يؤكد عدد من الوزراء والنواب اللبنانيين السابقين ممن يصنفون أنفسهم في خانة التحالف الاستراتيجي مع النظام السوري ان كبار المسؤولين في دمشق مرتاحون الى التطورات على الساحة اللبنانية معتبرين انها تصب في مصلحة قوى المعارضة التي نجحت في تسجيل اكثر من نقطة ضد الأكثرية النيابية التي تدعمها الولاياتالمتحدة الأميركية وفرنسا وتستخدمانها في معركتها لتصفية الحسابات مع الرئيس بشار الأسد. ويضيف هؤلاء الوزراء والنواب الذين يترددون باستمرار على العاصمة السورية ان تطور الأحداث في لبنان سيقود حتماً الى إضعاف الأكثرية بعدما أوشكت قوى المعارضة على الإمساك كلياً بزمام المبادرة وأن صيغة الپ19- 11 التي كانت مطروحة في السابق لحكومة الوحدة الوطنية أصبحت من الماضي بعدما نجحت المعارضة في اختبار الصمود وتمكنت من الخروج منتصرة من المواجهة مع الأكثرية حتى الآن. ويؤكد الوزراء والنواب ان استحقاق الانتخابات الرئاسية لن يمر ما لم تعترف الأكثرية بهزيمتها في المعركة السياسية، وأن رئيس الجمهورية الجديد لن يكون بعيداً من أطياف المعارضة بكل أحزابها وقواها وشخصياتها، وإلا فإن الانتخابات الرئاسية لن تحصل في موعدها مهما اشتدت الضغوط على سورية والمعارضة في آن معاً. ويعتبر زوار دمشق ان لا مشكلة في تراجع الاقتصاد اللبناني، لأن المهم في الوقت الحاضر ان تنجح المعارضة في استعادة الهوية القومية والعربية للبنان، وهم يؤكدون انها ستنجح في استرداد هذا البلد، وبعدها ستكون قادرة على إنعاشه اقتصادياً. ويرون صعوبة في اعادة إنتاج صيغة جديدة للسلطة ما لم تقر الأكثرية"الوهمية"بضرورة استبعاد الرئيس فؤاد السنيورة عن رئاسة الحكومة والمجيء برئيس قادر على التوفيق بين اللبنانيين وتصحيح العلاقات اللبنانية - السورية وتصويبها في اتجاه يخدم مصالح الشعبين ومصيرهما المشترك، مشيرين إلى انهم لمسوا من كبار المسؤولين السوريين ارتياحهم إلى مستقبل الوضع في لبنان بعدما أخذت الضغوط تتراجع واستعيض عنها بهجوم ديبلوماسي أوروبي وأميركية نحو دمشق، ومستشهدين بزيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي دمشق اخيراً باعتبارها تأكيداً ان لا حل للمشكلة اللبنانية من دون سورية... وأن تجربة العداء لها انعكست سلباً على الأكثرية. وإذ يؤكد زوار دمشق ان لا مصلحة لسورية في تهديد الاستقرار الأمني في لبنان، نقلوا عن كبار المسؤولين السوريين وقوفهم من دون تردد الى جانب ما يجمع عليه اللبنانيون سواء بالنسبة الى إنشاء المحكمة الدولية لمحاكمة المتهمين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ام في شأن تشكيل حكومة وحدة وطنية تمنع الأكثرية من التفرد في تقرير مصير لبنان وإخراجه من تفاعله مع محيطه العربي بدءاً بسورية. إلا ان هؤلاء الزوار يميزون بين زيارة بيلوسي بيروت وبين محادثاتها في دمشق، ليس لأنها من اشد خصوم الرئيس الأميركي جورج بوش فحسب، وإنما لإدراكها ان لا حل للأزمة في لبنان من دون سورية او على حسابها. ويعكس الزوار ارتياح القيادة السورية الى زيارة بيلوسي ومحادثاتها مع الرئيس الأسد الذي اصطحبها في سيارة قادها بنفسه في جولة شملت معظم احياء العاصمة السورية، وهم يعتبرون ان مجرد زيارتها يعني خرق الحظر الأميركي المفروض على سورية. كما ان الزوار يبدون ارتياحهم الى مسار الاتصالات الجارية بين دمشقوواشنطن بعيداً من الأضواء، وبواسطة أصدقاء مشتركين ووسطاء دوليين في مقابل هجومهم على الإدارة الأميركية متهمينها برفض أي شكل من أشكال الحلول للأزمة اللبنانية لأن بوش يريد الإبقاء على لبنان رهينة للتفاوض عليه في وقت لاحق. وفي هذا السياق يتهم الزوار واشنطن بأنها كانت وراء القضاء على الفرصة التي أتيحت للبنان للخروج من أزمته مؤكدين ان الأكثرية استجابت بملء إرادتها للطلب الأميركي الذي عطّل على