الأنباء عن اعتقال ملا عبيد الله آخوند، أحد أكبر قادة طالبان في مدينة كويتا الباكستانية، وترحيله بالطائرة الى إسلام آباد حيث ينتظر استجوابه محققون باكستانيون وأميركيون، تبدو محاولة أميركية - أفغانية مكررة. فقد جرت العادة أن تلجأ الاستخبارات الباكستانية الى إعلان النجاح في عمليات، إما قبل وصول مسؤول أميركي رفيع المستوى، أو غداته. والإشارات كثيرة الى أن اعتقال عبيد الله، والإيقاع به، اقتضيا وقتاً طويلاً من التخطيط ونفذ الاعتقال بعد أن أيقنت الاستخبارات أن تأخيره لن يقود الى معلومات جديدة، ولا الى أشخاص آخرين. واعتقال الملا عبيد الله تحول في الحرب على طالبان. فهو من أقرب الناس الى الملا محمد عمر، وتكلم اليه في حملة الربيع التي تعدها طالبان في أفغانستان. وقادت عملية اعتقاله كثيراً من قادة طالبان الى إغلاق هواتفهم الدولية، والاختباء في أماكن جديدة. فعوَّق هذا العمليات التي كانوا ينوون القيام بها. وإذا تمكن المحققون من استخراج معلومات من الملا عبيد الله آخوند، قدر"الناتو"، وباكستان، على معرفة تفاصيل حملة الربيع المزمعة. ويرى مراقبون أن اعتقال ملا عبيد الله دليل على جدية باكستان في محاربة طالبان واستئصالهم من باكستان. بينما يراها آخرون دليلاً على إقامة قادة طالبان بباكستان، على رغم النفي الباكستاني المتواتر. ولعل زيادة الحراسات الأمنية على المراكز الحكومية في كويتا، خشية تعرضها لعمليات انتقامية من أنصار طالبان، قرينة على زعمهم، وعلى امتلاك طالبان القوة على إجبار الاستخبارات الباكستانية على التردد قبل القيام بأي عمل ضد طالبان. ومصدر قوة طالبان هذه تهريب ثلث ناتج أفغانستان من المخدرات من طريق باكستان. وقيمة الناتج الأفغاني تبلغ 3100 مليون دولار، تقتصر حصة المزارعين منها على 755 مليون دولار، تذهب بقية المبلغ الى جيوب المهربين، ومعظمهم من الباكستانيين الذين يسددون مقدماً للمزارعين الأفغان حصتهم. ولا نتستر على العادات الباشتونية وحملها القبائل على حماية الضيف، والدفاع عنه. وعلينا ألا ننسى أن أسامة بن لادن اخترق حصاره في تورا بورا بمساعدة قادة الحرب الأفغان الذين استأجرتهم اميركا لمساعدتها. والسبب في ذلك ان أسامة زاد ثمن مساعدتهم فوق ما جزتهم به أميركا. فعلينا النظر في مواردنا البشرية، والعثور على الأشخاص الذين يسعنا الاعتماد عليهم في هذا الشأن. عن نجم الدين شيخ وكيل الخارجية الباكستانية الأسبق، "دون" الباكستانية، 7/3/2007