اقترح رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري المقايضة بين تخليه عن شروط حليفه في المعارضة زعيم "التيار الوطني الحر"العماد ميشال عون وتجاوز اعتراضاته، وبين قبول الأكثرية بأن يجري التعديل الدستوري لانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية بأن تتخلى عن شرعية حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، وأن يجري التعديل في المجلس النيابي من دون العودة الى الحكومة، فرفض زعيم تيار"المستقبل"هذه المقايضة"لأن التعديل سيكون مخالفاً للدستور في شكل يتيح الطعن بانتخاب سليمان رئيساً". واذ رفض سليمان بحسب مصادر واسعة الاطلاع، اقتراح بري هذا، أكد العماد عون بدوره أمس تمسكه بشروطه، وقال:"لا نهاب الفراغ ونصر على التفاهم السياسي قبل تعديل الدستور". وتمسك عون بمبادرته وبالتفاهم على مطالب سياسية، فيما لم تثمر جهود وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير في لقاء جديد جمعه مع بري والحريري، في إيجاد صيغة للخروج من الفراغ الرئاسي الذي مضى عليه أسبوعان. وذلك في الوقت الذي توقعت الاوساط السياسية تأجيل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي دعا اليها بري اليوم، ما لم تحصل مفاجأة في الدقائق الاخيرة. راجع ص6 و7 وعقدت المعارضة ليل امس إجتماعا في الرابية، حضره الى عون جبران باسيل من التيار الحر والنائب علي حسن خليل من حركة"امل"والحاج حسين خليل المعاون السياسي للامين العام ل"حزب الله"وغالب ابو زينب من الحزب ويوسف فنيانوس من تيار المردة. وتناول الاجتماع البحث في المخارج المطروحة للازمة. وكانت لافتة أمس، مع اليوم الرابع عشر للفراغ الرئاسي، إطلالة الرئيس السابق اميل لحود اذ سأل:"لماذا يمنع على من يملك أكثر شعبية عند المسيحيين ان يكون رئيساً"، مشيراً الى العماد عون، وأضاف:"لماذا يجب ان يعرفوا الأكثرية من هو الرئيس ولا نعرف من يكون رئيس الحكومة؟"في إشارة منه الى مطلب عون ان يسمي الحريري رئيساً للحكومة من غير تياره السياسي. ولم يتوصل بري والحريري في اجتماعهما ظهر امس في حضور كوشنير، الى اتفاق في شأن تعديل الدستور لإتاحة انتخاب العماد سليمان رئيساً في جلسة يفترض ان تعقد اليوم على مرحلتين، الأولى للتعديل والثانية للانتخاب. وحصر البحث في الاجتماع الثاني بين بري والحريري وكوشنير، في تعديل الدستور ولم يتطرّق الى أمور سياسية نظراً الى أن الجلسة الأولى كانت انتهت الى توافق حول مبادئ عامة من دون الدخول في التفاصيل او في لعبة تأليف الحكومة العتيدة وتسمية رئيسها باعتبار ان ذلك سابق لأوانه ويخضع الى آلية دستورية تتضمن استشارات نيابية ملزمة لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الوزارة، ومشاورات يجريها الاخير مع الكتل النيابية. وفي معلومات"الحياة"ان لا خلاف بين بري والحريري على المبادئ العامة لجهة ضرورة تشكيل حكومة تتمتع بأوسع تمثيل نيابي لا سيما ان رئيس الجمهورية العتيد يطمح في بداية عهده للتعاون مع رئيس الحكومة الذي يحظى بتأييد الاكثرية في البرلمان ويتطلع في الوقت نفسه الى المجيء بحكومة متوازنة وتتمتع بأوسع تمثيل نيابي. كما ان لا خلاف بين بري والحريري على ضرورة وضع قانون انتخاب جديد وان لا مشكلة في اعتماد القضاء دائرة انتخابية طالما ان الجميع يدعم هذا التوجه ولن يصطدم بأي مشكلة. واذ نجح بري والحريري في التفاهم على هذه العناوين من دون الدخول في بازار الشروط والتأليف، انتهى اجتماعهما امس من دون اتفاق على التعديل الدستوري الخاص بالفقرة الاخيرة من المادة 49 التي تجيز للعماد سليمان الترشح على رغم ان كوشنير كان يضغط من أجل التوافق، مشدداً كما ذكرت مصادر ديبلوماسية أوروبية ل"الحياة"، على ضرورة تخطي العراقيل للاسراع في انتخاب الرئيس اليوم قبل الغد. وعلى صعيد الموقف من تعديل الدستور، طرح بري صيغتين: الأولى استقالة حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، على