قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، مخاطباً أعضاء مجلس الشورى خلال افتتاحه أعمال السنة الثالثة من الدورة الرابعة للمجلس أمس:"من حقكم علي أن أضرب بالعدل هامة الجور والظلم، وأن أسعى إلى التصدي لدوري مع المسؤولية تجاه ديني ثم وطني وتجاهكم، وأن أدفع بكل قدرة يمدني بها الخالق جل جلاله كل أمر فيه مساس بسيادة وطني ووحدته وأمنه". وأضاف:"ليعلم كل مسؤول أنه مساءل أمام الله سبحانه وتعالى، ثم أمامي وأمام الشعب السعودي، عن أي خطأ مقصود أو تهاون". واكد أن السعودية"أصبحت وطن الاستقرار في محيط مضطرب بالفتن والحروب، ولذلك فإن التحدي الذي يواجهنا هو المحافظة على هذه الوحدة الوطنية وتعميق مضامينها"، ملاحظاً أن"تأجيج الصراعات المذهبية وإحياء النعرات الإقليمية، واستعلاء فئة في المجتمع على فئة أخرى، تناقض مضامين الإسلام وسماحته، وتشكّل تهديداً للوحدة الوطنية وأمن المجتمع والدولة"، وداعياً مجلس الشورى إلى أن تكون الوحدة الوطنية في صدارة اهتماماته. وشدد الملك عبدالله على أن"المسؤولية المشتركة بين الجميع تفرض على كل مسؤول تقلّد أمراً من شؤون هذا الشعب الكريم مسؤولية القيام بأمانته، واضعاً نصب عينيه أنه خادم لأهله... ان العطاء يكون بالأفعال، ولذلك فإننا سنسعى بشكل جاد تجاه تنمية شاملة، تتحقق معها بإذن الله آمالنا وطموحاتنا... وكل ذلك لا يتحقق إلا بمشاركة الجميع". واضاف أن"الوطن لا يزال يواجه ظاهرة الإرهاب، على رغم الانحسار الذي حصل أخيراً في ما تقوم به الفئة الضالة من أعمال"، مشددا على أن"الأمن والأمان هما أهم أركان الاستقرار في المجتمع، وأهم مطالب التنمية، وهذا يجعلنا عازمين وبكل حزم على التصدي للإرهاب ومظاهره مهما طال الزمن، ومهما كلف الثمن، حتى تُرد الفئة الضالة إلى رشدها او يتم استئصالها من المجتمع السعودي". وحيّا"رجال الأمن الشجعان على بسالتهم في حماية منجزات الوطن والمواطن، وضرب فلول الإرهاب العابثة بالدين والقيم والأخلاق والمروءة". واعلن أن السعودية تجاوزت في مجال التنمية السقف المعتمد لإنجاز عدد من الأهداف التنموية، التي حددها"إعلان الالفية"للأمم المتحدة عام 2000، مؤكداً أن السعودية على طريق تحقيق عدد آخر منها قبل المواعيد المقترحة. وتحدث الملك عبدالله عن اوضاع المنطقة، فقال انها"تجتاز مرحلة خطرة، تتعدد فيها الصراعات وتتعاقب الأزمات، وتتنامى التدخلات، ما أوجد حالاً من الاضطراب وعدم الاستقرار، ما استوجب أن تضاعف ديبلوماسيتنا السعودية جهودها على الساحتين الإقليمية والدولية، عبر انتهاج الحوار والتشاور وتغليب صوت العقل والحكمة". وفي المجال الخارجي، أشار إلى أن"من واجب السعودية وهي تحرص على إصلاح أحوال العرب والمسلمين وجمع كلمتهم، أن تبادر قبل غيرها إلى صياغة دور فاعل خليجياً وعربياً وإسلامياً، كي تتمكن من تفعيل أسس التعاون في سبيل الحفاظ على هوية الأمة العربية والإسلامية، والدفاع عن قضاياها، وصيانة مصالحها، والتصدي لأخطار الفتنة والانقسام والصراع التي تهدد كيانها، ويأتي في مقدمها تصاعد الفتنة بين المذاهب الإسلامية، خصوصاً بين الشيعة والسنة، وإشعال فتيل النزاع الطائفي في أماكن مختلفة من عالمنا الإسلامي، وخاصة ما يحدث في العراقولبنان". وتحدث الملك عبدالله عن القضية الفلسطينية التي اعتبرها"قضية العرب الأولى، ومحور تحرك المملكة السياسي على الساحات الإقليمية والدولية"، مشيراً إلى دور السعودية في استضافة الفلسطينيين وتوصلهم إلى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، واحتواء الأحداث التي شهدتها الساحة الفلسطينية الداخلية، مؤكداً أن القضية الفلسطينية ستظل محور جهود السعودية"للوصول إلى الحل السلمي العادل والشامل والدائم وفق قرارات القمم العربية". وفي ما يخص لبنان، شدد خادم الحرمين الشريفين على أن"الاضطرابات الداخلية التي شهدتها وتشهدها الساحة اللبنانية تهدد لحمة لبنان وشعبه الشقيق، بل وسيادته واستقلاله أرضا وشعباً، وهو أمر له تداعياته على المنطقة واستقرارها وأمنها". ودعا اللبنانيين إلى"استثمار أجواء التهدئة لمعالجة خلافاتهم بموضوعية، عبر الحوار والتفاهم بين جميع الفئات والطوائف، وتغليب صوت الحكمة والعقل حفظاً لسلامة لبنان ووحدته الوطنية، وصوناً لاستقلاله وسيادته ووحدة إقليمه"، مؤكداً دعم السعودية اقتصاد لبنان وإعادة إعماره على المستويين الثنائي والدولي. ولفت إلى أن السعودية حريصة على المشاركة في جميع اللقاءات والمؤتمرات والاجتماعات الإقليمية والعربية والدولية، بهدف مؤازرة الجهود الرامية إلى إعادة الأمن والاستقرار للعراق، وتكريس وحدته الوطنية على مبادئ المساواة والتكافؤ في الحقوق والواجبات، والمشاركة في الثروات بين أبناء العراق كافة بمختلف مذاهبهم وأعراقهم وأطيافهم السياسية.