الأجواء الإيجابية التي انتهت إليها القمة السعودية - الإيرانية بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس محمود أحمدي نجاد، كانت أمس محور تحرك السفير السعودي لدى لبنان عبدالعزيز خوجة العائد من الرياض في اتجاه رؤساء الجمهورية اميل لحود والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة فؤاد السنيورة، ناقلاً إليهم رغبة بلاده في معاودة الحوار اللبناني - اللبناني، للتوصل الى مخرج لإنهاء الأزمة، بالتالي استعداد السعودية لاستضافة أطراف النزاع تتويجاً لإعلان الحل. راجع ص 8. وفي معلومات"الحياة"ان السفير خوجة الذي التقى بري فور عودته ليل الأحد - الاثنين من الرياض، اجتمع أمس مع لحود في القصر الجمهوري ثم مع السنيورة في السراي الكبيرة، واضعاً إياهم في الأجواء الإيجابية التي سادت القمة السعودية - الإيرانية، والتي يجب ان تكون حافزاً للأكثرية والمعارضة في لبنان لإحياء الحوار، من خلال تحضير الأجواء أمام لقاء يجمع رئيس المجلس النيابي برئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري، على أن يكون لديهما تفويض من حلفائهما للبت في كل النقاط العالقة. وتفيد المعلومات أيضاً ان السفير خوجة نقل للحود رغبة السعودية في تشكيل وفد لبناني موحد لحضور القمة العربية المتوقعة في الرياض أواخر الشهر الجاري آملاً، كما قال ل"الحياة"، بأن يشهد لبنان قبل عقدها انفراجاً يعيد اليه استقراره السياسي، على قاعدة التوصل الى حل متوازن للأزمة. وهذا ما نقله أيضاً الوزير السابق وديع الخازن عن لحود، عندما قال انه يأمل بأن تحمل الأيام المقبلة انفراجاً حكومياً، فلا تعود هناك مشكلة في تشكيل الوفد، وأن تنجح الجهود التي يبذلها الملك عبدالله بن عبدالعزيز للمساعدة في حل الأزمة الحالية في لبنان. وإذ تكتمت المصادر الوزارية والنيابية على ما دار بين خوجة وبري والسنيورة، علمت"الحياة"من أوساط سياسية رفيعة المستوى ان الأول أكد لهما مؤازرة الرياض وطهران الجهد اللبناني الهادف الى الخروج من الأزمة، واستعدادهما لتقديم أي مساعدة يراد منها تقريب وجهات النظر بين طرفي النزاع، أي الاكثرية والمعارضة. ونفت الأوساط ذاتها ان تكون الرياضوإيران اتفقتا على آلية للحل، وقالت انهما تعهدتا الاستمرار في مساعيهما الداعمة للأكثرية والمعارضة، من أجل بلورة تفاهم نهائي يشمل النقاط العالقة التي ما زالت موضع اختلاف بين اللبنانيين، مؤكدتين أيضاً ان التوافق متروك للبنانيين ولا يمكنهما ان تنوبا عنهم في استنباط الحل المطلوب. وكشفت ان السفير خوجة يكثف لقاءاته بكل الأطراف لتأمين المناخ الذي يسرّع عقد اللقاء المرتقب بين بري والحريري، في إطار إحياء الحوار، مؤكدة انهما باشرا التحضير له عبر مشاوراتهما مع حلفائهما، ومشيرة الى ان الحريري سيتابعها في الساعات المقبلة فور عودته الى بيروت آتياً من الرياض، خصوصاً انه في صورة التوجه السعودي حيال ضرورة التلاقي كمدخل للتفاهم على الحل. ولفتت الأوساط ذاتها الى ان بري تواصل أمس مع قيادة"حزب الله"و"التيار الوطني الحر"بزعامة العماد ميشال عون، لكنها نفت ان يكون تطرق أمام زواره الى الحلول المقترحة لتسوية الأزمة. وقالت انه يتحفظ عن الدخول في التفاصيل، مكتفياً بالتفاؤل حيال إمكان التوصل الى حل. واستغرب السفير خوجة ما تناقله بعض وسائل الإعلام من انه طرح عندما التقى بري، أفكاراً معينة لحل الأزمة، وقال ل"الحياة":"أرجو ألا يحملني أحد شيئاً لم احمله أو اقله". وأكد انه ناقش مع القيادات في الاكثرية والمعارضة بعض الأفكار المتعلقة برغبة السعودية في استضافتها لكل الأطراف، ورعايتها لاجتماع يعقدونه في الرياض، إنما بعد توافر شروط نجاحه. وجدد خوجة تأكيده ان المملكة تقف على مسافة واحدة من كل الأطراف في لبنان، وأنها منفتحة عليهم وتبدي استعدادها لمساعدتهم ليس من أجل العودة الى الحوار فحسب، بل كذلك للتفاهم على الحل. وأضاف:"لا علاقة لي بأفكار تطرح من هنا وهناك، ولست مسؤولاً إلا عن الكلام الذي يصدر عني ولن أدخل في سجال مع أحد. ان المملكة كعادتها ترحب بالجميع، وتعطيهم الفرصة للنقاش والحوار للتوصل الى النتائج النهائية لإنقاذ لبنان، وأقول مجدداً أهلاً وسهلاً بهم في الرياض". واعرب السفير السعودي عن الاعتقاد"بأن الوضع في لبنان خطير، وان الأمور تسير الى الهاوية إذا لم يتحرك اللبنانيون الآن لإيجاد المخرج السياسي المناسب، على اساس لا غالب ولا مغلوب، وان لا يشعر هذا الفريق بأنه انتصر ضد الفريق الآخر أو العكس. ان إنقاذ بلدهم يحتاج الى تضحية من الجميع والى تبادل التسهيلات لمصلحة إنقاذ هذا البلد الشقيق". ورداً على سؤال قال:"على الجميع ان يتعاون لإنجاح البلد، ونحن في المملكة لن نقصر في مؤازرة الجميع للبحث عن حلول، والدعوة لاستضافتهم مفتوحة ولكن عليهم توفير الشروط لإنضاج الحل". وأكد انه يواصل مساعيه لتوفير الأجواء أمام استئناف الحوار من خلال الرئيس بري والنائب الحريري. الى ذلك، أكد السنيورة ان"لبنان كان دائماً مع المملكة العربية السعودية في مساعيها والمواقف التي اتخذتها منذ اتفاق الطائف الذي كان له الفضل في إنهاء القتال، وفي الحفاظ على لبنان ووحدته". وقال أمام عدد من رؤساء تحرير ومسؤولي وسائل إعلام شمالية استضافهم أمس الى مائدة غداء في السراي الكبيرة، في حضور وزراء، ان"المساعي التي تبذلها المملكة اليوم هي مساعٍ خيّرة ومستمرة، في طريقها الى ان تصل الى غايتها، لذلك لا اعتقد بأن من المفيد ان يكثر المرء من التفاؤل، ولا ان يعطي صورة تشاؤمية، بل علينا ان نتابع كل مسعى حتى نصل الى ما يبتغيه اللبنانيون من نهاية سريعة لهذه الأزمة". وأشار السنيورة الى انه"ما زالت هناك مساعٍ تبذل مع الأشقاء السوريين ومع غيرهم، وهناك أمور داخلية تبحث ولم تنته القضية". واعتبر ان"أهمية ما جرى في الرياض هو التقاء السعوديين والإيرانيين الذي يلجم التطرف ويحقن الدماء من جهة، ويمنع من جهة ثانية الفتنة الطائفية والمذهبية"، مؤكداً ان"ليس من مصلحتنا ان يصار الى شن حرب على إيران وليس من مصلحة الاستقرار في المنطقة والعالم ان تتطور الأمور على نحو سلبي". ونقل رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية علي الشيخ عمار عن السنيورة قوله ان الأمور لم تجد طريقها الى الحل، لكنها في هذا الاتجاه. براميرتز والمحكمة وفي نيويورك، أكدت مصادر في الأممالمتحدة ان الأمانة العامة ومجلس الأمن الدولي يتوجهان نحو تمديد ولاية"لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري ورفاقه والتي يرأسها سيرج براميرتز. وقالت ان براميرتز يعتقد بان انشاء المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة الضالعين في هذه الاغتيال والاغتيالات الأخرى التي يثبت ترابطها مع الجريمة، أمر ضروري للتحقيق لأن براميرتز"لن يقدم الاسماء في تقارير الى مجلس الأمن، وانما يعتزم طرحها في المحكمة لدى الادعاء العام". واضافت:"هناك حاجة الآن للمحكمة لأن هناك حاجة لوضع اسس الهيكل الآن. اذ ما يحتاجه التحقيق الآن هو مكان تقديم استنتاجاته. وبالتالي ان الذين يريدون قتل المحكمة انما يريدون قتل التحقيق، وهم يفعلون ذلك لأسباب ذات علاقة بخيارات وجودية وهم ليسوا فقط في سورية وانما ايضاً في لبنان". وبحسب هذه المصادر"لن يتمكن مجلس الأمن من تجاهل كل قراراته ويمشي تاركاً وراءه تحقيقاً بلا محكمة". ولذلك""لن تكون هناك تنازلات تضحي بإنشاء المحكمة مهما قيل عن صفقات، وذلك لأن براميرتز في حاجة الى المحكمة كمصب للتحقيق". وقالت المصادر ان"الوقت قد يأتي عندما تضطر الأممالمتحدة الى فرض انشاء المحكمة بعد استنفاد جميع الوسائل المتاحة لانشائها بتوافق لبناني". وأوضحت ان الفرض لا يعني استخدام القوة العسكرية وانما يعني ان يفرض مجلس الأمن انشاء المحكمة الدولية بقرار إلزامي. الى ذلك، استقبل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون أمس وزير الدفاع اللبناني الياس المر، للبحث في الملف اللبناني فيما بدأت الأمانة العامة في كتابة تقريرها عن تنفيذ القرار 1701 الذي سيصدر بعد عشرة ايام ويتناول مختلف الأوجة المهمة في القرار من ظروف ومهمات القوة الدولية المعززة في جنوبلبنان يوينفيل الى الخروقات عبرها، والى الخروقات الأخرى عبر الحدود السورية - اللبنانية انتهاكاً لفرض حظر مرور الاسلحة عبر تلك الحدود.