يعلق المحامي البريطاني ديفيد فريمان، على عالم "السوق العقارية العالمية للعاملين والمستثمرين في القطاع" MIPIM ويتحدث عن المؤتمر العالمي للقطاع العقاري الذي عُقد في جنوبفرنسا لثلاثة ايام، واستقطب محامين ومستطلعين ومهندسين معماريين، ومعنيين بتطوير الملكية ومجالس مدن ودول وغيرهم من كل أنحاء العالم. عندما يجتمع أكثر من 26 ألف شخص من المعنيين بالقطاع العقاري من كل أنحاء العالم في مدينة واحدة، يؤثرون سلباً على البيئة. وعلى رغم ان "كان" لا تزال جميلة يزدحم الرصيف فجأة برجال الأعمال الذين يتأنّقون ببذلاتهم القاتمة ويضعون نظاراتهم السوداء وهم يتحدثون من خلال هواتفهم النقالة ليحولوا أجواء "كان" الهادئة والمسترخية الى حركة لا تهدأ لبضعة أيام. يمكن القول أنه مهرجان"كان"للرأسمالية، إذ ترسو اليخوت الفخمة في الخليج، في حين تهمّ المراكب الصغيرة لنقل الضيوف الى حفلات الطعام، حيث تمتد الاجتماعات حتى ساعة متأخرة من الليل. تستضيف"كان"مهرجانات كثيرة لكن مهرجان"كان"السينمائي الشهير الذي يُقام هنا مرة في السنة يستقطب العناوين الأولى. أما"مؤتمر القطاع العقاري"الذي تنظمه"السوق العقارية العالمية للعاملين والمستثمرين في القطاع"MIPIM يجذب أكثر من 26 ألف مندوب مسجّل وحوالي 10 آلاف شخص غيرهم من غير المدعوين. وتحت غطاء البريق والبهرجة، تسعى الحفلات والاجتماعات والأحاديث الى بلوغ أهداف جدّية. وتفتح"السوق العقارية العالمية للعاملين والمستثمرين في القطاع"المجال أمام المدن والمناطق وحتى الدول للإعلان عن قدراتها للمستثمرين المترقبين لأي فرصة للاستثمار. لندن... تتولى لندن تحضير جناحها الخاص، حيث يُعرض نموذج كبير عن وسط المدينة، يمتلئ بالمهندسين والمحامين والاستشاريين المعنيين بالتخطيط وغيرهم. وتُرسل الدعوات قبل أسابيع من موعد انعقاد المؤتمر الى زبائن محتملين ومستثمرين ومتعهدين. وتقوم مدن أخرى من المملكة المتحدة باستئجار يخوت لترسوها في مركز المؤتمرات، بعضها مثير للدهشة"فمدينتا شيفيلد وليدز اللتان لا يمكن بالضرورة ربطهما بعالم اليخوت في جنوبفرنسا تذكّرا المستثمرين بأن أبوابهما مفتوحة لاستقبال الأعمال والاستثمارات وأن المفاهيم الموجودة مسبقاً حول إمكانات موقع ما، ليست دائماً صحيحة. وتميّز العام الحالي بوجود روسي ضخم، وأنفقت مختلف المناطق مئات الألوف من الدولارات على أجنحة رفيعة المستوى وحفلات وفطور لرجال الأعمال وجيوش من الفتيات اللواتي يتولين مهمة إرشاد المندوبين الى أجنحتهم"وقد غطّت جدران فندق"كارلتون"الذي يعتبره الكثيرون أفضل فندق في"كان"يافطات ضخمة تلفت انتباه المندوبين الى الفرص التي تقدمها مدن على غرار"كراسنودار"وكازان". تعتبر"السوق العقارية العالمية للعاملين والمستثمرين في القطاع"، فرصة لعرض ما يمكن لدولة او منطقة أو مدينة أو شركة أن تقدمه. والفكرة في الواقع تقضي بتشجيع العاملين في القطاع على الابتكار والقيام