"بي. بي. سي" تدفع المبلغ للحصول على "أسرار" من أسقط رئيسها ومديرها العام . نصف مليون استرليني ثمن حلقات "أعوام بلير" ومناوراته في الحكم

مع بدء المرحلة الأخيرة من حكم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الذي سيُغادر السلطة بعد فترة قصيرة من بلوغه الرابعة والخمسين عاما في 6 ايار مايو المقبل، ستعرض المحطة الثانية في هيئة الاذاعة البريطانية بي. بي. سي ثلاث حلقات تلفزيونية عن سنوات حكمه سيُقدمها اليستر كامبل مدير الاتصالات والاستراتيجية السابق في"10 داوننغ ستريت"، والذي رافق بلير على مدى 12 عاماً منذ كان زعيماً للمعارضة ومن ثم رئيساً للوزراء.
ورفض ناطق باسم الهيئة الحديث عن مضمون الحلقات، مكتفياً بالقول انها"لن تكون ايجابية بمجملها"، وستتضمن"بعض الاسرار"في مجالي السياسة الداخلية والخارجية. لكن ذُكر انها ستتناول معلومات كافية عن بلير السياسي ومناوراته للوصول الى قمة الهرم السياسي منذ تسلمه قيادة حزب العمال العام 1994، وهو في الواحد والاربعين من العمر وحتى تسلمه السلطة بعد عامين ليكون اصغر رئيس وزراء منذ لورد ليفربول الذي حكم العام 1812، ونجاحه في ثلاث انتخابات متتالية ما لم يحققه زعيم عمالي من قبل.
وكان كامبل الذي وضع مذكرات بعنوان"اعوام بلير"، استقال من منصبه في نهاية آب اغسطس 2003 عندما بدأ نجم رئيس الوزراء بالافول في اعقاب الحرب على العراق وفضيحة مصرع خبير الاسلحة البريطاني دايفيد كيلي الذي كان سرب معلومات للهيئة عن عدم وجود اسلحة دمار شامل في العراق.
واتهم كامبل في حينه"بي. بي. سي"بأنها"كذبت"بنشرها تقارير مثيرة للجدل تحدثت عن ان الحكومة بالغت في اظهار أخطار اسلحة الدمار الشامل العراقية من أجل تبرير غزو العراق. وأسفرت هذه الأزمة عن استقالة رئيس الهيئة ومديرها العام بعدما فشل مراسلها اندرو غيليغان في اثبات معلوماته عن التزوير امام لجنة التحقيق القضائية برئاسة لورد هاتون.
ووفق تقارير صحافية سيتقاضى كامبل نصف مليون استرليني مقابل الحلقات التلفزيونية في حين يترقب البريطانيون نشر مذكراته خصوصاً انه كان يتمتع بنفوذ بالغ في الحكومة. ويوصف بأنه نائب رئيس الوزراء غير الرسمي، ويُعتبر أوثق حلفاء بلير الذي كان يعتمد عليه في تسويق سياساته وشن حملات علاقات عامة لتحسين صورة حكومته الى درجة انه اصبح يوصف بأنه"سلطان الدعاية".
وستعرض"بي. بي. سي"، في حلقات تلفزيونية، بعض ما في المذكرات، بعد ايام قليلة من نشر الكتاب الأول منها، معتمدة على حوالي مليوني كلمة سجلها كامبل على نحو منتظم خلال خدمته مع بلير.
وكانت وسائل الاعلام البريطانية كشفت ان كامبل سيحصل على مليون جنيه في مقابل إعداد هذه المذكرات التي ستنشر صحيفة"ذي تايمز"بعض فصولها، وستُسلط الأضواء على الاسرار الخفية لحكومات بلير وعلاقاته مع مختلف زعماء العالم والأزمات المختلفة التي وقعت عالمياً ودور بريطانيا في العمل على حلها.
ووافق كامبل أخيراً على الا ينشر صفحات مطولة عن علاقة بلير مع وزير الخزانة غوردن براون، خصوصاً المشاحنات المستمرة بينهما من أجل عدم التأثير سلباً في حكومة براون التي سيُشكلها بعد استقالة بلير.
ومن المقرر ان تنشر هذه المذكرات مباشرة بعد اعلان بلير استقالته المتوقعة في تموز يوليو المقبل.
يُشار الى ان كامبل 50 عاماً، الذي كانت زوجته فيونا ميللر مساعدة لشيري بلير، قال بعد استقالته"ان من حسنات الوظيفة التي اتخلى عنها انك تشهد صناعة التاريخ من داخل ردهات السلطة لكن ذلك يكون دائماً على حساب عائلتك". واضاف:"سأكون من الآن وصاعداً الى جانب أولادي الثلاثة بدلاً من البقاء مستنفراً 24 ساعة ليل نهار وحتى في العطلات النظرية التي تحاول استغلالها".