مانشيني يضع «إعجاب» على منشور خسارة الأخضر    درب العلا يعود بمسارات متنوعة    استعراض 97 مشروعًا ومبادرة تحسين في ملتقى الجودة السنوي لتجمع القصيم الصحي    محافظ الأحساء يرعى إطلاق 24 كائناً فطرياً في متنزَّه الأحساء الوطني    أمير تبوك يستقبل المواطن ممدوح العطوي الذي تنازل عن قاتل أخيه لوجه الله تعالى    بتوجيه من وزير الداخلية.. قرارات إدارية بترقية 1604 أفراد من منسوبي ومنسوبات الجوازات    مؤسسة هيفولوشن الخيرية تخصص 400 مليون دولار لتعزيز الأبحاث العالمية في مجال إطالة العمر الصحي منذ بدء أعمالها في عام 2021    تجمع الرياض الأول يسهم في تعزيز الرعاية الصحية خلال معرض ساند آند فن 2024    الهيئة العامة للصناعات العسكرية تشارك في الملتقى البحري السعودي الدولي الثالث    أمير المدينة يطلع على الجهود المبذولة في عمليات التسجيل العيني للعقارات    «الموارد»: السعودية خامس دول «العشرين» في انخفاض البطالة    نائب أمير مكة يستقبل رئيس الشؤون الدينية بالحرمين الشريفين    الأربعاء.. 3 مباريات من "مؤجلات" دوري يلو    الجامعة العربية تعقد مؤتمرًا دوليًا بالأردن حول دور المجتمع الدولي في تعزيز حقوق الطفل الفلسطيني    هوكشتاين متفائل من بيروت: هناك فرصة جدية لوقف النار    مجلس الوزراء يوافق على الترتيبات التنظيمية لرئاسة الشؤون الدينية للحرمين وهيئة العناية بهما    محمد بن عبدالعزيز يطلع على جهود تعليم جازان لانطلاقة الفصل الدراسي الثاني    محافظ الخرج يكرم مركز التأهيل الشامل للإناث    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي إلى 43972 شهيدًا    أمير القصيم يستقبل سفير أوكرانيا    مجمع الملك فهد يطلق "خط الجليل" للمصاحف    أرامكو ورونغشنغ توقعان اتفاقية لتوسعة مصفاة ساسرف    الهويّة السعوديّة: ماضي ومستقبل    في اليوم ال1000 لحرب أوكرانيا.. روسيا إلى عقيدة نووية جديدة    مركز الملك سلمان للإغاثة ينظم المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة الأحد القادم    «السعودية للكهرباء» و«أكوا باور» و«كوريا للطاقة» توقع اتفاقية شراء الطاقة لمشروعي «رماح 1» و«النعيرية 1»    القبض على مواطن لترويجه 44 كيلوجراما من الحشيش في عسير    سماء غائمة تتخللها سحب رعدية ممطرة على جازان وعسير والباحة    القيادة تهنئ أمير موناكو بذكرى اليوم الوطني لبلاده    منتدى الرياض الاقتصادي يطلق حلولاً مبتكرة    «الجامعة العربية» تدعم إنشاء التحالف العالمي لمكافحة الفقر والجوع    دراسة: القراء يفضلون شعر «الذكاء» على قصائد شكسبير!    وزير الدفاع ونظيره الفرنسي يبحثان آفاق التعاون العسكري    العتودي الحارس الأخير لفن الزيفه بجازان    اتهامات تلاحق كاتباً باستغلال معاناة مريضة ونشرها دون موافقتها    بعد سيلين ولوبيز وكاميلا.. العالمي هوبكنز يعزف في الرياض    «عكاظ» تكشف تفاصيل 16 سؤالاً لوزارة التعليم حول «الرخصة»    الأخضر «كعبه عالي» على الأحمر    163 حافظا للقرآن في 14 شهرا    المشعل.. في الصدارة والكل من بعده    «الإحصاء»: السمنة بين سكان المملكة 15 سنة فأكثر 23.1 %    لبنان نحو السلام    الجودة والتقنيات الحديثة في تحقيق رؤية المملكة 2030″    وزير الدفاع يلتقي حاكم ولاية إنديانا الأمريكية    مرحلة الردع المتصاعد    الاختيار الواعي    صنعة بلا منفعة    ChatGPT يهيمن على عالم الذكاء الاصطناعي    سعادة الآخرين كرم اجتماعي    (إندونيسيا وشعبية تايسون وكلاي)    رسالة عظيمة    أصول الصناديق الاستثمارية الوقفية بالمملكة ترتفع إلى مليار ريال    في تصفيات مونديال 2026.. ميسي لتجاوز عناد «بيرو».. والبرازيل تسعى لنقاط أورجواي    بيع ساعة أثرية مقابل 2 مليون دولار    المملكة ومكافحة مضادات الميكروبات !    الاكتناز    البرتقال مدخل لإنقاص الوزن    إطلاق كائنات فطرية بمتنزه الأحساء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القمة العربية وأهمية التوافق السوري - السعودي
نشر في الحياة يوم 25 - 03 - 2007

تأتي القمة العربية التي تستضيفها المملكة العربية السعودية وسط واقع عربي يدعو للأسف، فالأزمات تعم المنطقة، بدءاً من الجراح النازفة في فلسطين والعراق، مروراً بالسودان والصومال، وانتهاء بالأوضاع اللبنانية الملتهبة وتداعياتها الخارجية التي أسفرت عن خصام سياسي بين دولتين رئيسيتين في المنظومة العربية سورية والسعودية.
