قال مصدر ديبلوماسي عربي لپ"الحياة" إن المصالحة بين الرئيس السوري بشار الأسد وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، مهدت لمرحلة من التواصل بين الجانبين لمعالجة الملفات المختلف عليها بين الرياض ومعها عدد من الدول العربية وبين دمشق، لأن الاجتماع الذي كان الهدف الأساس منه تبديد الأسد الانطباع بأنه قصد القادة العرب حين تحدث عن أنصاف الرجال في خطابه الصيف الماضي، لم ينته الى اتفاقات واضحة حول هذه الملفات العربية والإقليمية. وأوضح المصدر ان إزالة الانطباع بأنه استهدف القيادة السعودية خلال لقائه بالملك عبدالله استغرق جزءاً لا بأس به من الوقت، وأن الأسد أوضح انه لا يمكن أن يستهدف الجانب السعودي بأي كلام يُعتبر مسيئاً وأنه يحرص أشد الحرص على العلاقة الشخصية معه وعلى العلاقة الموروثة من والده الرئيس الراحل حافظ الأسد. وأشار المصدر الى أن الأسد أكد أنه يقصد بكلامه في خطابه في آب أغسطس الماضي أحد أقطاب الأكثرية اللبنانية وبعض قادتها تحديداً. وتردد أنه سمى القطب الذي يعنيه بكلامه. وفي كل الأحوال، أكد المصدر الديبلوماسي العربي الذي تسنى له الاطلاع على جانب من المصالحة السعودية - السورية، أن هناك قراءة مختلفة بين الدول العربية المعنية بتعديل السياسة السورية ازاء الوضع الإقليمي بنتيجة المصالحة، وبين القراءة السورية في هذا الشأن. ورأى المصدر عينه ان الدول العربية المتعاونة مع التوجه السعودي تتوقع من دمشق بعد قمة الرياض، وفي الأشهر المقبلة، تعديلاً في سياستها في ملفات العراقوفلسطينولبنان وفي شأن التحالف مع إيران، معتبرة ان مدخل التحسن في العلاقات يشمل كل هذه الميادين، بينما يرى الجانب السوري ان المدخل الأساس لتحسن العلاقة وعودتها الى سابق عهدها هو التعاون بين البلدين إزاء معالجة الأزمة اللبنانية في البداية. وقال المصدر الديبلوماسي العربي إن اقتراب دمشق من الرياض والقاهرة في سائر الملفات، وابتعادها عن إيران هو مقياس عودة التقارب معها وإن عدم حصول توافق على الملفات الاقليمية كلها كان سبب تردد المسؤولين المعنيين في عقد لقاء ثلاثي سعودي - مصري - سوري كانت دمشق تطمح اليه. فالقاهرة والرياض تربطان التنسيق بموقف أكثر استقلالية لدمشق إزاء طهران في الملفات الإقليمية. وسواء محت قراءة الجانب العربي أو الجانب السوري القائل ان لبنان مدخل تحسن العلاقات في المرحلة المقبلة أم لا، فإن مسؤولين عرباً اعتبروا أن التقارب السعودي - السوري، لا يلغي مفاعيل التحالف الإيراني - السوري في لبنان وغيره. وفي اعتقاد هؤلاء بأن طهران تعطي الأولوية في تحالفاتها وأوراقها في المشرق العربي، الى علاقتها العضوية مع"حزب الله"، قياساً الى علاقتها بسورية، فالحزب ورقتها الأساسية. وفي وقت لاحظ بعض المراقبين ان التقارب السعودي - السوري إذا أحدث تقدماً لن يؤثر في دور إيران المباشر في لبنان والمنطقة لأنها الطرف الأقوى والأقدر في التحالف مع دمشق، قالت أوساط أخرى إن المصالحة السعودية - السورية لا تبعث على الارتياح لدى طهران، التي تولت في المرحلة الماضية التفاوض المباشر مع الرياض على أوضاع