أطلق تصاعد حملات القتل والاعتقال التي تنفذها قوات أميركية وعراقية في حق عناصر في التيار الصدري و "جيش المهدي" جدلاً داخلهما حول كيفية التعامل عسكرياً وسياسياً معها، في ظل تباين في الآراء حيال التعاطي مع العناصر المنشقة والمدعومة ايرانياً. وأكد عضو الكتلة الصدرية النائب سلام المالكي ل "الحياة" أن "صمت التيار وجيش المهدي أمام جرائم القتل والخطف التي يتعرض لها على يد قوات الاحتلال، لم يكن عن ضعف أو رضوخ إلى ضغوط، بل جاء دعماً للحكومة العراقية في مواجهتها الارهاب". وأشار الى"عجز"الحكومة عن منع الاميركيين من تنفيذ أجندتهم لكون"الملف الأمني لا يزال في يد هذه القوات". وكشفت مصادر قريبة من الزعيم الشيعي مقتدى الصدر ل"الحياة"عن مداولات على مستوى القيادات المحيطة بالصدر في خصوص وضع آلية للتصدي"للاعتداءات الاميركية"المتكررة ضد عناصر"جيش المهدي"والتيار من جهة، وتصاعد استهداف الاحياء الشيعية داخل بغداد ومحافظات أخرى من جهة ثانية. وكشفت هذه المصادر عن ورود"رسائل من قواعد التيار الى الصدر تطالبه بالرد السريع على استهداف الارهابيين المناطق الشيعية وكذلك الاعتداءات الاميركية ضد قيادات في تيار الصدر". وكشفت هذه المصادر عن ثلاث أفكار متداولة داخل قيادات الصف الأول في التيار في خصوص آلية الرد ومعالجة اختراق دول أجنبية ل"جيش المهدي"، إذ يدعو بعض القيادات الى الدفاع الشامل عن أتباع التيار الصدري، بمن فيهم المنضوين في جماعات ارتبطت بدول شيعية، في اشارة الى منشقين عن"جيش المهدي"يتلقون تمويلاً ايرانياً. في المقابل، يطالب بعض القيادات أيضاً بشن حملة"تنظيف وتطهير"للتيار و"جيش المهدي"تستهدف"فرق الموت"وعصابات الخطف والابتزاز والعناصر الخارجة عن سلطة"مكتب الشهيد الصدر"، والتي لها ارتباطات خارجية. وبرزت دعوات الى وضع برنامج سياسي لمواجهة التصعيد الاخير مع الحكومة وآخر عسكري للتصدي لقوات الاحتلال. كما أن هناك قياديين يدعون الى عدم التورط في الدفاع عن جميع قيادات وكوادر التيار و"جيش المهدي"، تلافياً لمضاعفات ذلك. وقال قيادي في مكتب الصدر ل"الحياة"إن"كفاءات كثيرة تركت العمل السياسي والعسكري في مكاتب الصدر بسبب عدم وضوح السياسة العليا للخط الصدري". وأضاف:"طالبنا كثيراً بتنظيف الجهات السياسية والعسكرية للمكتب من العناصر الانتهازية ومعالجة الاختراقات، لكن لم نجد آذاناً صاغية من قيادات الصفين الأول والثاني". وأوضح أن"هذه المستويات القيادية"تحولت الى جدار حاجز بين كوادر المكتب والسيد الصدر". وحذر هذا القيادي من مغبة الوقوع في فخ الاستخبارات الايرانية، لافتاً الى"عمق التغلغل الاستخباراتي الايراني الذي وصل الى حد يمكنه فيه تسليم نسبة عالية من القيادات والكوادر الصدرية في اطار صفقة سياسية مع الجانب الأميركي". من جهة ثانية، اعتبر الجنرال في الجيش العراقي السابق اسماعيل المشكوري أن تحقيق نجاحات في الخطة الامنية، دفع المسلحين الى تصعيد عملياتهم لتعطيل هذه الخطة وإفشالها، إلا أن هناك أوساطاً ترى أن تصعيد القوات الأميركية حملاتها ضد التيار الصدري وتأخرها في مناطق غرب بغداد وجنوبها، قد يساعد"جيش المهدي"على الظهور مرة أخرى. كما أن فتح القوات الأميركية جبهات عديدة في بغداد، انشغلت بها القوات العراقية على رغم نقص عديدها وعتادها، أفسح في المجال أمام دخول المسلحين الذين باتوا يستفيدون من تعليق ميليشيات شيعية نشاطها ومغادرة قادتها بغداد أو البلاد.