أبقى لقاء رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري ورئيس كتلة "المستقبل" النيابية سعد الحريري، الأبواب مفتوحة لمواصلة الاجتماعات في أي لحظة، بعدما ظهر خلال الحوار، وبحسب بيان مشترك الصادر عنهما، وجود عدد من نقاط الالتقاء في وجهات النظر، وعدد من النقاط التي تحتاج الى مزيد من التشاور والنقاش الإيجابي. راجع ص7. وبالفعل عقد بري والحريري ليل امس اجتماعا ثانيا، في ضوء اجواء ارتياح جرت التعبير عنها بتأجيل جلسة مجلس الوزراء المقررة اليوم الى الثلثاء، وذلك بعد اتصالات شارك فيها رئيس المجلس ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة والحريري. وقوبل اللقاء بارتياح عبّر عنه أمس عدد من قادة الأكثرية والمعارضة، وترتبت عليه جولة جديدة من المشاورات أجراها بري والحريري مع حلفائهما لوضعهم في النتائج الايجابية للقاء اقتصر كما قالت مصادرهما ل"الحياة"على تبادلهما وجهات النظر في أجواء مريحة واستعراضهما للأفكار المطروحة لإيجاد حل للأزمة في لبنان، من دون ان يتناولا في العمق المخارج المؤدية الى التوافق على قواسم مشتركة في شأن تحقيق التوازن والتلازم بين إنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي وتشكيل حكومة وحدة وطنية. وأكدت المصادر ذاتها ان اللقاء يمكن ان يستأنف في أي لحظة. وتزامنت مشاورات بري والحريري مع حلفائهما مع تحرّك للسفير السعودي لدى لبنان عبدالعزيز خوجة الذي واكب عن كثب النتائج الأولية للقاء عبر تواصله مع رئيس المجلس واجتماعه مع رئيس كتلة"المستقبل"، مبدياً ارتياحه الى معاودة القوى المعنية بالأزمة وبإيجاد الحل عبر الحوار المباشر، ومجدداً دعم السعودية ومؤازرتها كل تحرّك من شأنه ان يساهم في تقريب وجهات النظر. وجاء لقاء بري والحريري قبل أيام من استعداد لبنان لمواجهة استحقاقين لهما علاقة مباشرة بالتطورات المتسارعة فيه، الأول تقديم منسّق الأمانة العامة للأمم المتحدة في لبنان غير بيدرسون تقريره الى مجلس الأمن حول سير تطبيق القرار الدولي الرقم 1701، والثاني يتعلق بتقرير آخر سيقدّمه الى المجلس القاضي البلجيكي سيرج براميرتز، رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري. وتوقفت مصادر لبنانية رفيعة المستوى امام توجه فريق أساسي في اللجنة الى دمشق، فور عودة براميرتز من زيارة خاطفة قام بها للسعودية. وأكدت المصادر ذاتها ل"الحياة"ان فريق المحققين زار دمشق في اليوم التالي لعودة براميرتز الى بيروت، والتقى مسؤولين سوريين في منتجع"مونتي روزا"السياحي الواقع في منتصف الطريق بين دمشق ونقطة الحدود اللبنانية - السورية. ولم تتمكن المصادر من تحديد هوية المسؤولين السوريين الذين قابلهم فريق التحقيق الدولي، لكنها أكدت انه عاد محمّلاً بوثائق تعتقد بأنها تتعلق بتلك التي كانت اللجنة طلبتها من دمشق وتتناول أداء الاستخبارات السورية في لبنان أثناء وجود الجيش السوري فيه، إضافة الى معلومات تتعلق بعدد من الضباط السوريين الذين كانوا يعملون في عداد الفريق الاستخباراتي العسكري السوري. ورداً على سؤال أوضحت ان لجنة التحقيق لم تتوقف عن استقبال عدد من الشهود في اغتيال الحريري في مقرها في"مونتيفيردي"في المتن الشمالي، علماً ان القضاء اللبناني واصل أمس الاستماع