يتهدد انتشار اسلحة الدمار الشامل، والوسائط الصاروخية التي تحملها، أمن حلفاء «الأطلسي» وروسيا معاً. ويقدر عدد البلدان التي تطور مثل هذه الأسلحة بثلاثين بلداً. ولعل إيران مثال صارخ على هذه الحال. فالدولة الإيرانية وقعت معاهدة حظر الانتشار النووي، وتطور برنامجاً نووياً تزعم أن أغراضه محض سلمية. وهي تخطت كثيراً ما يحتاج إليه برنامج مدني، وتسترت على عدد من المواقع وأخفتها عن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة النووية، وعن المجتمع الدولي، ورفضت كل مقترحات التعاون مع الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرهما. وأخيراً أعلنت الحكومة الإيرانية عزمها على تخصيب اليورانيوم الى مستوى فوق المستوى الذي تحتاج إليه إذا قصرت الاستعمال على الوجه النووي. وتتحدى الحكومة قرارات مجلس أمن الأممالمتحدة. والى هذا، تمضي إيران على تنفيذ برنامج صاروخي متطور. وأعلن قادتها أن صواريخ شهاب - 3 المعدلة تبلغ مداها ألفي كلم، وتُدخل في دائرة إصابتها بلداناً حليفة مثل تركيا واليونان ورومانيا وبلغاريا. وفي شباط (فبراير) 2009 عرضت إيران صاروخ سفير - 2، وهو يحمل قمراً اصطناعياً ويضعه على محوره. وصناعة مثل هذا الصاروخ مرحلة وسيطة حاسمة على طريق إنتاج صواريخ متوسطة المدى وعابرة للقارات. وإذا مضت إيران على برنامجها هذا، دخلت أوروبا كلها، وروسيا معها، في مطال صواريخها. وعلى الذين يضلعون في الانتشار هذا أن علموا أنحلفاء «الأطلسي» لن يساوموا أبداً على دفاعهم الجماعي، بما فيه الردع النووي. ويقضي واجبنا نحو شعوبنا باستكمال طاقتنا على الردع بواسطة وسائط مضادة للصواريخ وناجعة. ويدعونا الى القيام بواجبنا انتشار تكنولوجيا الصواريخ عن يد أنظمة سياسية يستحيل توقع قراراتها وقادة ليسوا أكثر رشداً. و «الأطلسي» طور أنظمة حماية القوات عند انتشارها. ولكن الإطار الجديد المضاد للصواريخ الذي يميل إليه الأميركيون يوفر فرصاً ناجعة لبناء نظام فعال يشمل «الأطلسي» كله، ويحسن الدفاع الإقليمي عن سكاننا وأممنا. والدفاع المضاد للصواريخ الأوروبي - الأطلسي قرينة قوية على أن «الأطلسي»، مجتمعاً، ينوي الدفاع عن دوله من التهديدات الحالية والمقبلة، وبرهان جلي على أن انتشار الصواريخ غير مجدس ولا يعود بالنفع على من يباشرونه. وهو فرصة، يجدر بالأوروبيين انتهازها، الى إعلان إرادتهم الاستثمار في وسائل الدفاع الذاتي، والاضطلاع بدور نشط في عملية اقتصرت الى اليوم على الأميركيين والروس. وثمة داعٍ آخر الى الانخراط في دفاع مضاد للصواريخ هو تجديد دينامية الأمن الأوروبي والأمن الأوروبي - الأطلسي. وفي هذا المضمار، أولت روسيا عنايتها الأولى المعاهدات والمؤتمرات والاتفاقات السياسية. ولا ريب في جدوى هذه. وعلينا السعي في صوغ أطر سياسية مشتركة. وأحسب أن هيكلية قائمة على أمن متعاضد عليها تخطي نواة الخطة نحو إنفاذها وإنجازها. والدفاع المضاد للصواريخ هو هذا الإنجاز. ولا شك في أن اتفاق الولاياتالمتحدةوروسيا على تتمة لمعاهدة «ستارت»، وعلى تخفيضهما مخزونيهما النوويين، قاعدة جيدة. والاتفاق الجديد يسهم في تحصين الأمن العالمي، ويبعث على تقوية التعاون مع روسيا على مسائل أخرى، أولها علاقات «الأطلسي» بروسيا. والدفاع المضاد للصواريخ فرصة تعاون علينا الاستفادة منها. وشمول الملجأ الآمن والمشترك بلداننا جميعاً يحمل المواطنين، من فانكوفير الى فلاديفوستوك، على إدراك انتمائهم الى جماعة واحدة. وهذا الملجأ رمز سياسي قوي لانخراط روسيا، عضواً تام العضوية في الأسرة الأوروبية - الأطلسية، ومساهماً في الأكلاف والأرباح. وعلى روسيا البت في الأمر، والقول إذا كانت ترى في الدفاع المضاد للصواريخ فرصة أم تهديداً. * الأمين العام لحلف معاهدة شمال الأطلسي («ناتو»)، عن موقع «بروجكت سانديكايت» الدولي، 5/4/2010، إعداد وضاح شرارة