ان تتقدم بعد الاستقالة من المجلس النيابي بمشروع قانون لتعديل الفقرة المذكورة، للتصديق عليه بأكثرية الثلثين ان لم يكن اكثر تمهيداً لانتخاب الرئيس، أما الصيغة الثانية فهي ان ينجز البرلمان التعديل الدستوري من دون العودة الى الحكومة، بحجة ان البلد يمر في ظروف استثنائية وأن للشعب اللبناني مصلحة في انتخاب الرئيس وأن مصلحته فوق كل اعتبار، ليس لملء الفراغ في الرئاسة الأولى فحسب، بل لتأمين الاستقرار العام في البلد. ونقل عن بري انه مع تعديل الدستور لانتخاب العماد سليمان وأنه تجاوز العماد عون بعدما حاول من خلال إيفاده النائب في"أمل"علي حسن خليل والمسؤول فيها أحمد بعلبكي الى الرابية لإقناعه بأن ينضم الى التسوية لثقله السياسي والشعبي وبأن لا يعرقل التعديل والانتخاب، وفشل في ذلك لإصرار عون على مبادرته من ناحية واعتبار نفسه أنه أقوى المسيحيين تمثيلاً ولا يعرف لماذا تريد الأكثرية استبعاده. وأوحى بري بأن"حزب الله"أبدى تفهماً لموقفه وأنه كان يفضل انضمام العماد عون الى التسوية. لكن الحريري لم يأخذ باقتراحي بري لتعديل الدستور لأنه يتجاهل مجلس الوزراء على رغم انه المعبر الإجباري للتعديل بحجة ان الحكومة غير ميثاقية وفاقدة للشرعية الدستورية بحسب موقف المعارضة. واقترح الحريري تبني الاقتراح الذي كان طرحه قبل ايام وزير"حزب الله"المستقيل محمد فنيش ويقضي بعودة الوزراء الشيعة المستقيلين الى الحكومة ليشاركوا في جلسة مجلس الوزراء المخصصة للتعديل الدستوري، على ان لا تعني عودتهم اعترافاً بشرعيتها وبشرعية قراراتها. لكن بري قال ان ما نُسب الى الوزير فنيش ليس دقيقاً وأنه متمسك بواحد من الاقتراحين، فرد الحريري بأن لا تنازل عن شرعية الحكومة، وسأل اذا كان"المطلوب منا ان نطعن بأنفسنا". ولفت الحريري في معرض دفاعه عن تبنيه لاقتراح الوزير فنيش الى ان أي تعديل لا يمر عبر مجلس الوزراء سواء كان اقتراحاً من النواب أو مشروع قانون من الحكومة سيتيح الطعن به أمام المجلس الدستوري لوجود مخالفة مكشوفة للدستور المادتان 76 و77 من الدستور. وأكد الحريري"اننا في غنى عن تعريض انتخاب العماد سليمان الى طعن من أي جهة"، فيما قالت مصادر مقرّبة من قائد الجيش انه مع ان يأخذ التعديل الدستوري مجراه الطبيعي لقطع الطريق على من يحاول التشكيك بدستورية انتخابه وبشرعيته كرئيس للجمهورية. كما ان العماد سليمان، بحسب المصادر نفسها، يفضل مشاركة الجميع في التعديل الدستوري لأنه لا يقبل على نفسه بأن ينتخب من دون مشاركة طائفة كبرى، أي الشيعة، في العملية. وإزاء استمرار التباين حول تعديل الدستور، تقرر رفع الاجتماع افساحاً في المجال أمام بري والحريري للعودة الى خبراء في الدستور والقانون بحثاً عن المخرج الذي يجنّب انتخاب العماد سليمان أي شكل من أشكال الطعن أمام المجلس الدستوري، على ان يعودا الى الاجتماع فور التوصل الى صيغة دستورية لتعديل الفقرة الأخيرة من المادة 49. لكن بري قال بعد ظهر امس اثناء اجتماع لكتلة"التنمية والتحرير"النيابية التي يرأسها، ان"الأجواء إيجابية وتميل الى الصحو على رغم الطقس الماطر والعاصف"، وأن جلسة اليوم ما زالت قائمة حتى إشعار آخر"ونتوقع حصول تطورات تدفع باتجاه عقدها ليتسنى للنواب تعديل الدستور ومن ثم انتخاب الرئيس". ونقل احد النواب في الكتلة عن بري قوله إن الحكومة"غير دستورية وفاقدة للشرعية وبالتالي لن يكون لها دور في تعديل الدستور". وكرر بري ان المخرج لديه هو حصر التعديل في البرلمان. ولفت الى ان البحث مع الحريري لم يصل الى طريق مسدود وأن لديه اقتراحاً لتجاوز هذه المشكلة من دون ان يكشف عنه. وتطرق بري بحسب النائب نفسه، الى المحاولات التي قام بها لدى العماد عون الذي"نريده طرفاً في إنقاذ البلد من الفراغ لكنه لا يزال على موقفه وبالتالي لم يكن امامنا سوى ان نتجاوزه ولا نستطيع ان نجمد كل شيء لأن هناك من يقف في طريق الحل".