الى شهود في الجريمة، أبرزهم النائب السابق ناصر قنديل. وهذه أول مرة يستمع فيها القضاء اللبناني الى افادته، بعدما استمعت إليه سابقاً لجنة التحقيق. لكن تلك المصادر لم تستبعد في اطار الترابط بين استئناف الحوار اللبناني - اللبناني وتسارع الاتصالات الدولية والعربية والاقليمية ومنها المؤتمر المقرر في بغداد اليوم لدول الجوار، في حضور الولاياتالمتحدة ان يقوم وزير الخارجية الإيراني منوشهر متّقي بزيارة خاطفة لبيروت، إنما بعد انتهاء المؤتمر. آمال باختراق وبالعودة الى لقاء بري والحريري، أملت الأوساط السياسية بأن يفسح في المجال أمام تسجيل اختراق أساسي، يمكن ان يشكل قاعدة للتفاهم على حلّ الأزمة في لبنان، فيما أعرب رئيس كتلة"المستقبل"ل"الحياة"عن ارتياحه الى الاجواء التي سادته، واصفاً إياها بأنها إيجابية، يمكن ان تضع لبنان أمام مرحلة سياسية جديدة. ولفت الحريري الذي يرفض الخوض في تفاصيل المداولات التي تمت في اللقاء، الى ان هناك بوادر انفراج لا بد من متابعتها، مؤكداً انه تبادل مع بري وجهات النظر، ومشيراً الى ان اللقاء"كان فرصة لإرساء عامل الثقة وتبادل الهواجس". ولاحظ ان الجواء الايجابية للقمة السعودية - الإيرانية التي عقدت في الرياض أخيراً، كانت حاضرة بامتياز في اللقاء الذي اتّسم بالصراحة، وأمل بأن تستمر الأجواء الايجابية"للتوصل الى تفاهم انطلاقاً من تأكيدنا انه لن يكون هناك غالب أو مغلوب من خلال الحل الذي نسعى اليه". بدوره عكس بري أمام زواره أمس أجواء ايجابية، بينما قالت مصادر قيادية بارزة في حركة"أمل"ل"الحياة"ان رئيس المجلس النيابي تواصل مع حلفائه في المعارضة، خصوصاً قيادتي"حزب الله"و"التيار الوطني الحر"بزعامة العماد ميشال عون وأنه يشعر بوجود نية جدية لدى الطرفين للوصول الى حل، وأن النقاش سجّل تقدماً في تبادل الأفكار أو في طرح بعض المخارج. ونقلت عن بري ارتياحه الى اللقاء، وأن هناك ارادة مشتركة للتوصل الى الحل، متوقّعة ان تسجل الجولة الثنائية من الحوار تقدماً ملموساً على طريق التفاهم، بعد ان يكون رئيس المجلس والنائب الحريري أجريا جولة جديدة من المشاورات مع حلفائهما. لكن مصادر سياسية لاحظت أن لا مشكلة تعترض التوصل الى إعلان بالنيات الحسنة، وهذا ما عبّر عنه بري والحريري في اجتماعهما التمهيدي، وأن الجهود يجب ان تنصب باتجاه حسم نقاط الاختلاف، من خلال التوصل الى صيغ مركّبة، على خلفية التفاهم على آلية للتطبيق، مقرونة بالتزامات لتطبيقها. وبدا واضحاً ان لقاء بري - الحريري أرخى أجواء نفسية بدّدت بعض الاحتقان والمخاوف لدى اللبنانيين. في واشنطن، أكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع اللبناني الياس المر الذي يواصل زيارته الرسمية للولايات المتحدة، أن"الادارة الأميركية وافقت على تقديم المساعدات المطلوبة للجيش اللبناني على مراحل، والمرحلة الأولى فورية وسريعة، قيمتها 320 مليون دولار للعام 2007". وزاد ان المحادثات التي أجراها في البيت الأبيض ومع وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ووزير الدفاع روبرت غيتس"كانت في منتهى الصراحة ولم يتخللها أي طلب أو شرط في مقابل المساعدات". وشدّد على أن"أياً من المواضيع الداخلية اللبنانية لم يتم التطرّق اليها".