المنطقة وكانت هي صلة الوصل بين الجانبين، على رغم ان المصالحة لن تلغي هذا التفاوض المباشر، ولو خففت من موقع ووزن إيران فيه إذا أدى التواصل السوري - السعودي الى تقارب بين الجانبين في الملفات العالقة ومنها لبنان. لكن الأوساط اللبنانية المتابعة للعلاقة الإيرانية - السورية تعتقد أن علاقات دمشق - طهران ستبقى وثيقة وقوية في كل الأحوال، وأن طهران مهما"نقزت"من مصالحة حليفها مع السعودية، ستتفهم حاجته الى تطبيع علاقاته العربية حتى لو جاءت في سياق الموقف الاجماعي للقمة العربية ازاء التدخلات الخارجية في أزمات فلسطينولبنانوالعراق وإزاء سعي إيران الى امتلاك الطاقة النووية تحت عنوان جعل الشرق الأوسط خالياً من الأسلحة النووية. وأشارت هذه الأوساط الى تركيز"حزب الله"في بيانه عن القمة على الإشادة بالمقاومة وعلى رغبة دول المنطقة في امتلاك التقنية النووية، متجاهلاً المبادرة العربية للسلام التي أقرتها القمة والإشارة الى مطلب خلو الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، في مقابل مطالبته القمة بموقف من الإدارة الأميركية وتثمينه المصالحة. من جهة ثانية، توقفت مصادر عربية في الرياض أمام ما تردد عن ان التعديلات التي طلبها رئيس الجمهورية إميل لحود على البند المتعلق بلبنان ومنها اعتماد كلمة"الترحيب"بالنقاط السبع التي سبق أن أقرتها حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بدلاً من"دعم وتأييد"هدفها استباق الحل الذي يسعى إليه السنيورة بالتنسيق مع الأممالمتحدة لقضية مزارع شبعا، خصوصاً أن دمشق ربطت ترسيم الحدود في المزارع بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من الجولان. وأوضحت المصادر العربية نفسها انه إذا اعتقد الذين سعوا الى هذا التعديل، والذي تم تمريره تجنباً لحصول مشاحنات لبنانية - لبنانية خلال القمة تفسد أجواءها الناجحة، انه سيغير من توجه الأممالمتحدة نحو معالجة هذه المسألة في شكل يزيل الاحتلال عنها، فهو مخطئ. وأكدت المصادر العربية لپ"الحياة"ان الدوائر الفنية في الأممالمتحدة قطعت شوطاً في تحديد الهوية اللبنانية للمزارع انطلاقاً من خرائط الأرشيف الفرنسي، ومن صور الأقمار الاصطناعية بحيث تنجز هذا العمل أواخر شهر أيار مايو المقبل، على قاعدة إثبات لبنانيتها، لبدء إجراءات تسلمها من جانب الأممالمتحدة وانسحاب إسرائيل منها على ان يتسلمها الجيش اللبناني لاحقاً... وفيما أشارت مصادر الرئيس لحود الى أن الهدف من تعديل الموقف من النقاط السبع يستبق أي محاولة لطرح مسألة نزع سلاح"حزب الله"بعد الانتهاء من تأكيد لبنانية المزارع، لأن البند الخامس من هذه النقاط يتحدث عن حصر السلاح والسلطة بالدولة اللبنانية، قالت المصادر العربية إن اعتماد كلمة"ترحيب"لا يلغي ان القرار الدولي الرقم 1701 ارتكز الى النقاط السبع وهو طلب في فقرته العاشرة من الأمين العام للأمم المتحدة أن يضع تقريراً حول تنفيذ اتفاق الطائف والمزارع ونزع السلاح... الخ. لكن الأوساط الحكومية ترى أن لا طائل من المخاوف حول مسألة نزع سلاح المقاومة لأن الأمر متروك للحوار بين الفرقاء أصلاً.