قطع السفير السعودي لدى لبنان عبدالعزيز خوجة، وبتوجيهات مباشرة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، شوطاً على طريق التحضير للقاء يجمع رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري ورئيس كتلة "المستقبل" النيابية سعد الحريري، بالنيابة عن المعارضة والأكثرية، ويكون بمثابة اطار للحوار البديل من اللقاءات الموسعة، ويخصص لتبادل الآراء في الأفكار المطروحة كمخرج لإنهاء الأزمة اللبنانية على قاعدة التوصّل الى حل متوازن ومتلازم، بين انشاء المحكمة الدولية لمحاكمة المتهمين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وتشكيل حكومة وحدة وطنية. وتردد أمس ان موفدا ايرانياً يصل الى بيروت قريباً. راجع ص7 وكان السفير خوجة عاد ليل أول من أمس الى بيروت آتياً من الرياض التي زارها للمرة الثانية خلال أقل من ثلاثة أيام، واستقبله خلالها الملك عبدالله بن عبدالعزيز، كما التقى وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل ومسؤولين سعوديين آخرين، في حضور النائب الحريري. وفور عودته الى بيروت، جال خوجة صباحاً على رئيسي المجلس نبيه بري والحكومة فؤاد السنيورة والسفير الفرنسي برنار ايمييه والوزير في"اللقاء النيابي الديموقراطي"غازي العريضي. وعلمت"الحياة"ان خوجة وضعهم في أجواء استقبال خادم الحرمين الشريفين له، ولقاءاته مع الامير سعود الفيصل وعدد من أعضاء فريق العمل السعودي المولج متابعة الملف اللبناني، إضافة الى الحريري. وتفيد المعلومات ان بري حمّل خوجة مجموعة من الأفكار المتعلقة بتسوية النزاع في لبنان، وأنه نقلها الى الملك عبدالله وكبار المسؤولين السعوديين، كما عرضها على النائب الحريري. وإذ رفض خوجة تناول هذه الأفكار أو كشف تفاصيلها او الإفصاح عن الموقف السعودي منها، أكد في المقابل ل"الحياة"ان"القيادة السعودية تداولت في هذه الأفكار، والنائب الحريري طرح علينا أفكاراً أخرى، وكان الرأي في المملكة، وبناء لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين، أنه آن الأوان للرئيس بري والنائب الحريري ان يجلسا معاً، ومن غير الجائز ألا يتحاورا، لأن الحوار يقود حتماً الى تفاهم على قواسم مشتركة، خصوصاً ان لديهما قناعة بضرورة إخراج لبنان من أزمته". ورداً على سؤال قال خوجة ان النائب الحريري"رحّب بلقاء بري، ورئيس المجلس عندما قابلته أمس أبدى كل استعداد، بالتالي لا بد من ان يتواصلا فور عودة الحريري من الرياض ليباشرا اجتماعاتهما، ونحن في المملكة ندعو لهما بالتوفيق، وكلنا استعداد لمؤازرة الحوار المباشر وتقديم كل مساعدة لتقريب وجهات النظر بينهما". ولفت الى انه لمس مباركة من رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة والوزير العريضي للحوار المرتقب، مشيراً الى"ان المملكة ليست في وارد الضغط على هذا الفريق أو ذاك، أو إلزامه بوجهة نظر معينة. ونحن قلنا لهما من أول الطريق، عليكما الجلوس معاً لتبادل الأفكار والاتفاق على الحلول". وأضاف خوجة:"المملكة لا تجبر أحداً في الموافقة على شيء لا يرضاه، من يريد زيارتها أهلاً وسهلاً به، لكننا نتمنى ان تأتي الزيارة تتويجاً لتفاهم بين اللبنانيين، ينهي المشكلة". واستدرك:"كلنا إصرار على حل المشكلة، انما ليس على حساب طرف لمصلحة الآخر، وان يأتي الحل متوازناً على أساس لا غالب ولا مغلوب". وجدّد السفير تأكيده ان المملكة"لا تتبنّى أي فكرة لأحد، ولن تتدخل في تشكيل الحكومة وعددها وتوزيع الحقائب، ولا في التفاصيل المتعلقة بإنشاء المحكمة الدولية، خصوصاً ان المعارضة أكدت وقوفها الى جانبها". وزاد ان"ليست لدى المملكة أي حلول جاهزة، وهي تنصح جميع الأطراف، من دون استثناء، بأن تكون عندهم الشجاعة الكافية ليتخذوا القرار المناسب، بعيداً عن أي اعتبارات، وأن يكون لمصلحة بلدهم". الى ذلك، تواصل بري أمس مع حلفائه، خصوصاً قيادة"حزب الله"و"التيار الوطني الحر"بزعامة العماد ميشال عون، من خلال النائب في حركة"أمل"علي حسن خليل. كما تشاور النائب الحريري مع حلفائه في قوى 14 آذار، استعداداً للقاء موسع يعقد في بيروت فور عودته قريباً من الرياض التي تنتظر جواباً من رئيس الجمهورية اميل لحود على رغبتها في ذهاب لبنان بوفد موحّد الى القمة العربية. وبالنسبة الى رد الفعل على المواقف التي صدرت عن وزير الخارجية السوري وليد المعلم، لجهة تهديده بانفجار الوضع في لبنان اذا تقرّر نزع سلاح"حزب الله"، أو لجهة رفضه مثول المتهمين السوريين امام المحكمة الدولية وإصراره على مثولهم أمام القضاء السوري، وتلويحه بإغلاق الحدود مع لبنان في حال الموافقة على نشر مراقبين دوليين بين البلدين، فإن الأكثرية تعاملت مع كلام الوزير على انه يريد العودة بالوضع في لبنان الى نقطة السفر أي بداية التأزم، بينما أحجمت المعارضة عن التعليق عليه. ونقل زوار عن قيادي بارز فيها قوله:"دعونا ننتظر ما سيقوله الرئيس السوري بشار الأسد في خطابه اليوم، وإن كنا في غنى عن بعض المواقف التي صدرت عن المعلم".