تستمع آلاء إلى أغاني أم كلثوم وفيروز ثم يأتي المطربون اليمنيون أمثال احمد السنيدار وعلي السمه. وتقول آلاء 28 سنة أنها تستمع أحيانا لأغاني أيوب طارش "لأنه من تعز". ولئن كانت آلاء، خريجة كلية التجارة، تستمع إلى السنيدار الذي يقدم أغاني صنعانية إلا أن مشتاق ألسامعي يطرب تحديداً لأغاني أيوب طارش وعبدالباسط عبسي اللذين يعدان أبرز من قدم أغاني مشبعة بأجواء محافظة تعز. في المقابل تعتبر أمة الرحمن وهي من ضواحي صنعاء, فؤاد الكبسي مطربها المفضل بامتياز. وحقيقة الأمر أن التأثير المناطقي لا يقتصر على أذواق الشباب وميولهم تجاه الغناء والموسيقى فحسب، بل ما زال يعد أساساً تصنف على ضوئه الأغنية اليمنية بين صنعانية، ولحجية، وحضرمية، وعدنية، وتعزية، وتهامية.. الخ. وصارت هذه قاعدة تحكم الغناء والموسيقى. ويمكن ملاحظة انتشار الانشاد الديني في الفترة الأخيرة خصوصاً, فالمجموعات الشبابية السنّية تميل إلى أناشيد دينية تؤديها فرق فنية من الذكور لا تستخدم آلات موسيقية عدا الطار أحياناً، فيما ينتشر الإنشاد الديني ذو الطابع الشيعي الإيراني الذي ترافقه بعض الآلات بين شباب الجماعات الزيدية. ويحظى المنشد الديني العالمي سامي يوسف بإعجاب شباب كثر لا سيما بين الفتيات اللواتي تزاحم عدد منهن خلال حفلة أقامها يوسف في صنعاء أواخر العام الماضي. وعدا سامي يوسف قد يلتقي الكثير من الشباب اليمني حول مطربين يمنيين استطاعوا أن يخرجوا الاغنية اليمنية من اطارها الضيق مثال احمد قاسم وعبد الرب إدريس وابو بكر سالم. الا أن المناخ الموسيقي ما زال في معظمه محكوماً بنزعات ضيقة وهو ما يعتبره الموسيقار جابر علي أحمد"مؤشراً سلبياً ونتيجة للانحدار الغنائي السائد". ويؤكد جابر أن تجاوز هذا الوضع لا يمكن أن ينهض به الفنان الفرد بل يحتاج الى موقف جمالي متقدم وروافع ثقافية اجتماعية وسياسية. مشيراً الى ان غياب الثقافة الموسيقية العامة مرده انعدام التربية الموسيقية في المدارس والجامعات وفي التلفاز والاذاعة فضلاً عن غياب النقد الموسيقي وتدني التأهيل عند المطربين. وربما كان استمرار تعدد اللهجات المحلية سبباً في حضور مثل هذه الانتماءات في الذائقة الموسيقية، غير ان جابر علي احمد لا يعتبر القول بوجود غناء صنعاني أو لحجي أو حضرمي توصيفاً دقيقاًَ أو اكاديمياً يمكن الركون اليه. وواقع الحال ان معظم الاغاني اليمنية يقدم بلهجات المنطقة، وأضحى من النادر وجود مطربين يمنيين قدموا اعمالاً متحررة أو شبه متحررة من هذا الطابع بأستثناء عدد ممن هاجروا إلى بلدان خليجية كأحمد فتحي وادريس وأروى, فضلاً عن اليهود اليمنيين المهاجرين إلى اسرائيل حيث استطاع بعضهم مثل عفراء هزاع وشمعة نقل الأغنية اليمنية إلى مدن عالمية شهيرة مثل نيويورك من دون احداث تغيير جوهري في طابعها الشعبي. وعلى رغم ما يشبه الحظر على الاعمال التي تقدمها فرق يهودية مهاجرة الا أن موسيقاها بقيت تحظى بقدر من الانتشار في اوساط الشباب. وبدا أخيراً أن الاعمال الفنية المشتركة والتي عادة ما تجمع مطربين يمنيين وغربيين بمقدورها أن تحدث انفتاحاً في الواقع الموسيقي اليمني من طريق الاحتكاك بتجارب اجنبية. وكان مثل هذا النوع من التعاون الفني اليمني الغربي أخذ يبرز لا سيما بعد احداث 11ايلول سبتمبر 2001 ما أثمر اقامة حفلات موسيقية تضم مطربين يمنيين وغربيين وتعد المطربة هويدا بانافع ابرز المطربات الشابات انخراطاً في مثل هذا النوع من الغناء، إذ فسبق وقدمت مع فنانين ألمان اغاني يمنية في قالب موسيقى الجاز. الا ان الميل الى الموسيقى الغربية يبقى محدوداً ومقتصراً في الغالب على ابناء الاسر الثرية ممن يتوافر التعليم الغربي لابنائها. واحيانا يكون الاستماع لألبومات غربية بهدف تقوية اللغة الانكليزية كما تقول آلاء.