تلك التي يقطعها في 3 ثوانٍ. ولعبت هذه المُعادلة دوراً كبيراً في توصّل اسحاق نيوتن لاحقاً إلى صوغ"نظرية الجاذبية الكونية". واكتشف غاليليو أيضاً ان المسار الذي تتخذه أجسام مثل قذائف المدفعية، يعتمد على سرعة سقوطها الحُرّ وقوة الدفع إلى الأمام. وأعطى عسكريو أوروبا، وعلماء الفلك فيها، اهتماماً كبيراً لهذا الاكتشاف. فمثلاً، جاء أحد الاعتراضات الدائمة على نظرية كوبرنيكوس عن حركة الكواكب السيّارة، من القول إن دوران الأرض حول نفسها يولّد قوة طاردة كبيرة، مما يجعل الأشياء غير الثابتة على سطحها تُقذف إلى الفضاء، وذلك أمر ينفيه الواقع. وجاء اكتشاف غاليليو ليُثبت وجود قوة تشد الأجسام إلى الأرض، بأكبر من القوة التي تتولد من دوران الأرض حول نفسها. وبذا، وجد غاليليو برهاناً لنظرية كوبرنيكوس عن حركة الافلاك السماوية، وجعلها أكثر قدرة على الإقناع.