باتصالات لم تكن لتخطر على بالهم لو كانوا جالسين في مكاتبهم في يوم عمل عادي، وتشجيع الاجتماعات والصدف التي من شأنها ان تحوّل فكرة محتملة الى مشروع حقيقي"أما من وجهة نظر الدولة، فالفكرة تسمح بلفت انتباه عدد كبير من الأشخاص الى الفرص التي تتيحها وجهة معينة. التركيز على الشرق الأوسط... وفي حين باشرت الشركات الخاصة من الولاياتالمتحدة وأوروبا باستهداف الشرق الأوسط وأدركت أهمية سوق تضم أكثر من 400 مليون نسمة، في وقت تستمر مخزونات النفط في إنتاج عائدات ببلايين الدولارات، يبدو غريباً أن يكون التركيز على الشرق الأوسط كوجهة للاستثمار في القطاع العقاري محدوداً ومتواضعاً. كان تمثيل الإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين جيّداً وتألقت بعض الأجنحة في عرضها لمشاريع مُلفتة ورفيعة المستوى تتمتّع بنظرة مستقبلية متطوّرة. كما تمثّلت بعض المصارف وحضر مهندس معماري من بيروت، لكن خارج أجنحة المتعهدين، كان الحضور متواضعاً في ما يمكن اعتباره أحد أهمّ أسواق القطاع العقاري في العالم. يقول كريس بايركر، وهو متعهد شريك في شركة"طوماس إيغر": كانت مشاركتنا الأولى في المؤتمر فرصة رائعة لتقديم ما كنا نقوم به"على غرار شراء وتطوير برجين رئيسين للسكن في"كاناري وورف"لزبائن من الشرق الأوسط. ونجحنا في عرض ما يمكننا القيام به وإنجازه. ويريد الزبائن أن يتأكدوا انك عملي وتتمتع بحس تجاري، إذ يشتكي كثر من ان مقاربة المحامين للقطاع العقاري تكون عادة مصبوغة بطابع قانوني مبالغ فيه. ونعتبر ان المؤتمر ساعدنا على عرض مفهوم لكامل عملية التطوير في التخطيط الضريبي، والتملّك وتقسيم المناطق البناء والبيع أو الإدارة". وتحرص مدينة"كان"نفسها على التأكّد من عدم نقل الحدث الى مدينة أخرى، وبالتالي يحرص مجلس المدينة على تأمين نفاذ المنظّمين الى الشواطئ لإقامة الحفلات، وتُشجّع الفنادق على رفض أي شخص غير مسجّل بصفة مندوب وهي عملية تكلّف 1200 يورو يومياً ومنعه من الوصول الى اليخوت الراسية في المرفأ، علماً أن الدخول الى مركز المؤتمر مسموح فقط لحاملي بطاقات التسجيل. وانطلاقاً من إدراكهم للضغط الذي يشكله الحدث على المدينة وواقع كونه يعمل بكامل طاقته، أطلق المنظمون معرضاً جديداً منفصلاً يركّز على الأسواق النامية ويُقام في أيلول سبتمبر 2008. لكن ما من شك بأن الدول والمناطق التي ترغب في تحسين صورتها ستسعى الى المشاركة في المعرض"المميّز"الذي تقيمه"السوق العقارية العالمية للعاملين والمستثمرين في القطاع"MIPIM. التخطيط الضريبي... ثمة صلة بين القطاع العقاري والضريبة تقريباً في جميع الأسواق المتطورة في العالم، فالحكومات التي تسعى الى الاستفادة من النشاط في مجال الأعمال لجمع الأموال تعتبر ان فرض ضرائب على تطوير القطاع العقاري هدف سهل التحقيق. لكن وجود معاهدات للحد من الازدواج الضريبي يقيد الدول. عملياً يمكن ترجمة هذا الكلام بالقول ان مشاريع