لحسن الحظ أن القمة ستعقد في المملكة العربية السعودية وذلك لسببين: الأول أن المكان الذي تنعقد فيه القمة له أهمية كبيرة لجهة القدرة السياسية للمضيف، فكيف الحال بالرياض التي تتقاطع فيها الخيوط الدولية والإقليمية المتعلقة بشؤون المنطقة، ما يجعلها الأقدر من بين الفرقاء العرب على قيادة الدفة العربية في مواجهة الاستحقاقات التي تعصف بالمنطقة، والسبب الثاني رغبة القادة السعوديين في إنجاح القمة بعيد الاختراق الذي حققته السعودية في المشهد الفلسطيني، ومن ثم نجاحها أو قدرتها على إيجاد صيغة تفاهم مع طهران حول عدد من المسائل، ولهذا السبب تسعى الرياض إلى تعزيز مكانتها من خلال إعادة ترتيب البيت العربي، مع ما يعنيه ذلك أولا من إعادة ترتيب للعلاقة مع دمشق.
على مدار السنوات الماضية كانت العلاقة بين دمشق والرياض أكثر من مجرد علاقة تربط بين بلدين عربيين، فبعد خروج مصر من الجامعة العربية وتدهور مكانتها الإقليمية إثر توقيعها اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، وبعد فقدانها لعمقها الاستراتيجي نتيجة الحرب العراقية - الإيرانية، وجدت سورية نفسها مكشوفة سياسيا، وما زاد من عزلتها أو مأزقها غياب الاتحاد السوفياتي عن المسرح الدولي في وقت كانت دمشق منشغلة بما سمي آنذاك التوازن الاستراتيجي مع العدو الإسرائيلي، لكن دمشق سرعان ما بدأت البحث عن حاضن عربي يعوض الخلل الإقليمي والدولي الحاصل، وكانت السعودية على المستوى العربي بحكم موقعها الجغرافي وقوتها السياسية والاقتصادية وشرعيتها الدينية هذا الحاضن.
فالرياض بالنسبة الى دمشق هي مركز القرار الإقليمي، إذ لها قدرة كبيرة على التأثير داخل المجموعة العربية، ولها حضور فاعل في الساحة الدولية سواء في المنظمة الإسلامية وكتلة عدم الانحياز أو لدى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ولهذا كله كانت الرياض تشكل من وجهة نظر دمشق جسراً قوياً يربط سورية بالعالمين العربي والدولي.
دعمت المملكة العربية السعودية سورية في صراعها مع إسرائيل، ولعبت دورا مهما على الساحة الدولية ليس في شرح موقف سورية فحسب، بل في تخفيف الضغوط عنها، كما مارست دوراً مهماً في توحيد الصف العربي دعما للدول المحيطة بإسرائيل، ولا سيما حين مارست ضغوطا كبيرة على بعض دول الخليج لوقف التطبيع مع إسرائيل قبل تحقيق أي انفراج في العملية السلمية، وذلك بطبيعة الحال خدمة للسوريين والفلسطينيين، وبلغ التعاون السوري - السعودي ذروته عام 2002 حين قبلت سورية مبادرة الأمير عبدالله للسلام آنذاك بعد إجراء بعض التعديلات عليها، لتقر نهائيا في قمة بيروت العربية.
ترافق الدعم السياسي السعودي لسورية مع دعم مادي واضح، ففي السنوات الأولى من تسلم الرئيس بشار الأسد مقاليد الحكم، قامت الرياض وفي رسالة سياسية تؤكد دعمها لسورية بتمويل مشاريع اقتصادية برأس مال كبير كمحطات توليد الكهرباء وفندق"فور سيزونز"في وسط العاصمة دمشق والشركة العربية للاستثمار، فضلا عن مشاريع عقارية متعددة.
