في إشارة واضحة منها الى بث ثقافة الحياة، اختارت السفارة اليابانية في لبنان بالتعاون مع الجامعة اللبنانية، أرشفة الحياة اليومية اليابانية منذ قصف مدينتي هيروشيما وناكازاكي بقنابل نووية اليوم، في معرضٍ فوتوغرافي اختصر 60 سنة من إعادة الإعمار. مشاهد من طفولةٍ يابانية تناثرت صوراً على الجدران الحُمر لصالةٍ اعتادت استقبال المعارض والمسرحيات والنشاطات الثقافية، وسبق لها أن استضافت معرضاً يابانياً قبل سنتين، ما ساهم في إضافة لبنان الى 130 دولة تتعامل معها المنظمة اليابانية لتبادل الثقافات. صورٌ بالأبيض والأسود لأطفالٍ شردوا جراء الحرب الدامية، لوّنتها إرادة شعبٍ يعشق السلام فنفضت عنها سوادها وتحولت صوراً ملونة تشع حياةً وأملاً. مئة صورة اختيرت من أصل 30 ألفاً توزعت حسب الترتيب الزمني منذ عام 1945 وحتى 2005. 60 سنة لخصتها صورٌ بالأبيض والأسود كدليلٍ على الحرب، وأخرى ملونة كدليل على الحياة. صورٌ حملت دموعاً ووروداً لتحاكي بتناقضاتها الوجدان الإنساني. فقد اختار فريق عمل الجامعة بالتعاون مع الملحق الثقافي الياباني أن تفتتح المعرض صورةٌ أخذت عام 1945 بعد انفجار هيروشيما بثلاثة أيام. وتتالت صور الفقر والمعاناة مع مفارقة بارزة هدفها"الأمل"، فالحرب لم تترجم دماءً حتى في الصور المراد منها إظهار غدر الانفجارات و بشاعتها. كانت الدموع أقسى تعبير لأطفالٍ مشردين لا مأوى لهم أجبروا على العمل حتى يستمروا وآخرين نظفوا بإرادتهم مدرسةً كانت تؤويهم. دموعٌ خُبئت تارة بابتسامة بريئة وبانت في عيون صغيرة تارة أخرى. تمشي ملازماً الحائط الكئيب فتجذبك صورة التقطت في طوكيو عام 1954 لطفلين أخوين ملطخين بقذارةٍ سوداء وبقايا رمادٍ غطى الأرض التي يفترشونها. طفلٌ يضحك والثاني يبكي، صورةٌ من المستحيل أن تتعثر بشبيهة لها، خصوصاً في طوكيو اليوم. بخطوتين فقط تقفز سنة بكاملها، فيستقبلك صبيٌ صغير"قابع"داخل صورة فوتوغرافية ليريك كيف كانت الحياة في جزيرة هيروشيما عام 1955. تلك الجزيرة التي لا يعد سكانها اليوم أكثر من مئتي مواطن. سنونٌ تمضي وصورٌ تتلوّن بخطواتٍ قليلة، ففي مقابل الحائط الكئيب الذي يعاني اثار حربٍ ضروس، حائطٌ ضاحك ملوّن بصور أطفالٍ يلعبون في العراء وسط العشب الأخضر وآخرين يلهون مع زمرة من رفاقهم بالماء، إكسير الحياة. في نهاية الرواق تودعك صورة التقطت عام 2005 واختارتها جمعية المصورين المحترفين في اليابان كغيرها من صور المعرض لتعلن نهاية حقبة استمرت 60 سنة. عدسات مصورين محترفين من كل أنحاء العالم كتبت تاريخ اليابان بين الأمس واليوم، تاريخٌ تمثل بصورٍ بورتريهات لأطفالٍ يابانيين لفظوا الحرب فكانت عفويتهم البريئة أروع وسيلة لنقل مشاهدات المصورين وعرضها في هذا المعرض الفوتوغرافي الذي افتتح في 16 الشهر الجاري، ويستمر باستقبال محبي الصورة حتى الثلثاء المقبل.