تحولت ندوة عقدت لمناقشة ديوان "الثناء على الضعف" للشاعر المصري حلمي سالم الى حملة ضد مصادرة مجلة "إبداع" بدعوى تضمنها مقاطع من الديوان نفسه"تسيء الى الدين". وخلال الندوة التي نظمتها"ورشة الزيتون الإبداعية"تداعى المشاركون الى التجمع في مقر"الجمعية المصرية للتنوير"غداً الأحد لتوقيع بيان يدين قرار المصادرة الذي اتخذه رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب ناشرة المجلة الدكتور ناصر الأنصاري الذي صرح لأسبوعية"أخبار الأدب"القاهرية بأن قراره استند الى"لجان فحص خاصة بي تنبّهت الى القصيدة بعد صدور العدد". وتداول المشاركون في الندوة التي نظمت أول من ام وأدارها الشاعر شعبان يوسف، شائعة مفادها أن شاعراً معروفاً يعمل في الهيئة المصرية العامة للكتاب هو الذي حرّض على مصادرة المجلة في"تقرير"رفعه الى الأنصاري. إلا أن حلمي سالم بدا أكثر ميلاً الى ترجيح أن عمال المطابع في الهيئة نفسها هم الذين حرضوا على مصادرتها. وألقى نائب رئيس تحرير المجلة الشاعر حسن طلب بالتهمة على"المتربصين من صغار الشعراء الذين لم يزدهم نفاد النسخ المطروحة من السوق، إلا إصراراً على الكيد ورغبة في الهدم"، ورد هذا الكلام في مقال تنشره"أخبار الأدب"في عددها الذي يصدر غداً الأحد. ولوحظ أن شعبان يوسف وضع للندوة عنواناً هو"الشعر في مواجهة ضابط البوليس"، مشدداً على أن"ضابط التشريفات لا يصح له أن يكون ضابطاً للثقافة"، في إشارة إلى مهنة رئيس الهيئة المصرية العامة قبل توليه عدداً من المناصب الثقافية الرسمية، منها رئيس دار الاوبرا المصرية ومدير"معهد العالم العربي"في باريس. وقال شعبان يوسف:"إن الحكم على الجمال"لا ينبغي ان يستند إلى ما هو عقائدي"، معتبراً قرار المصادرة"محاولة لكسب موقف أمام من يسمون بالجماعات الإسلامية". وقرأ حلمي سالم المقاطع الإحدى عشرة التي نشرت في العدد المصادر من مجلة"إبداع"بعنوان"شرفة ليلى مراد"على أن قصائد"الثناء على الضعف"كتبت بين عامي 1995 و2002. وأكد أن المقطعين اللذين أثارا الأزمة ليس فيهما ما يسيء إلى الدين، مشيراً إلى أنه هو الذي استبدل لفظ الجلالة"الله"في المقطعين بلفظة"الرب"على اعتبار المجلة تستهدف جمهوراً أوسع، بحسب قوله. واستهل الشاعر كريم عبد السلام حديثه عن الديوان بإبداء عدم استغرابه قرار المصادرة على اعتبار انه صادر عن"مؤسسة قائمة على الخوف". ورأى ان حلمي سالم"بارع في تقديم علاقات مكثفة في شعره تتسم بالغموض، لكنها تمتلك سراً ما يجعلنا لا نفلتها أو نتخلى عنها ونحن مستريحو الضمائر". ولاحظ الناقد صلاح السروي ان حلمي سالم يصنع شاعريته الخاصة بالمواءمة بين ما هو متسام فوق إنساني وبين ما هو يومي منتهك ودارج وآني. وأضاف ان حلمي سالم مهموم باقتناص طيفه الخاص فيتوسل، كما قال لوتمان، بالمتوقع وصولاً الى اللامتوقع، مروراً بإعادة تأويل الدلالات الجاهزة- وخلال الندوة اكتفت الاختصاصية في علم الاجتماع سامية الساعاتي بطرح السؤال الآتي:"لمن يكتب حلمي سالم؟". أما الروائي فتحي إمبابي فآثر أن يرد على سؤال الساعاتي نيابة عن سالم قائلاً إنه"يكتب للمثقفين". ورأى إمبابي في فعل المصادرة أمراً إيجابياً"على اعتبار ان تطور المجتمعات يقوم على الصراع بين المثالية والمادية". ورأت الروائية أمينة زيدان ان المصادرة عموماً تقف وراءها"سلطة غبية"، واعتبرها الشاعر اليمني عبد الباري طر مرتبطة بضعف الاستبداد ما يؤدي بالسلطة الى التمترس وراء المقدس ليس لحمايته بل لحماية نفسها.