من جانبها، وجدت الرياض في سورية قوة إقليمية مهمة بسبب موقعها الجيوسياسي وإمساكها بأوراق إقليمية متنوعة، وكان من شأن التعاون مع سورية إعطاء السعودية دورا أكبر في الملفين اللبناني والفلسطيني، كما وجدت السعودية في سورية جسراً عربياً مهماً في العلاقة مع طهران، فبحكم علاقاتها الخاصة مع إيران استطاعت دمشق في أكثر من مرة أن تخفف من المخاوف الخليجية وتقرب وجهات النظر بين الطرفين، خصوصاً بين الرياض وطهران، والأهم من ذلك أن التقارب مع سورية كان يعني سعودياً تقريب سورية قدر المستطاع من الإجماع العربي.
منذ عامين تقريباً تغيرت العلاقة بين البلدين تغيراً ملحوظاً بعيد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وتغيرت معها الخريطة السياسية للعالم العربي بين محورين مختلفين.
حاول كل محور إضعاف المحور الآخر في الساحتين اللتين تشهدان هذا النزاع لبنان وفلسطين، كانت سورية هي الخاسر الأكبر رغم استعادة بعض قوتها الإقليمية نتيجة تقرير براميرتز الذي أكد على التعاون السوري مع لجنة التحقيق الدولية، وانتصار"حزب الله"في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، والأزمة الأميركية المستفحلة في العراق، تلك الأزمة التي أجبرت أميركا والمجتمع الدولي على محاورة السوريين.
خلال العقود الثلاثة الماضية كانت قوة سورية الإقليمية تأتي من لبنان، وفجأة وجدت سورية نفسها خارج لبنان وجزءاً من المشهد الإيراني في المنطقة، ما أعاد إلى أذهان السوريين الأمس البعيد قبيل تسلم الرئيس الراحل حافظ الأسد الحكم حين كانت سورية ألعوبة في يد الثلاثي العربي بغداد والقاهرة والرياض.
أدركت سورية أن تكلفة الخلاف مع السعوديين تكلفة عالية جدا بالنسبة لموقعها الإقليمي، وأن فكرة العداء مع السعودية يجب أن تستبعد من قاموسها السياسي، فبدأت بإرسال الرسائل الإيجابية إلى الرياض، وكان أهم هذه الرسائل:
1 - قبول سورية استكمال حلحلة الخلافات بين"فتح"و"حماس"في السعودية اتفاق مكة.
2 - الموقف السوري الجديد الذي أعلنه الرئيس الأسد بنفسه من أن سورية ليست ضد المحكمة ذات الطابع الدولي من حيث المبدأ وإنما لديها بعض الملاحظات، وجاء الموقف الجديد هذا نتيجة قناعتين، تتعلق الأولى بإدراك سورية أن التطمينات التي تريدها بشأن المحكمة لن تأتي إلا من الرياض، وثانيهما أن المحكمة الدولية خط أحمر سعودي لا يقبل المناقشة والمساومة.
3 - رغبة الرئيس الأسد شخصياً في فتح صفحة جديدة مع السعودية تم ابلاغها الى القادة السعوديين عن طريق الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، مع تأكيد سوري على ضرورة المشاركة في القمة العربية.
الخطوات السورية هذه استبقت بخطوات سعودية، حين حرص الملك عبدالله بن عبدالعزيز على أن يكون الرئيس بشار الأسد من أوائل الرؤساء والملوك الذين يتلقون الدعوة السعودية لحضور القمة، وترافقت هذه الخطوة بدعوة حليف سورية الرئيس اللبناني إميل لحود رغم الأزمة الدستورية في لبنان، وتعني دعوة لحود في العرف الديبلوماسي اشارة سياسية مفادها أن الرياض لا تزال تتعامل مع دمشق على أنها ركن إقليمي مهم داخل المجموعة العربية وأنها حريصة على الحضور السوري في القمة، وجاءت الرسالة السعودية الثانية حين أبدت الرياض بعض المرونة تجاه طبيعة تشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي عبر قبولها البحث في التحفظات السورية والإيرانية والمعارضة اللبنانية.
تنعقد القمة العربية وهناك جملة من الأزمات الداخلية والخارجية المترابطة في ما بينها، ولا يتوقع أحد أن القمة المرتقبة ستنهي هذه الأزمات كافة، فهذه حمولة أكبر من أن يتحملها العرب مجتمعين، خصوصاً أن الولايات المتحدة الأميركية أصبحت عنصراً أساسياً من المشهد العربي، لكن إن استطاعت القمة أن تنهي الأزمة في لبنان، وتعيد العلاقة السورية - السعودية إلى سابق عهدها، وتكرس ما أنجز في مكة... إذا تم كل ذلك تكون السعودية قد حققت فعلاً نجاحاً عربياً قل نظيره، وأرست مكانتها الاستراتيجية في المنطقة.
* اعلامي وكاتب سوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.