اتفق أركان الحكومة الاسرائيلية أمس على وجوب أن تتابع اسرائيل الاقتتال الداخلي في غزة من دون أن تتدخل فيه في الوقت الراهن لئلا تقدم دافعا للفلسطينيين لتوحيد قواهم ضد اسرائيل. وأضافوا ان عدم التدخل"لا يعني ألا يكون الجيش متأهبا لتفادي أي مفاجأة"، ملمحين الى أن عملية عسكرية اسرائيلية واسعة في القطاع قالت صحيفة"هآرتس"إن الجيش أنهى استعداداته لها، ستقع عاجلا أم آجلا"خصوصا في حال انتهى الصراع على السلطة في غزة بغلبة لحركة حماس". وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت خلال جلسة الحكومة الأسبوعية أمس إن إسرائيل تتابع التطورات في القطاع، نافياً أن يكون لها ضلع في ما يحصل. وقال:"إنها مسألة داخلية لا تبعث على ارتياحنا"، مضيفا ان إسرائيل لا ترى ان الاقتتال سيقود إلى انفراج مفيد نحو العملية السياسية التي تطمح إليها"لكنها لا تتدخل بل تأمل في أن يتوقف العنف الفلسطيني الداخلي، وأيضا العنف والإرهاب الموجهان ضد اسرائيل". ورغم الادعاء بعدم التدخل، لم يخفِ اولمرت ميْل اسرائيل الى رؤية حركة"فتح"في خانة المنتصر. وتابع أن قبول الحركة الاسلامية الأصولية شروط الرباعية الدولية، الاعتراف بإسرائيل والاتفاقات الموقعة معها ووقف الإرهاب وإطلاق الجندي غلعاد شاليت، سيؤهلها لتكون شريكة في المفاوضات السياسية. من جهته، قال وزير الدفاع عمير بيرتس إن المؤسسة الأمنية تتابع عن كثب التطورات داخل غزة"لكن من دون أن نتدخل". وقال إن الجيش الاسرائيلي لا يتدخل في الاقتتال الفلسطيني الداخلي لكنه يواصل بذل جهوده لاكتشاف الأنفاق الجاري حفرها في القطاع، وانه أوعز الى الجهات المعنية تطوير التقنيات العالية لكشف هذه الأنفاق. ورأى نائب رئيس الحكومة ايلي يشاي أن الأحداث الداخلية"تلزمنا الانتظار وعدم إدخال رأسنا داخل الحروب الداخلية". واضاف أنه يتعين على اسرائيل الاستعداد لفترة ما بعد انتهاء الاقتتال،"إذ يحظر علينا اتخاذ موقف لا مبال، بل علينا التحرك بشكل مدروس ومتزن للقضاء تدريجا على الارهاب هناك". وقال النائب الأول لرئيس الحكومة شمعون بيريز إنه يجدر بإسرائيل أن"تدع غزة للغزيين"، معتبرا أن أي تدخل سيعود بالضرر على اسرائيل ولن يفيدها في شيء"بل قد يوجه كل النيران باتجاهها". كما اعتبر الوزير زئيف بويم ان أي تدخل اسرائيلي في ما يحصل يجعل من اسرائيل عدوا مشتركا"وسيوقف الاقتتال الداخلي". لكنه كان صريحا في قوله أنه في حال سيطرت"حماس"على غزة فإن الأمر"يستوجب ردا اسرائيليا شديد الصرامة للحؤول دون لبننة القطاع". "شاباك": حدة الاقتتال ستتصاعد من جهته، قال نائب رئيس جهاز المخابرات العامة شاباك لوزراء الحكومة ان جهازه يتوقع احتدام المعارك بين"فتح"و"حماس"حيال حقيقة أن كلا منهما يسعى الى التسلح ويعد نفسه للموجة المقبلة من المواجهات. وشكك في أن يصمد اعلان وقف النار الذي أعلنته الحركتان نهاية الأسبوع الماضي، معتبرا ان التوتر سيد الموقف وان مواجهات الأيام العشرة الأخيرة هي الأعنف في السلطة خلال السنوات الأخيرة. ورأى المسؤول الاستخباري أن فرص نجاح تشكيل حكومة وحدة فلسطينية تبدو ضئيلة، مستبعدا أن يحرز لقاء القمة بين عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة"حماس"خالد مشعل في مكة غداً تقدماً جيداً"باستثناء تصريحات ايجابية". وقال إنه لا يلحظ تغييرا في مواقف"حماس"رغم أن الحركتين المتخاصمتين لا ترغبان بحرب أهلية،"إلا أن التطورات على الأرض تقود إلى هذ الاتجاه". وزاد ان المشكلة الأساسية داخل المجتمع الفلسطيني وبالنسبة الى إسرائيل أيضا تكمن في أن لا سلطة مركزية في الفصائل الفلسطينية جميعها، وأن عناصر كل منها لا تأتمر بقادتها،"وهذا ما يحصل في فتح أيضا... لا يوجد أب لأي من هذه الفصائل، وهذه إحدى المشاكل التراجيدية للشعب الفلسطيني في السنوات الأخيرة". لا لإطلاق البرغوثي وردا على تساؤل الوزير جدعون عزرا عما اذا كانت إسرائيل تقدم فعلا ما يلزم لتعزيز القوى الفلسطينية المعتدلة إزاء عدم اطلاقها أسرى فلسطينيين، ومن ضمنهم القيادي في"فتح"مروان البرغوثي الذي اعتبر انه يحظى بشعبية واسعة في أوساط الفلسطينيين، كرر نائب رئيس"شاباك"رفض الجهاز الافراج عن البرغوثي، وقال إن"ثمة فجوة شاسعة بين الصورة المرتسمة عن البرغوثي في وسائل الاعلام وبين المعلومات الاستخبارية التي في حوزتنا عن مواقفه الحقيقية، وهي متشددة تنفي عنه صفة العنصر المعتدل". وكانت صحيفة"هآرتس"نشرت في عنوانها الرئيس أمس ان الجيش الاسرائيلي كثف أخيرا استعداداته لاحتمال تنفيذ عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة على غرار عملية"السور الواقي"التي نفذها في الضفة الغربية قبل خمس سنوات. ونقلت عن مسؤولين أمنيين أن تكثيف الاستعدادات يأتي في أعقاب احتدام الصراع الفلسطيني الداخلي وأن اسرائيل ستضطر، ليس في الوقت القريب حتما، الى التحرك العسكري الواسع في القطاع خصوصا في حال وجهت احدى الفصائل المتحاربة عمليات مسلحة الى اسرائيل. وتابعت أن رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال دان حالوتس حدد للجيش موعدا لإنهاء استعداداته لعملية في القطاع، مستفيدا من دروس الحرب الأخيرة على لبنان التي لم يكن فيها الجيش مستعدا للحرب. وزادت أن الغرض من العملية ضرب البنى التحتية العسكرية ل"حماس"، وسط أنباء عن تحسينات أدخلتها على مدى قذائف"القسام"ومحاولاتها تهريب مضادات للدبابات من مصر.