قرر البنتاغون وزاة الدفاع الأميركية, رسمياً، وضع افريقيا على خرائطه. فأعلن عن استحداث قيادة عسكرية إقليمية تتولى الشؤون الأفريقية، على غرار قيادة المنطقة الوسطى الشرق الأوسط وقيادة المحيط الهادئ. وأوضح وزير الدفاع، روبرت غيتس، ان مهمة القيادة الجديدة توسيع التعاون العسكري مع الدول الافريقية، والاضطلاع بالعمليات العسكرية في القارة، إذا دعت الحاجة الى مثل هذه العمليات. وفي تسعينات القرن المنصرم، اقتسمت الشؤون العسكرية الافريقية ثلاث قيادات: القيادة الوسطى سينتكوم ويعود إليها تنسيق العمليات في الشرق الأوسط والقرن الافريقي، وقيادة الهادئ، وتتولى تنسيق الأعمال الحربية في مدغشقر وجزر المحيط، وقيادة اوروبا يوكوم، ويعود إليها أمر المناطق الأخرى من القارة السوداء. ويرى البنتاغون، اليوم، ان التقسيم هذا لم يعد ملائماً، ويرجع الى الحرب الباردة. وتدعو الحرب الكبيرة"على الإرهاب"الى نظر جديد في الجغرافيا العسكرية. وفي صدارة ما تخشاه واشنطن، منذ 11 ايلول سبتمبر، لجوء المنظمات الإرهابية الى بلاد مترامية الأطراف بأفريقيا على هامش الدول والحكومات والإدارة السياسية، واتخاذها معاقل وملاذاً بعيداً من ذراع الدول هذه. والحق ان هذه هي حال الحزام الصحراوي، من موريتانيا غرباً وشمالاً الى القرن شرقاً. وثمة وجهان للسياسة العسكرية الأميركية: قوام الأول إنشاء قواعد تصل افريقيا بالقيادة المركزية وتتعهد إعداد القوات العسكرية الافريقية وتدريبها. وسبق لپ1500 جندي اميركي ان تحصنوا في معسكر لومونييه الفرنسي بجيبوتي، في 2003. ويتوقع ان يكون في مستطاع القوات الأميركية استعمال ثلاث قواعد خفيفة التجهيز بأفريقيا: الأولى بالسنغال، والثانية بساوتومي وبرانسيب، والثالثة بأوغندا. وهذه القواعد اقرب الى مستودعات اجهزة عسكرية، ومواد اولية مثل المحروقات، ومدارج هبوط وإقلاع. وتتولى نقاط الارتكاز والمساندة هذه، إبان الأزمات الإقليمية، تيسير العمليات الموضعية من غير حاجة الى تعبئة ظرفية مرتجلة. وأما قيادة المنطقة الجديدة فقد ترسو على جيبوتي او دكار او ساوتومي وپ"منطقتها الحرة". وتتمتع القوات الأميركية بپ"تسهيلات"مرفئية أو جوية في نحو ست دول افريقية، من المغرب الى وسط افريقيا. ويعمل البنتاغون حثيثاً على تجنيد جيوش افريقية في محاربة الإرهاب. وطوّر برامج التدريب المحلية على حفظ السلام، منذ منتصف التسعينات، الى تدريب قوات خاصة على مطاردة المنظمات"الجهادية"، وفي 2003 جابت فرق كوماندوس اميركية، في إطار مبادرة الغلاف الساحلي PSI، مالي والنيجر وتشاد وموريتانيا. وفي 2005، نسق البنتاغون، في إطار مبادرة صحراوية جامعة، مكافحة الإرهاب من المغرب الى غرب افريقيا. ويطمح البرنامج الى انشاء وحدات عسكرية كبيرة. ونظر اجتماع دكار في 7 شباط/ فبراير الجاري، وهو شارك فيه قادة أركان تسع دول من المغرب والساحل الى مساعد قائد قيادة أوروبا، نظر في إنشاء الوحدات هذه. وبحث القادة في أمر"الجماعة السلفية للدعوة والجهاد"، الجزائرية، وسعيها الى تنظيم فرع"للقاعدة"بالمغرب والساحل. ولا تغفل السياسة الأميركية، الى مكافحتها شبكات"القاعدة"المحلية، عن تأمين طرق تموين النفط الافريقي والمواد الأولية الأخرى. وتريد واشنطن موازنة مصادر الطاقة، فلا يتصدرها المصدر الشرق اوسطي من دون منازع اميركي جنوبي أو آسيوي أو افريقي. وتبلغ حصة النفط الافريقي 15 في المئة من الواردات. وتزمع واشنطن زيادة الحصة هذه الى 25 في المئة، في 2015. وتتبوأ بلدان خليج غينيا، مثل نيجيرياوغينيا الاستوائية والغابون وأنغولا، محل الصدارة من البلدان المنتجة والمصدرة. وضعف مادة الكبريت في نفط هذه الدول يؤاتي السوق الأميركية واستهلاكها. ولا تبعد شواطئ بلدان خليج غينيا من شمال اميركا إلا 7 ايام ملاحة. وسبق لقائد قيادة اوروبا، في 2003، ان اعلن عن مرابطة السفن الحربية الأميركية في المياه الافريقية وقتاً يفوق وقت ابحارها في المتوسط. عن أرنو دولاغرانج ، "لوفيغارو" الفرنسية، 8/2/2007