اختتمت نهاية الاسبوع الماضي فعاليات سمبوزيوم اسوان للنحت على صخور الغرانيت بانجاز اكثر من ثلاثين عملاً نحتياً، تراوحت احجامها بين الكتل الكبيرة والصغيرة وعكست رؤيتها الفنية التفاعل الحضاري بين الشعوب والعلاقة بين الكتلة والفراغ. واقيمت الدورة 12 لسمبوزيوم اسوان، في اقصى صعيد مصر، في ساحة مفتوحة كبيرة بالقرب من متحف النوبة الذي يحتضن آلاف القطع الأثرية الفرعونية. وشهدت الدورة مستوى فنياً متميزاً مقارنة بسابقاتها، مع موضوعات تعبر عن انشغالات الفنانين المشاركين الفكرية والجمالية. وستضاف القطع التي انجزت خلال 50 يوماً من العمل الجاد في نحت كتل صخرية ضخمة يتجاوز طول بعضها المترين الى مقتنيات المتحف المفتوح المقام على شاطئ النيل الذي يبعد عشرة كيلومترات من مكان السمبوزيوم. ومن القطع التي جذبت اهتمام النقاد والمدعوين الذين حضروا الحفلة الختامية للسمبوزيوم منحوتة للفنان الايطالي باسكال مارتيني مكونة من قطع عدة، قطعتان متقابلتان يتجاوز ارتفاعهما المترين وتتصلان بممر صغير وقاعدة ترتبط بمثلث يتجه الى الفراغ. يؤشر رأس المثلث الى الجهة الثانية للتمثال التي نحت فوقها تشكيل جمالي لخريطة افريقيا. ويتوسط التمثال ايضاًَ تشكيل يوحي بقارب شراعي من الجهتين رأت فيه الناقدة اماني عبدالحميد رمزاً الى"الانتقال بين الحضارات والتفاعل". هذه الفكرة سيطرت ايضاً على النحات الالماني فريتز باك الذي نحت قطعتين عمل عليهما في شكل افقي، تمثل احداهما الانتقال من الموت الى الحياة من خلال قارب في داخله ثعبان يشير الى مفهوم المياه والحياة عند الفراعنة. اما القطعة الثانية فهي شكل مكعب مختلف اطوال الاضلع على شكل الاشارة الرياضية الدالة على اللانهاية انفنتي. واحتلت مقدمة الساحة التي اقيم عليها عرض منحتوتات السمبوزيوم كتلة صخرية ذات شكل مستطيل يتجاوز ارتفاعها المترين وعرضها المتر ونصف المتر لم يتدخل النحات كثيراً في طبيعتها القاسية باستثناء خطوط نحتها على الجهات الاربع توحي للمشاهد بانه امام قضبان زنزانة او صفحات كتاب، وفي الحالين"على الانسان ان يتعلم كيف يحافظ على انسانيته بالحفاظ على انسانية الآخر"كما يقول مبدعها النحات الصربي دفالدين مارتينوفيدج. ومن القطع المتميزة ايضاً منحوتة ترتفع مترين للنحات اليوناني ديميتريس سكالكوتوس الذي اتخذ من رمز الاغاثة"اس او اس"مادة لمنحوتته، حيث جعل من حرف"الاس"الاول قاعدة للتمثال ومن حرف"الاو"كرة ارضية محاطة"بزنار من الحنان"كما يقول، ليطلق حرف"الاس"الثاني الى السماء في دلالة على الانطلاق وانفتاح الافق. وهناك منحوتة للعامل المصري محمود الدويحي الذي لم يدرس الفن التشكيلي لكنه تعلمه من خلال عمله في الدورات السابقة للسبموزيوم وقد نحت على كتلة يتجاوز ارتفاعها مترين ملامح جسد امراة بخطوط مرنة تخلق علاقة جمالية بين الكتلة والضوء. وبرزت في هذه الدورة المنحوتات الصغيرة التي يمكن وضعها في الباحات الداخلية للمباني وتميزت من بينها منحوتات للفنانين المصريين هاني فيصل ومحمد رضوان. فقد ابرز الاول الليونة التي يمكن ان يوحي بها حجر الغرانيت على رغم صلابته، من خلال الاشكال الاسطوانية التي تأخذ شكل الدائرة او الغصن الكثير الالتواءات التي نفذ بها منحوتاته الثماني. في حين ركز الثاني على اظهار العلاقة بين الكتلة والفراغ والعلاقة مع الضؤ من خلال ثلاث قطع، احدها تمثل انوبيس والاخرى قاربا شراعيا والثالثة في شكل كرة مشروخة. وفي هذه الدورة اعلن وزير الثقافة المصري فاروق حسني في جلسة خاصة مع الصحافيين انه"سيتاح مستقبلاً للنحاتين المشاركين في السمبوزيوم ان يطرحوا بعض القطع الصغيرة للبيع وان يحصلوا على جزء من ثمنها". واذا حدث ذلك فستكون المرة الاولى التي تفتح فيها الفرصة امام الفنانين الاجانب والمصريين المشاركين في السمبوزيوم لانجاز قطع صغيرة خاصة بهم يمكنهم التصرف بها بالاتفاق مع ادارة السمبوزيوم.