التطوير العقاري في المملكة المتحدة تكون غالباً مملوكة من خلال شركات ذات هيكلية تخضع لنظام"أوفشور"، من خلال اللجوء الى معاهدات الازدواج الضريبي المعقودة بين أيرلندا والمملكة المتحدة على سبيل المثال. ويمكن لتخطيط ضريبي مماثل أن يساهم أحياناً في خفض الأرباح الناتجة عن التطوير الى أقل من خمسة في المئة مقارنة بالنسب المفروضة عادة على الشركات في المملكة المتحدة والتي تكون أعلى بنسبة 30 في المئة. كما يشارك في المؤتمر مستشارون يعملون في المجال الضريبي وشركات الائتمان الخاضعة لنظام أوفشور التي تساعد في وضع هذه الهيكلية. يشارك مدير شركة الائتمان"جيرسي ترست كومباني"www.jerseytrustcompany.com فيليب بيركين في المؤتمر منذ خمس سنوات على التوالي، وشهد ارتقاءه ليصبح حدثاً"لا بد من حضوره"، وهو يقول معلقاً: "نحن شركة ائتمان تركز على العقارات بشكل قوي، ونسعى إلى الاستحواذ على عقارات تبلغ قيمتها أكثر من بليوني جنيه استرليني لحساب زبائننا في لندن وأماكن أخرى. ونظراً إلى وجود مقرنا في جيرسي، يمكننا الحصول على صفة"أوفشور"وما تقدمه هذه الصفة من صدقية". ويساعد تنوّع المستشارين المنضوين تحت راية"السوق العقاري العالمي للعاملين والمستثمرين في القطاع"MIPIM في تحويل الأفكار إلى مشاريع حقيقية يقول روبن برودي كوبر، وهو شريك في"غليدز"، www.gleeds.com معلقاً على الموضوع: "لا يمكنك التجوّل في الشارع في"كان"خلال انعقاد المؤتمر من دون مصادفة أشخاص تسعى إلى التحدث معهم حول شأن يتعلق بالقطاع، لدرجة ان من الصعب التخلف عن الحضور إن كنت تريد ان تؤخذ على محمل الجد في بعض أسواق البناء والعقارات. لدينا 43 مكتباً و1300 موظفاً موزعين في أنحاء العالم، ونحن لا نكتفي بإنتاج العمل في"السوق العقارية العالمية للعاملين والمستثمرين في القطاع"لكننا نتابع أيضاً تطورات القطاع على المستوى العالمي ونلتقي أشخاصاً لا نراهم عادة في المملكة المتحدة". مهما بدا الكلام متجرداً وبعيداً من الأنانية، لا يشكّل المؤتمر حدثاً إنسانياً خيرياً، بل يحركه دافع الربح الشديد الوضوح من جانب المشاركين والمنظمين ومدينة"كان"نفسها. والمجال ضيّق للمحادثات الثانوية أو التواصل الاجتماعي الفعلي، لكن الأراضي تُباع والمشاريع تُصمّم ويجد الناس مساكن لهم وتُبنى جامعات ومستشفيات. "السوق العقارية العالمية للعاملين والمستثمرين في القطاع"تناسب"كان"والأعمال. ومهم الاستفادة منها في السنوات المقبلة لنشر الوعي ولفت الانتباه إلى أهمية منطقة الشرق الأوسط كمنطقة على القطاع العقاري العالمي التركيز عليها. ثمة عدد كبير من الدول والمناطق والمدن التي يمكنها الاستفادة من الصورة الإيجابية التي يمكن ان تعكسها مشاركة في المؤتمر يتم التخطيط لها بدقة متناهية. وتنوي شركة"طوماس إيغر"للمحاماة، ومقرها لندن، العودة في السنة المقبلة. * محام متخصص في تقديم الاستشارات حول مسائل العقارات والضرائب.