يحاول رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي تجاوز التناقضات في حكومته، من خلال تأييد العشائر في معقل المسلحين في الأنبار، تحسباً لتحولات سياسية قد تغير الخريطة السياسية الداخلية، تبعاً للدعم الاقليمي والخطوات الأميركية اللاحقة، ومنها وضع خطة للانسحاب العسكري إذا فشلت استراتيجية الرئيس جورج بوش. والتقى المالكي خلال زيارته الأولى لمعقل التمرد، مسؤولين محليين وزعماء عشائر، خاضوا صراعاً دامياً ضد تنظيمات"القاعدة"، وبسطوا نفوذهم على معظم مدن المحافظة، في محاولة لاستمالتهم الى المصالحة الوطنية وتكريس نفسه زعيماً لا طائفياً. وعلى رغم تعهد رئيس الوزراء الذي يواجه استحقاقات اقليمية وداخلية تسعى الى تغيير تركيبة الحكومة، بالعمل مع محافظ المدينة والعشائر لمحاربة تنظيمات"القاعدة"، إلا ان بعض زعماء هذه العشائر"أبدوا شكوكاً في مقاصد التوجه الحكومي الأخير، خصوصاً انهم طالبوه بالدعم خلال الشهور الماضية، ولم يستجب مطالبهم". وقال الشيخ علي زيدان، مدير عام"مجلس عموم شيوخ العشائر العراقية والعربية في الأنبار"ان"الحكومة تحاول توظيف ما حققناه من انجاز أمني لصالحها سياسياً وتجعله مكسباً لها". لكن الشيخ ستار أبو ريشة زعيم"مجلس عشائر الانبار"قال ان زيارة المالكي"دليل على ما حققناه على المستوى الأمني، وقد وعدنا بدعم مالي وعسكري مقابل مساندتنا حكومته". وتزامنت زيارة المالكي للأنبار مع زيارة قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس للأنبار حيث تفقد قواته. وترك المالكي بغداد، على ما يؤكد مراقبون، وهي تخوض سباقاً سياسياً تقوده جهات مختلفة للحصول على موطئ قدم في خريطة يبدو انها تتجه الى التغيير، سواء نجحت الخطة الأمنية أم فشلت. ومع ظهور بوادر تحالفات سياسية تضم قوى مختلفة مذهبياً وقومياً يرى سياسيون عراقيون ان البوصلة التي سمحت بتشكيل جبهات قائمة على العصبية الطائفية لم تعد قادرة على الاستمرار، مع تبدل في المزاج الشعبي والاقليمي لمصلحة التخفيف من الاحتقان المذهبي. وكان حزب"الفضيلة"الاسلامي 15 مقعداً برلمانياً أعلن انسحابه من كتلة"الائتلاف"الشيعية 130 مقعداً بالتزامن مع اعلان نحو 15 عضواً في جبهة"التوافق"السنية تشكيل كتلة جديدة، اعقبها اطلاق رئيس الوزراء السابق اياد علاوي"جبهة وطنية"83 مقعداً برلمانياً مكونة من كتل"التوافق"و"الحوار والمصالحة"و"التحرير". ويعتقد ان"الفضيلة"سينضم اليها قريباً ليتعزز موقعها داخل البرلمان 120 مقعداً في حال انضمام"التضامن"التي شكلها مستقلون داخل"الائتلاف". وقال الناطق باسم"الفضيلة"نديم الجابري ان حزبه"منفتح على التحالفات الجديدة، لكنه لم يقرر بعد الانضمام اليها"، فيما ينتظر الأكراد استقرار التحركات الداخلية للبت في شكل تحالفاتهم. ووصل علاوي الذي يروج لمشروع بديل للحكومة الحالية ب"حكومة انقاذ وطني"تعلن احكاماً عرفية الى المملكة العربية السعودية، قادماً من الكويت، وسبقه الى الرياض الزعيم الكردي مسعود بارزاني، فيما قادت التوجهات التسووية ب"تنسيق اقليمي واميركي"القياديين السنيين طارق الهاشمي وسلام زكم الى ايران وسورية، والقيادي الشيعي عادل عبد المهدي الى طهران ومنها الى الولاياتالمتحدة. ويؤكد مقربون من المالكي انه على اطلاع كامل على التحركات التي تهدف الى اطاحة حكومته، ويسعى بدوره الى تكريس صورة"القائد القوي"الذي يحقق الأمن عملياً على الارض، ويتجول في شوارع بغداد ويعيد المهجرين الى منازلهم ويتحالف مع أعداء"القاعدة"في الأنبار. وتزداد الحسابات تعقيداً مع العداء المعلن بين عشائر"مجلس انقاذ الأنبار"والجهات السنية الحكومية، بالإضافة الى"هيئة علماء المسلمين"، والأخيرة تتهم زعماء العشائر الذين أعلنوا الثورة على"القاعدة"بأنهم"قطاع طرق"، فيما تصفهم"القاعدة"ب"المرتدين"، وشنت هجمات على قراهم أودت بحياة العشرات. الحراك الداخلي والاقليمي يؤشر الى التغيير في المشهد السياسي. وأكدت مصادر ل"الحياة"ان الحراك الأخير يتم"بمباركة وضغط اميركيين ويندرج في إطار البدائل التي تعدها واشنطن للخروج من الأزمة بإحداث انقلاب حقيقي على الأرض يتيح تخفيف العبء السياسي الداخلي عن الإدارة". لكن القيادي في"الائتلاف"الشيعي جلال الدين الصغير حذر من"أي تلاعب بالخريطة الحالية".