نفّذت الأكثرية النيابية في لبنان خطوة ضاغطة على رئيس المجلس النيابي نبيه بري، كي يتّخذ التدابير الهادفة الى التعجيل بملء الفراغ الرئاسي وانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، عبر رفعها عريضة باقتراح قانون لتعديل الدستور من أجل إتاحة عملية الانتخاب، قبل 4 أيام من انتهاء الدورة العادية للبرلمان، التي توجب المادة 77 من الدستور عرض الاقتراح النيابي بالتعديل عليه في دورة عادية، فيما تجيز المادة 76 عرض اقتراح التعديل إذا كان من الحكومة على دورة استثنائية. راجع ص5 وفي وقت تتذرّع المعارضة باعتبار حكومة الرئيس فؤاد السنيورة"غير شرعية"في رفض بري دعوة البرلمان للبحث في اقتراح التعديل الذي طرحته، فإن صدور الاقتراح من أكثر من عشرة نواب يطرح عليه تحدّي الدعوة الى جلسة نيابية للبحث فيه قبل نهاية الدورة العادية منتصف ليل الاثنين المقبل، لتسريع عملية انتخاب العماد سليمان وإنهاء الفراغ الرئاسي. وفي وقت تسلّمت دوائر المجلس النيابي الاقتراح النيابي بتعديل الدستور، موقَّعاً من ممثلي الكتل النيابية في قوى 14 آذار وأبلغت رئيس المجلس به، خلافاً لرفضه تسلّم اقتراح الحكومة، فإن الأوساط النيابية القريبة من قوى 14 آذار ترى أن على بري الدعوة الى جلسة نيابية تشريعية قبل الاثنين المقبل من أجل بحث اقتراح التعديل الدستوري. لكن مصادر بري لزمت الصمت وتوقّّع بعضها أن يتجاهل العريضة لاعتباره أن انتخاب سليمان لم يعد يحتاج الى تعديل دستوري، نظراً الى حصول الفراغ، بالتالي فإن مهلة استقالة قائد الجيش قبل سنتين من انتخابه سقطت بحكم حصول الفراغ الذي تحتم المادة 74 من الدستور انتخاب رئيس من دون ذكر لمهلة الاستقالة. وهو ما تراه الأكثرية قابلاً للطعن بدستورية الانتخاب من قبل زعيم"التيار الوطني الحر"العماد ميشال عون. وفيما توقّع نواب من الأكثرية والمعارضة أمس تأجيل الجلسة النيابية المقرّرة غداً السبت لانتخاب الرئيس، مرة أخرى، علمت"الحياة"من مصادر ديبلوماسية أن دمشق أبلغت الجانب الفرنسي في اتصالات الأيام الماضية بينها وبين باريس، إصرار المعارضة على الاتفاق على حكومة وحدة وطنية تحصل فيها على الثلث المعطّل. وذكرت هذه المصادر أن الجانب السوري دعا الى تقليص حصة رئيس الجمهورية المقبل العماد سليمان الوزارية لمصلحة المعارضة التي تشترط تسليم الأكثرية بحصولها على 11 وزيراً من أصل 30 وزيراً، قبل انتخاب العماد سليمان. وينعقد اليوم مجلس الوزراء برئاسة السنيورة، لاتخاذ رزمة قرارات، منها ما يتعلق بحفظ حق العسكريين في الترقيات الروتينية عند بداية كل عام جديد. وعلى رغم تشديد العماد سليمان في خطبه، خلال الأسبوعين الماضيين، على وجوب إبعاد الجيش عن التجاذبات السياسية، اضطرت قيادة الجيش أمس الى نفي أنباء عن ان ضباط الجيش رفضوا صدور ترقيات عن الحكومة، لا تحمل توقيع رئيس الجمهورية. وأكدت القيادة أنها تعد مشروع قانون لرفعه الى الحكومة لإنجاز الترقيات المتأخرة نتيجة رفض الرئيس السابق اميل لحود توقيعها خلال العام المنصرم بفعل الأزمة مع السنيورة لتحيله بدورها على البرلمان لإقراره، بالتزامن مع صدور ترقيات العام 2008. واذا حولت قيادة الجيش مشروع القانون في ظل حكومة السنيورة فإن بري وقادة المعارضة سيكونون محرجين أمام المؤسسة العسكرية اذا رفضوا اجتماع البرلمان من أجل إقرار هذه الترقيات المتأخرة. لكن مصادر في المعارضة توقّعت تأخير القيادة إحالة مشروع القانون الى ما بعد حل الأزمة السياسية. وجدّد البطريرك الماروني نصرالله صفير أمس أسفه لاستمرار إقفال مجلس النواب، منتقداً تكبيل رئيس الجمهورية المقبل بالشروط وتأخير انتخابه. وسأل صفير أمام زواره:"هل من الجائز ان يستمر الوضع على ما هو عليه، وهل يعقل ان يمنع الرئيس من ممارسة صلاحياته عبر إصرار البعض على الاتفاق مسبقاً على اسم قائد الجيش الجديد الذي سيعيّن بعد انتخاب الرئيس، ومن هم الوزراء في الحكومة المقبلة، وما هي الحقائب التي ستسند اليهم؟". ونقل زوار صفير ل"الحياة"عنه قوله:"كيف يمكن ان نطلب الاتفاق على التعيينات وتوزيع الحصص قبل انتخاب الرئيس، فماذا سيتركون له؟". ودعا النواب الى"الإسراع في انتخاب الرئيس"، معتبراً ان"الهدف من التريث والانتظار في ذلك هو إعاقة عملية الانتخاب". في غضون ذلك، قالت مصادر ديبلوماسية غربية ل"الحياة"أمس أنه يفترض ترقب ما سيصدر عن قمة الرئيسين الفرنسي نيكولا ساركوزي والمصري حسني مبارك يومي الأحد والاثنين المقبلين في شأن لبنان والتعجيل في إنهاء الفراغ الرئاسي اللبناني. وأكدت المصادر الديبلوماسية أنه يفترض بالقمة ان تبعث برسالة الى سورية تساعد في دفعها الى تسهيل عملية ملء الفراغ الرئاسي. وذكرت ان التحرّك الأميركي الأخير في اتجاه لبنان لم يهدف الى إفشال التحرّك الفرنسي أو تقويضه، بل أن واشنطن أكدت على لسان مسؤوليها الذين زاروا بيروت أنها ما زالت تدعم التحرّك الفرنسي لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، وأنها ما زالت تدعم الأكثرية وقوى 14 آذار في لبنان خلافاً للاعتقاد الذي ساد لفترة.