شغلت الانتقادات الشديدة التي وجهها وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أمس، إلى خطط واشنطن لنشر نظام الدرع الصاروخية الأميركية قرب الحدود الروسية من دون التفاهم مع موسكو الأوساط السياسية الألمانية والأوروبية. وعاد الوزير الألماني وأكد موقفه في باكو عاصمة آذربيجان التي يزورها حالياً، مبدياً تفهمه لقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن نشر الصواريخ استفزاز واضح لبلده. وسارع حزب الخضر إلى مطالبة الحكومة الالمانية بإبلاغ وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس التي تصل إلى برلين غداً الأربعاء للمشاركة في اجتماع"الرباعية الدولية"، بأن خطط واشنطن تثير القلق والانتقادات في أوروبا. ورأى مراقبون أن المستشارة آنغيلا مركل غير بعيدة عن موقف وزير خارجيتها، لكنها تفضل عدم الإفصاح عن رأيها، مراعاة لعلاقاتها الجيدة مع الرئيس جورج بوش. وفيما دافعت بولندا وتشيخيا عن مشروع نشر الصواريخ الأميركية في أراضيهما، لم تعلق واشنطن فوراً، على انتقادات برلين. وقال شتاينماير لصحيفة"هاندلسبلات"الألمانية الصادرة أمس، إنه كان على واشنطن البحث مع موسكو في أمر نشر النظام الصاروخي. وأضاف:"بالنظر إلى الطبيعة الاستراتيجية لمثل هكذا مشاريع، كان من الأفضل اعتماد الحذر واللجوء إلى حوار مكثف مع كل الشركاء". وكان الرئيس بوتين انتقد بقوة في"مؤتمر ميونيخ الأمني"مطلع الشهر الجاري، الخطط الأميركية، قائلا إن واشنطن"تمارس مغامرة عسكرية وتسعى إلى فرض نفسها على كل العالم". وشكك كذلك في ادعاءات واشنطن بأن هدف الدرع الصاروخية صد خطر الصواريخ الإيرانية، مشيراً إلى أن الدرع الأميركية غير قادرة على الوصول إلى تلك المنطقة. وشكك شتاينماير بدوره بقدرة الصواريخ الإيرانية على تهديد أوروبا، ملاحظاً"أن هذا الأمر غير ممكن استناداً إلى المستوى الذي بلغه حالياً التسلح التكنولوجي الإيراني". وأثنى على موسكو قائلاً إن بعد كلام بوتين العنيف"لم يلمس أي تبدل في سياسة روسيا إزاء ملفات الأزمات الدولية". وفي باكو، جدد الوزير الألماني انتقاداته قائلاً:"كان من الأفضل لواشنطن استخدام الشفافية والدخول في مفاوضات مع الأطراف المعنية بالأمر". وطالب رئيس الكتلة النيابية لحزب الخضر فريتس كون حكومته بإبلاغ الوزيرة الأميركية رايس غداً، بأن خطط بلادها تثير الانتقادات في أوروبا ملاحظاً أن تلك الخطط لم تبحث في حلف شمال الاطلسي ناتو و"فاجأت الجميع". وأضاف:"إن ما تقوم به الولاياتالمتحدة يجعل روسيا تنظر إليه على أنه استفزاز". وكان نائب رئيس الكتلة النيابية للحزب الديموقراطي المسيحي منسق العلاقات مع روسيا أندرياس شوكنهوفو وخبير شؤون الدفاع في الحزب الاشتراكي الديموقراطي راينر آرنولد، أعربا عن تفهمهما لانزعاج روسيا من نشر صواريخ أميركية وجنود أميركيين على مقربة منها. وفي مقابلة مع مجلة"دير شبيغل"الصادرة أمس، اعتبر وزير خارجية تشيخيا كارل يوهانس فورست تسو شفارتسنبيرغ بأن نشر الصواريخ في بلده"أمر سيادي"، معرباً عن غضبه من رد فعل موسكو. لكنه اعترف في الوقت ذاته بأن المشروع يواجه معارضة داخلية، وأن المفاوضات مع الولاياتالمتحدة لا تزال في بداياتها، وكذلك البحث عن غالبية في البرلمان في ضوء ما سيجرى الاتفاق عليه مع واشنطن. ولا يختلف الأمر كثيراً في بولندا حيث يعارض قسم كبير من الرأي العام نية الحكومة نشر الدرع الصاروخية، إضافة إلى أن أحد الأحزاب الصغيرة المشاركة في الحكومة يرفض المشروع الأميركي.