موضوعي اليوم نصفه جاد، ونصفه هاذر فأرجو أن يصبر القارئ عليّ ومعي وأنا أقول إن في بلادنا أزمات، أو كوارث، من المحيط الى الخليج، وبالعكس، وفي انكلترا أزمة سمنة. كنت كتبت عن السمنة في السابق من دون اهتمام شخصي، أو موقف لي، ففي أسرتي وبين أصدقائي السمين والنحيل، وأتحمل السمين من دون أن أحمله، وأجد النحيل غير أهل للثقة كما فعل شكسبير يوماً. هناك كل يوم في الصحف البريطانية وأنا أقرأها كلها بحكم العمل، خبر أو أكثر عن السمنة، ما يصعب معه تجاهل الموضوع. وبعض الأخبار ينطوي على مبالغة أجد تصديقها صعباً حتى لو صدرت عن علماء وخبراء، فمثلاً قرأت الآتي: - السمنة أشد فتكاً من التدخين، فهذا ما وصلت اليه دراسة تتحدث عن سمنة زائدة في بريطانيا مع حلول سنة 2050 ترفع الإصابة بالسكري 70 في المئة وبالجلطة 30 في المئة. - السمنة أخطر من تغيير الطقس، أي زيادة الحرارة، فهذا ما أعلن وزير الصحة البريطاني الشهر الماضي معتمداً على أبحاث أشرف عليها السير ديفيد كنغ، المستشار العلمي للحكومة. هل يعقل أن تكون السمنة أخطر من التدخين وارتفاع حرارة العالم بسبب التلوث؟ اذا صبر عليّ القارئ فسأحاول أن أهاذره بما جمعت له من مادة غير طبية، إلا أنني أريد أن انتهي من الجانب الجاد أولاً، فقد قرأت أيضاً ما أختار عناوينه فقط وكله محفوظ عندي للقارئ الراغب: - المدارس أُمِرت بعلاج أزمة السمنة عند المراهقين. - النساء السمينات أُمِرن بتخفيف وزنهن اذا أردن الحمل بالطرق الاصطناعية. - طلاب المدارس الثانوية سيتلقون نصائح عن السمنة، كأن السمين يستطيع أن يخفي حجمه. - اكتشاف الجينات التي تسبب السمنة. - الدهون الاصطناعية ستُمنع لأنها تسبب السمنة. - مهاجر سمين يُطلب منه تخفيف وزنه قبل التقدم بطلب للإقامة في بريطانيا. والآن أرجو من القارئ، أو القارئة، الاستعداد لمفاجأة، فبعد الخبر اليومي عن السمنة، جاءت مجلة الجمعية الطبية الأميركية، التي تمثل أعلى مستوى صحي ممكن، لتنشر دراسة تقول"السمنة مفيدة". لا أعتقد بأنها مفيدة حتى والجمعية الأميركية مرجع ثقة في أمور الصحة، وأنا نموذج عن الجهل بالموضوع، ورأيي هذا يعتمد على الأرقام، فهناك بضع عشرة دراسة أخرى تقول إن السمنة تسبب أمراضاً وأذى. لذلك أنصح الصديق تركي الدخيل الذي أهداني يوماً كتابه"ذكريات سمين سابق"ان يبقى على رشاقته الطارفة، فلعل معلومات الأميركيين عن فوائد السمنة من نوع معلوماتهم عن أسلحة الدمار الشامل في العراق. والآن انتقل الى بعض الهذر لأن السمناء يظلون أخف ظلاً من غيرهم. وما عندي من طُرف عن الموضوع مصدره أميركي، فالولايات المتحدة تضم أكبر نسبة من السمنة في العالم الصناعي، وفيها نوع من النكتة يبدأ بالكلمات"أمك سمينة الى درجة..."وبعد ذلك مبالغة هائلة. القارئ وأنا فلاحان ولا نستسيغ طُرفاً تروى عن الأم، ثم أن السمنة ليست وقفاً على النساء، لذلك سأحاول التنويع، فهي سمينة الى درجة انها عندما نزلت الى البحر تسببت في تسونامي، وأنها تظهر على شاشة الرادار في المطار، وهي أطول نائمة منها واقفة، واذا رجعت الى الوراء تزمر مثل سيارة، وعندما وقفت على الميزان قرأت رقم سيارتها. وهو سمين الى درجة أنه يقيم في منطقتين زمنيتين، وله مفتاح بريدي خاص به، وقد استعمل جسمه لسد ثقب الأوزون في الفضاء، وعندما ركب في طائرة أصبحت غواصة. وأعود اليها، فحذاؤها يحتاج الى جلد ثلاث بقرات، وحزامها يلف خط الاستواء، وعندما صنعوا لها معطفاً من جلد الثعلب أصبح الثعلب مهدداً بالانقراض. وقرأت أيضاً: - عندما جلست على ربع دولار معدني مسحت صورة الرئيس عنه. - تستعمل دش التلفزيون حلقاً لأذنيها. - منذ صار عمرها تسع سنوات وهي لا تجد ثياباً على مقاسها سوى ثياب الحوامل. - لم ترَ قدميها منذ بلغت التاسعة. - اذا وقفت تحت الدوش لتأخذ حماماً لا تبتل قدماها. أتوقف هنا لأقول أن هناك كتباً أميركية عنوانها"أمك سمينة..."والاهتمام بالموضوع سببه ما يعانون من السمنة الزائدة. وما يزيد المعاناة انهم في مجتمع يفضل النحول، والى درجة أن سمعنا بمقاس للثياب هو صفر، والمقصود أن صاحبته نحيلة الى درجة كبيرة، أي الى درجة تسبب من الأخطار على الصحة ما تسبب السمنة. ربما زدت من عندي مبالغاً عن جارة لم تكن فقط سمينة، وإنما كانت غير حسناء، والى درجة ألا ينجذب اليها سوى قانون الجاذبية، وقد حدث مرة أن نفد البنزين من سيارتي وأنا أحاول أن أدور حولها. وأعرف أنها لم تكن يوماً سعيدة بوزنها، ولكن هناك على الاقل الجمعية الطبية الأميركية التي تقول إن السمنة مفيدة. أنا أقول إن السمناء والسمينات أفضل، فهم أظرف وألطف.