أكدت دراسة فرنسية - ألمانية نشرت أخيراً أن "الاقتصاد الأوروبي يشهد حالياً تطوراً ديناميكياً مشهوداً وتمكن في عام 2006 من تجاوز الحجم المالي الذي حققه الاقتصاد الأميركي". وتعاون على وضع الدراسة، الأولى من نوعها،"المعهد العالي للدراسات التجارية"في باريس و"المعهد الاقتصادي العالي"الألماني في برلين، بهدف تشجيع المستثمرين على الاستثمار في فرنساوألمانيا. وذكرت النشرة الاقتصادية الدورية التي تصدرها"غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية"الغرفة أن من جملة المسائل التي بحثتها الدراسة للمرة الأولى"كيفية تقويم الكفاءات التنافسية بين أوروبا والولاياتالمتحدة، استناداً إلى معايير علمية يمكن التحقق منها، بهدف مقارنة أداء السوق الأوروبية بالمناطق الاقتصادية الدولية الأخرى"، مشيرة في هذا المجال إلى اعتماد 56 مؤشراً كأساس للتقويم. وأوضحت خلاصة الدراسة أن أوروبا"تشكل المنطقة الاقتصادية الريادية عالمياً اليوم"، بعد أن تجاوز مجمل الناتج القومي الخام فيها، الناتج القومي المجمّع للولايات المتحدة والصين والهند وأميركا اللاتينية. إذ في مجال التجارة الخارجية، تقف أوروبا في الطليعة حالياً من حيث الصادرات إلى الخارج، وكذلك الأمر في مجال الاتصالات والتطوير، كما تتمتع بقوة جذب كبيرة للاستثمارات الدولية، وتسجل نسبة عالية من الباحثين المتخصصين في مختلف أنواع العلوم. وتفيد البيانات والمؤشرات الأوروبية الصادرة أخيراً، مثل"مؤشر معهد البحوث البريطاني"، بأن اقتصاد دول"منطقة اليورو"يواصل تطوّره ونموّه. وفي الوقت الذي حقق الاقتصاد الفرنسي ديناميكية أعلى من الاقتصاد الألماني، سجّلت إسبانيا وإيطاليا تقدماً أيضاً، علماً أن دينامية اقتصاد إيطاليا تؤشر إلى تراجع. وسجل"مؤشر المعهد البريطاني حول النمو"57.4 نقطة، متراجعاً بصورة طفيفة، لكن مؤشر الطلبيات أظهر أن الطلب على صادرات هذه الدول لا يزال يتجه إلى الأعلى، كما أن فرص التشغيل ازدادت، كما لم تسجل الأسعار ارتفاعاً غير عادي، إلا أن التضخم زاد عن المعدّل المتوسط أخيراً. تفوّق ألمانيا وفي تقريره الأخير عن وضع الاقتصاد العالمي، رفع"صندوق النقد الدولي"توقّعه للنمو في ألمانيا لهذه السنة، من 1،3 إلى 1،8 في المئة، مقابل 2،9 في المئة في بريطانيا التي ستتبوأ المرتبة الأولى في النمو بين الدول الأوروبية هذه السنة، علماً أن الحكومة الألمانية رفعت توقعاتها لنسبة النمو إلى 2،3 في المئة، وأهم خمسة معاهد بحوث اقتصادية ألمانية، رفعته إلى 2،4 في المئة. وعلى رغم اعتبار"صندوق النقد الدولي"أن معدل النمو المتوقع في ألمانيا"ليس عالياً بما فيه الكفاية هذه السنة"، رأى أن تحقيقها نمواً بلغ 2،7 في المئة في العام الماضي يجعلها من جديد"قاطرة النمو في أوروبا". ويتوقع خبراء أوروبيون بعد البيانات الإيجابية عن الاقتصاد وتوقعات رفع الأجور أن يلجأ"المصرف المركزي الأوروبي"إلى رفع الفائدة على اليورو من جديد، بمعدل ربع نقطة على التوالي في كل من شهري حزيران يونيو وأيلول سبتمبر المقبلين، لتصل إلى 4،52 في المئة. وكان رئيس المصرف المركزي الأوروبي، جان كلود تريشيه، أعلن بعد قرار رفع الفائدة إلى 3،57 في آذار مارس الماضي أن"نهج الزيادة الذي بدأه المصرف عام 5002، لم يصل إلى نهايته بعد". واعتبر عضو مجلس إدارة المصرف ورئيس البنك المركزي اليوناني، نيكولاس غارغاناس، أن الازدهار الاقتصادي القوي والارتفاع الجديد في أسعار النفط"لا يتركان حالياً مجالاً لاستبعاد محاذير التضخم المالي"، كما رأى زميله فيتور كونستانسيو أن"مستوى الفائدة المرتفع على اليورو لا يشكل عائقاً أمام مجيء الاستثمارات إلى أوروبا". لكن رئيس"إتحاد أرباب العمل الأوروبيين"، أرنست- أنطوان سييار، حذّر"المركزي الأوروبي"من التمادي في رفع الفائدة على اليورو، قائلاً إنه"في حال تجاوزها الأربعة في المئة، نكون دخلنا عالماً آخرَ ووصلنا إلى نهاية تفهمنا للأمر، لأن ذلك سيعني ارتفاعاً في قيمة اليورو، ما سيؤثر سلباً على مسيرة الانتعاش الاقتصادي". وبخصوص مخاوف تراجع الانتعاش في الولاياتالمتحدة أكبر اقتصادات العالم، طمأن"صندوق النقد الدولي"مطلع نيسان إبريل الجاري إلى أن"هذا الأمر لن يترك انعكاسات سلبية قوية على النمو الاقتصادي العالمي"، الذي ذكر أنه سينمو بنسبة 4،9 في المئة هذه السنة، مقابل 5،4 في المئة العام الماضي. ورأى"الصندوق"في تقرير له"أن طالما بقي التراجع محصوراً في القطاع العقاري المُصاب بالوهن منذ فترة، فلا يوجد سبب جدي للقلق على الاقتصاد العالمي". لكن الصندوق تخوّف في الوقت ذاته"من أنه في حال أدى التراجع في قطاع العقارات إلى تراجع الاستهلاك الداخلي وخفض الاستثمارات في الصناعة، سيؤدي تباطؤ النمو الاقتصادي الأميركي عندها إلى كبح تقدم النمو عالمياً". وخفّض"صندوق النقد الدولي"توقّعه لنمو الاقتصاد الأميركي في السنة الجارية، من 2،9 إلى 2،2 في المئة، مقابل 3،3 في المئة العام الماضي، لكنه توقع أن يعود فيرتفع إلى 2،9 في المئة في عام 2008.