هل سينتصر الارهاب في باكستان؟ هل ستندلع حرب أهلية؟ هل سينتشر "الانتحاريون" والسيارات"المفخخة"في الشوارع الباكستانية؟! هل ارتفاع منسوب الخلافات السياسية يبرِّر الاغتيالات والأعمال الإرهابية؟ هل يعتبر اغتيال بينظير بوتو مقدمة لاندلاع مواجهات في الشارع الباكستاني"الملتهب"؟! هل ستفرض باكستان حال"الطوارئ"مجدداً؟ ما هو المصير المستقبلي للعملية الانتخابية؟ هل باكستان على مشارف اغتيالات وتصفيات جديدة؟ هل كان الهدف من اغتيال بوتو اغراق الحياة الباكستانية في مستنقع"فوضوي"؟! أسئلة"مشروعة"لكل مراقب للحياة السياسية الباكستانية خلال سنة 2007، التي تودع العالم منتصف هذه الليلة، يستوجب طرحها والإجابة عليها. لا شك ان أنظار العالم تتجه نحو باكستان"المضطربة"، خشية ان تتحول تلك الدولة النووية إلى ساحة"مفتوحة"للصراعات، وتتفشى"حمى"الاضطرابات بين الزعامات، لتسقط في براثن"التصفيات"وتدبير المؤامرات وبرامج الحاقدين والحاسدين. كانت التوقعات تشير إلى ان بينظير لن تبقى"سالمة"وان يد الغدر والارهاب ستنال منها، منذ ان استُقبلت بمحاولة اغتيال حين عودتها من المنفى إلى كراتشي في تشرين الأول اكتوبر الماضي، وبعد ان قُتل المئات من مؤيديها. أيضاً، من غير المتوقع ان يسمح معارضوها من المتشددين وغيرهم لها بالتنفس"الطبيعي"، وان تعود زعيمة إلى قاعة البرلمان او مقر رئاسة الوزراء، خصوصاً وهي امرأة شجاعة وقوية. بدأت أولى المواجهات بينها وبين خصومها عندما طالبت الجنرالات بالابتعاد عن صناعة القرار والتدخل في صياغته، وعندما دعت إلى لجم مدارس التطرف"الطالبانية"، معارضةً امتلاك الاحزاب لميليشيات مسلحة. كان اعداء بينظير بوتو كثيرين وفي الوقت نفسه أنصارها واصدقاؤها أكثر، لكن ما كان الأهم - وهو ليس في مصلحة معارضيها - هو زعزعة استقرار دولة"جيو - سياسية"، تحظى بمكانة إسلامية وقوة عسكرية وذرية، واستفحال التوتر في منطقة تحاصرها الاضطرابات. لم تكن بينظير - ابنة السند أو ابنة الشرق أو ابنة القدر كما تسمي نفسها - امرأة"عادية"، بل كانت سيدة شديدة العزم، تتسم بالصفات القيادية، وتشكل خطورة على منافسيها، فلربما أراد خصومها من اغتيالها ضرب الروح الديموقراطية في باكستان وإعادتها إلى دوامة العنف ووضعها على ارضية هشة"غير مستقرة". بينظير ابنة تلك العائلة"الارستقراطية"اتُّهمت بالفساد، فدافعت عن نفسها بكل صلابة. نُفيت إلى لندن فناضلت كامرأة"حرة"من أجل وطن يسري عشقه في أوردتها وشرايينها. ذهبت ضحية لصمودها ودفاعها عن مبادئ الديموقراطية والعدالة والمساواة. اغتيلت وهي تحمل وسام"النضال"، بعد ان كرست مفاهيم جديدة للتضحية الوطنية. لحظة تناقل الوسائل الإعلامية لخبر اغتيال بوتو أعادتني الذاكرة إلى مشاهد الاغتيالات التي ضربت لبنان وأضرجت شوارعه بدماء الزعامات، بدءاً من رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري حتى آخرهم. مرت على ذاكرتي صورة المشهد الباكستاني المقبل، كيف سيكون؟ وما هو المصير؟ هل سيكون نفس المصير اللبناني مع الاختلافات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية؟! لاحت أمامي مناظر الاعتصامات و"قرقعة"الاتهامات التي"لا تبقي ولا تذر". إن ما أخشاه كغيري على باكستان وشعبها هو الاتجاه نحو نفق مظلم في ظل تزايد اعداد الناقمين والمتطرفين والطالبانيين. استبعد قيام حرب أهلية بين الباكستانيين، لكنني لا استبعد تزايد الاغتيالات والعمليات الإرهابية ضد الزعامات، ما قد يقود البلاد إلى حالة انفجار سياسي يصعب السيطرة عليها، وهنا مكمن الخوف والخطورة، خصوصاً ان باكستان دولة نووية! مهمة الرئيس الباكستاني باتت مضاعفة، وهو ما يُوجب عليه سرعة ترتيب الأوراق الداخلية ولملمة الجراح وأخذ الاحتياطات والتنبؤ بالأسوأ، والضرب بيد من حديد لمسوقي"شريعة الغاب"، وعدم السماح بالتراشق الذي يمزق اللحمة الوطنية ويقود البلاد إلى شفير الهاوية. فيما لو عمل بيرويز مشرف بذلك سيضمن هزيمة الإرهاب واختفاء السيارات المفخخة، وسيعلن حينها انتصار باكستان"المستقرة"القوية.