لبنان فرصة اقتناص الحل قبل عقد القمة العربية. كما يتهمان السفيرين الفرنسي برنار ايمييه والأميركي جيفري فيلتمان بأنهما كانا مباشرة وراء عدم تجاوب الأكثرية، إضافة إلى انهما كانا السباقين في التقليل من اهمية النتائج الإيجابية لقمة الرياض العربية على الساحة اللبنانية. وعلى هذا الصعيد ايضاً يؤكد الزوار ان لا شيء يمكن ان يمر في لبنان من دون موافقة المعارضة التي التي أصبحت القوة الرئيسة في لبنان وباتت ممسكة بزمام الأمور في مقابل استغراب مصادر في الأكثرية الازدواجية التي تقول انها تتحكم حالياً بخطاب المعارضة، فهي تهاجم واشنطن في بيروت وترحب بأي موفد أميركي في دمشق. وتؤكد مصادر في الأكثرية مضيّها في معركتها ضد النظام السوري بسبب قتاله الشرس ضد قيام المحكمة الدولية خلافاً لما يدعيه كبار المسؤولين فيه بأنه يؤيد ما يجمع عليه اللبنانيون. وذكّرت المصادر النظام السوري بأن مؤتمر الحوار الوطني اللبناني كان أجمع على إنشاء المحكمة الدولية وتحديد الحدود بين البلدين وإقامة علاقات ديبلوماسية، لافتة الى ان الجميع يعرف من افسد على المتحاورين وضع ما أجمعوا عليه موضع التنفيذ وهو دمشق. كما سألت المصادر النظام السوري عن موقفه من النقاط السبع التي أجمع عليها مجلس الوزراء ونجحت الحكومة من خلالها في إدخال تعديلات على مشروع القرار الأميركي - الفرنسي لوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان في تموز يوليو الماضي بما يتلاءم مع هذه النقاط التي أدرج بعضها في صلب القرار 1701؟ وقالت:"ألم تكن دمشق وراء مطالبة رئيس الجمهورية اميل لحود بالتراجع عنها في قمة الرياض خلافاً لادعاءاتها بتأييد الإجماع اللبناني؟ إضافة إلى انتقادها حلفاءها في مؤتمر الحوار على تأييدهم المقررات، وإن على لسان شخصيات لبنانية حليفة لها". واتهمت مصادر الأكثرية النظام السوري بالتناغم مع اسرائيل، على قاعدة حماية تقاطع المصالح بين البلدين. وقالت ان الاتهام يتعلق بالمفاوضات السرية التي كانت تدور بين دمشق وتل ابيب إبان الحرب الإسرائيلية على لبنان، والتي لم تنفها الأولى، بمقدار ما انه يتعلق بموقفي البلدين في مجلس الأمن الدولي في اجتماعاته الأخيرة للتشاور في ما طبق من القرار 1701 والأسباب التي ما زالت تعيق تطبيق ما تبقى منه. واوضحت المصادر ان طبيعة المصالح كانت وراء إصرار البلدين على حذف أي إشارة في البيان الرئاسي لمجلس الأمن تتبنى ما ورد في النقاط السبع للحكومة اللبنانية خصوصاً لجهة البند الخاص بالتزام مجلس الأمن وضع منطقة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا تحت سلطة الأممالمتحدة حتى ينجز ترسيم الحدود وبسط السلطة اللبنانية على هذه الأراضي، علماً انه ستكون خلال تولي الأممالمتحدة السلطة، مفتوحة امام أصحاب الأملاك اللبنانيين، إضافة الى تسليم إسرائيل كل خرائط الألغام المتبقية في جنوبلبنان الى الأممالمتحدة". وبحسب المعلومات التي توافرت للأكثرية، فإن مندوبي اسرائيل وسورية في مجلس الأمن ضغطا لحذف أي شيء يتعلق بمزارع شبعا، وأصرا على الاكتفاء بالعبارة التي تشير الى ان ترسيم الحدود في المزارع هو عمل سوري - لبناني مشترك. وأضافت المصادر ان الحكومة اللبنانية مارست كل اشكال الضغوط للإبقاء على الفقرة الخاصة بالمزارع والتي تنسجم مع نقاطها السبع اضافة الى تأكيد الدور الذي باشره الفريق الفني التابع للأمم المتحدة في شأن ترسيم الحدود مستعيناً بخرائط قديمة من أرشيف الخارجية الفرنسية وأخرى التقطت لهذه المنطقة بواسطة الأقمار الاصطناعية. وأكدت مصادر الأكثرية ان الحكومة نجحت في الإبقاء على الفقرة الخاصة بالمزارع الى جانب الفقرة التي تنص على ان الترسيم في هذه المنطقة هو شأن لبناني - سوري مشترك، وقالت ان إسرائيل ضغطت بكل قوتها لحذف الفقرة الأولى حتى لا تحرج سورية.