بدأت الاثنين محكمة عسكرية في محاكمة ضابط أميركي رفض المشاركة في حرب العراق والذي اصبح رمزاً لجمعيات سلمية دعت الى التظاهر لدعمه. ونفى الضابط اهرين واتادا 28 عاماً التهم المنسوبة اليه في محاكمة تسلط الضوء على حق الضباط الاميركيين في اتخاذ موقف مناهض للحرب. ويواجه واتادا تهمة التخلف بسبب رفضه السفر الى العراق مع لوائه الصيف الماضي، بالإضافة الى تهمة التصرف بطريقة لا تليق بضابط لانتقاده في تصريحات علنية حرب العراق ووصفها بأنها غير مشروعة وغير أخلاقية. وأصر واتادا، وهو اول ضابط يعصي علناً اوامر التوجه الى العراق، امام المحكمة في قاعدة فورت لويس 70 كلم الى جنوب سيتل، كبرى مدن ولاية واشنطن، شمال غرب انه بريء. ويواجه واتادا في حال ادانته عقوبة تصل الى السجن اربع سنوات. وفي اليوم الاول لمحاكمته قال واتادا انه رأى ان الامر بالتوجه الى العراق والمشاركة في العمليات القتالية"غير شرعي لأن الحرب كلها غير شرعية". وأضاف"لم يكن لدي خيار آخر سوى رفض تنفيذ الامر". وكان الضابط الاميركي يأمل ان يشرح موقفه من الحرب في المحاكمة، لكن رئيس المحكمة القاضي العسكري اللفتنانت كولونيل جون هيد رفض منح الدفاع حق التشكيك في شرعية الحرب، قائلا ان هذه القضية لا يمكن ان تبت فيها المحكمة العسكرية. كما رفض هيد القائمة المحتملة لشهود الدفاع وبينهم خبراء في القانون الدستوري قائلا ان ذلك لا يمت للقضية بصلة. كما قلص أيضاً الاعضاء المحتملين في اللجنة العسكرية التي تقوم بدور هيئة المحلفين في المحاكم المدنية والتي ستحدد مصير المتهم. وقال اريك سايتز محامي واتادا"أصبح من الواضح الآن انه لن يكون لدينا ما نقول في هذه المحكمة"ووصف قرارات القاضي بأنها"كوميدية"و"مروعة". وجرى جدل ساخن بين القاضي وفريق الدفاع للضابط المتهم. وبعد احد الاعتراضات المتكررة لسايتز على قرارات القاضي قال القاضي للمحامي"أترك حركاتك المسرحية خارج قاعة المحكمة". وستبت لجنة عسكرية الآن فيما اذا كان انتقاد واتادا للحرب يصل الى حد السلوك الشائن وما اذا كان يعد انتهاكاً للولاء والانضباط ويضر بمهمة القوات الاميركية في العراق والروح المعنوية للجنود. وبحسب نص الاتهام الموجه ضده فإن واتادا اعلن في 6 حزيران يونيو 2006"لم اكن لاصدق أبدا ان قائدنا الرئيس الاميركي يمكنه خيانة الثقة التي منحناه اياها". واضاف اللفتنانت بحسب التصريحات المنسوبة اليه في نص الاتهام"عبر قراءة عدد الاكاذيب التي استخدمتها ادارة بوش لشن هذه الحرب، اصبت بصدمة ... واذا كان الرئيس يمكنه خيانة ثقتي، لقد آن الاوان بالنسبة لي لأعيد النظر بما يطلب مني القيام به". وقال اللفتنانت قبل ان يرفض التوجه الى العراق مع وحدته في 22 حزيران"كيف سأتمكن من ارتداء هذه البزة العسكرية بعدما اصبحت اعلم الآن اننا قمنا باجتياح بلد على اساس كذبة". وفي مقابلة مع الاذاعة الوطنية في نهاية كانون الثاني يناير قال واتادا انه طلب في نيسان ابريل الماضي الاستقالة من الجيش كي لا يتوجه الى العراق لكن طلبه رفض. واضاف"حينئذ قررت اخراج القضية الى العلن وان اوضح للناس الاسباب التي يقتل من اجلها الجنود في العراق". وفي هذه المقابلة قال واتادا ان الجنود لديهم الحق في رفض اطاعة امر غير شرعي بحسب المعاهدات العسكرية المعتمدة. واضاف للاذاعة"في هذه القضية، قرر القاضي مسبقا انه لن يسمح بعرض اي دليل او الاستماع لشهود يقولون ان الحرب غير شرعية. لقد قرر ان الامر شرعي وانه عبر توجيه التهم لي بعصيان امر، انما يتم اخفاء مسألة شرعية الامر". وانخرط اللفتنانت واتادا بالجيش عام 2003 قبل ان يؤدي الخدمة العسكرية في كوريا الجنوبية ويعود الى الولاياتالمتحدة. وبعد ان علم بأوامر التوجه الى العراق، طلب ان يتم نقله الى وحدة اخرى واقترح ارساله الى افغانستان. ومنذ توجيه التهم اليه، يقوم بعمل اداري في قاعدة فورت لويس بانتظار بدء محاكمته. وتجمع امام القاعدة التي احيطت بتدابير امنية مشددة حوالى 200 شخص، بينهم الممثل المناهض للحرب شون بين، للاعراب عن تضامنهم مع الضابط الاميركي، كما انطلقت تظاهرات اخرى في نيويورك ولوس انجليس. واكد النائب الديموقراطي عن ولاية واشنطن مايك هوندا في افتتاحية نشرت في 30 كانون الثاني يناير في"سان فرانسيسكو كرونيكل"، ان اهرين واتادا"تطوع للخدمة في الجيش بعد اعتداءات 11 ايلول سبتمبر 2001 لحماية عائلته ومواطنيه. وكانت خدمته مثالية واعتبره المسؤولون عنه على انه بين الافضل". وتعليقا على قرار الجندي عدم التوجه الى العراق، قال مايك هوندا ان"واتادا ليس وحيداً، كل استطلاعات الرأي تظهر معارضة متزايدة لدى الرأي العام للطريقة التي يدير فيها الرئيس بوش الحرب في العراق. وهذا الجندي قام بشيء فريد لأنه اول ضابط يرفض التوجه الى العراق". واظهر استطلاع للرأي نشرته مجلة"نيوزويك"في الاونة الاخيرة ان ثلثي الاميركيين 67 في المئة يعتبرون ان قرارات الرئيس الاميركي حول العراق وفي مجالات اخرى تمليها قناعاته الشخصية اكثر من الوقائع.