"حرّرت" نهاية الحرب الباردة الدول الساعية في امتلاك السلاح النووي من قيد الحظر على هذا السلاح. وحلّ محلّ "توازن الرعب" اختلال استراتيجي بعث انتشار أسلحة الدمار الشامل ورعاه. فثمّة 30 بلداً تملك صواريخ باليستية، و19 بلداً تملك صواريخ يقل مداها عن 1000 كلم، و17 صواريخ يبلغ مداها 300 كلم. والانتشار هذا، على أنواعه، حدا ببلدان تريد حماية أراضيها ومواطنيها من القصف الصاروخي إلى إنشاء درع تصدّ الصواريخ. وزاد عدد هذه الدول طرداً مع زيادة عدد البلدان المسلّحة. وتترجح الصواريخ من"الكاتيوشا"البدائية التي استعملها"حزب الله"بجنوب لبنان إلى"شهاب - 3"الإيراني المتوسّط المدى و"ثايبودونغ"الكوري الشمالي عابر القارات. ولا شكّ في قوّة دواعي إسرائيل إلى الإنفاق على أجهزة الدفاع المضادّة للصواريخ. ولكن مسوغ استفادة الدول الأوروبية من الجهاز الأميركي المضادّ للصواريخ، ضعيف. فالولاياتالمتحدة إنما ترمي، في المرتبة الأولى، إلى استباق هجوم مصدره الشرق الأوسط. وهي تملك مروحة من الصواريخ المعترضة في اطار الردع النووي. والمسألة هي أنّ هذه ليست الردّ الناجع على دول"مارقة"تتصدّرها، على حسب تصنيف واشنطن، إيران وكوريا الشمالية وليس نشر الرادارات والصواريخ المعترضة في الجمهورية التشيكية وبولندا، وهما بلدان حليفان، إلاّ إجراء يستبق قصفاً إيرانياً. وحملت روسيا المشروع على اختراق استراتيجي غير بعيد من حدودها. وأيّدت المانيا التأويل الروسي. فلاحظ فرانك - فالثر شتانميير، وزير الخارجية الألماني، أنّ على الولاياتالمتحدة مناقشة التدبير العسكري مع روسيا قبل البت فيه، وقال إن الأوروبيين"يفكّرون"في أنظمة دفاع ضدّ الصواريخ لم تبلغ بعد طور التخطيط. وأخذ الحلف الأطلسي علماً بخلاصة دراسة انتهت إلى أنّ إنجاز نظام دفاع مضادّ للصواريخ ليس مستحيلاً وجائز التحقيق والتنفيذ. ويناقش حلف الأطلسي منذ بعض السنوات خطة مثل هذه. وإنجاز دفاع مضاد للصواريخ يتولى حماية القوّات المحاربة وهي في ميدان الحرب أو"مسرحها" متوقع في 2012. ويرجّح أن يكون ركن هذا الدفاع صواريخ"باتريوت"الأميركية من الجيل الثالث بال - 3. وقد تكمل الصواريخ الفرنسية"أستير"الجهاز، وهي منذ اليوم جزء من تسليح نظام سامب/ت أرض جو متوسط المدى / أرضي. وتعمد فرنسا إلى بناء دفاعها المضاد للصواريخ الميداني الخاص. ونطاق هذا الدفاع أضيق من الدفاع المضادّ للصواريخ المسمّى مندمجاً أو اقليمياً. وتقتصر حيازته على روسيا وإسرائيل. وكان الاتحاد السوفياتي السابق ابتدأ برنامجه منذ 1965، وناط به حماية موسكو. ولا علم بحاله اليوم. ويعود برنامج إسرائيل إلى 1988. وتتعاطى إسرائيل مع الولاياتالمتحدة على تطوير نظام سنده"حتس"، وهو يتحدّر من"آرو"الأميركي. وفي 11 شباط فبراير الجاري اختبرت إسرائيل للمرة الخامسة عشرة صاروخها هذا. وتسعى بلدان متفرّقة، مثل الهند واستراليا وسورية والجزائروإيران وكوريا الجنوبية, في امتلاك دفاع مضادّ للصواريخ. وباعت روسيا صواريخ تور إم - 1 من إيران واليونان والصين، وصواريخ مضادة للصواريخ إس - 300 وهي درّة الدفاع الروسي الجوّي المضادّ من الجزائر، وباعت الولاياتالمتحدة"بال - 3"من تايوان ودول الخليج واليابان. وأنفقت طوكيو أموالاً طائلة على هذا الصنف من الدفاع، فاشترت مدمّرات وبوارج مجهّزة بنظام"أيجيس"الأميركي, وبأجهزة اس ام - 3 للاعتراض. عن لوران زاكيني، "لوموند" الفرنسية، 21 / 2 / 2007