عندما جلس مسؤولون أميركيون وايرانيون معاً خلال مؤتمر بغداد امس لن تكون المرة الاولى التي يتحدثون فيها مباشرة منذ قطعت الولاياتالمتحدة علاقاتها مع ايران العام 1980. ومن وجهة نظر الولاياتالمتحدة راوحت هذه الاتصالات من مؤتمر بون العام 2001 عندما ساعدت ايران في تشكيل حكومة أفغانية لتحل محل نظام حركة طالبان المخلوع، الى الزيارة المحرجة لمسؤولين أميركيين الى طهران العام 1986 في اطار ما أصبح يعرف باسم فضيحة ايران كونترا. وجمع المؤتمر دول جوار للعراق وقوى دولية خلال محادثات تأمل الولاياتالمتحدة أن تسفر عن مزيد من الدعم الاقليمي للعراق للمساعدة في الحد من العنف المستشري بعد مرور أربعة أعوام على الغزو الذي قادته واشنطن للاطاحة بنظام الرئيس السابق صدام حسين. والاجتماع قد يكون فرصة لان يجري مسؤولون أميركيون وايرانيون"محادثات الامر الواقع"الذي رفضته ادارة الرئيس جورج بوش بشكل عام على رغم أنها أبدت استعداداً للتعامل مع الايرانيين في اطار مجموعات أكبر. وأجرى الديبلوماسي الاميركي السابق جيمس دوبينز اتصالات مكثفة مع مسؤولين ايرانيين في كانون الاول ديسمبر 2001 عندما نظمت الاممالمتحدة مؤتمراً في بون صاغ العملية السياسية لافغانستان بعدما أطاحت القوات التي تقودها الولاياتالمتحدة بحركة طالبان التي كانت تأوي زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. وقال دوبينز، الذي يعمل الآن محللا في مؤسسة راند،"قيل لي ان بامكاني التعامل معهم في أي زمان ومكان وتحت أي ظروف ما دمنا نتحدث عن أفغانستان". وذكر أنه تناول طعام الافطار مع المبعوث الايرانيمرات عدة واجتمع معه مرة أو مرتين يومياً خلال المؤتمر. ووصف دور الايرانيين بأنه مهم في اقناع الحلف الشمالي، وهو التحالف الافغاني الذي ساعد على الاطاحة بطالبان، بقبول عدد اقل من الحقائب الوزارية في الحكومة الافغانية الجديدة وتمهيد الطريق أمام ابرام صفقة سياسية. وقال دوبينز في مقابلة"انتحوا بمبعوث الحلف شمالي جانباً وهمسوا في أذنه... هذه أفضل صفقة ستحصل عليها ربما يتعين عليك أن تقبلها.. وقد فعل". لكن لم تكن جميع الاتصالات مع الايرانيين بناءة بالنسبة للولايات المتحدة. ففي أكبر فضيحة خلال فترة رئاسة رونالد ريغان تورط مسؤولون أميركيون في بيع أسلحة لايران، ثم تحويلهم العائدات لمتمردي الكونترا الذين كانوا يحاربون حكومة جبهة التحرير الساندينية الماركسية بقيادة دانييل أورتيغا في نيكاراغوا. وقطعت الولاياتالمتحدة العلاقات الديبلوماسية مع ايران في نيسان أبريل العام 1980 بعد خمسة شهور من احتلال طلاب ايرانيين مبنى السفارة الاميركية في طهران. واحتجز 52 أميركياً رهائن لمدة 444 يوما. وفي اطار اتفاق أدى الى الافراج عنهم تأسست محكمة لتسوية المطالبات بين ايرانوالولاياتالمتحدة للنظر في المطالبات القانونية بين البلدين. وتعامل مسؤولون أميركيون مع مسؤولين ايرانيين لمدة 26 عاماً وصافحوهم هم وقضاة ايرانيين في المحكمة. والسؤال الكبير في شأن اجتماع الامس هو ما اذا كانت ادارة الرئيس بوش ستتغلب على ترددها للتعامل مع ايران على أمل ارساء الاستقرار في العراق. وعرضت الولاياتالمتحدة اجراء محادثات مع ايران اذا قبلت طهران أولاً تعليق تخصيب اليورانيوم وهي العملية التي ينتج عنها الوقود النووي الذي يمكن أن يستخدم إما في محطات توليد الكهرباء أو في انتاج قنابل نووية. وترفض ايران حتى الآن تنفيذ ذلك المطلب وتقول ان برنامجها النووي سلمي. ولمح مسؤولون أميركيون الاسبوع الماضي الى استعداد للتحدث مع الايرانيين في شأن العراق. وعندما سُئل ان كانت ستجرى مثل هذه المحادثات خلال اجتماع بغداد قال دوبينز"أعتقد أن هذا سيكون صعباً، تبدو لي مناسبة قصيرة للغاية لبدء حوار ولكن سنرى". وأضاف"المشكلة هي أنه ما ان يكون أحد الطرفين مستعداً للتحدث بجدية حتى يشعر الطرف الآخر إما بأنه ضعيف للغاية أو واثق بنفسه للغاية".