للعيد في مدن محافظة الانبار غرب العراق وقع خاص هذا العام. فهو أول عيد يمر على المحافظة في ظل استتباب أمني شبه تام بعد أن كانت خلال الأعوام الأربعة الماضية مسرحا للمعارك واعمال العنف والدمار والفوضى. وبدأت ايام العيد في عموم المحافظة، التي شهدت هذا العام استعدادات كبيرة العائلاتلاستقبال العيد، تستعيد سماتها القديمة، كالتجمعات العائلية الكبيرة التي تختلف عما هي عليه في كثير من المناطق. ففي الانبار حيث يقوم كبار الأفخاذ العشائرية والشيوخ والعائلات والرجال الميسورين بإعداد الولائم، خصوصاً في اليوم الأول من العيد حيث يتجمع الأبناء والأحفاد في منازل الأجداد أو الأعمام الكبار. وفي الفلوجة والحبانية شهدت الأسواق خلال العيد حركة نشطة تختلف عما كانت عليه في العيد السابق حيث عادت معظم الأسواق والمحلات، لممارسة نشاطها، كما أصبحت الأسواق آمنة. ويقول احمد مهدي، وهو تاجر ألبسة نسائية في الفلوجة، ان"حركة السوق خلال هذا العيد ربما كانت الأنشط منذ الاحتلال حيث ارتفع الطلب وشهدت الاسعار ارتفاعا نسبيا"ولفت الى انه تم خلال الأعوام الماضية تحويل مدينة الألعاب في الفلوجة، التي كانت المتنفس الوحيد للسكان، إلى موقف للسيارات العامة، بعد أن تخلى مستثمرها عنها لانعدام الجدوى الاقتصادية في تشغيلها حيث لم يكن الأهالي يسمحون لأبنائهم بالذهاب إلى مدينة الألعاب بسبب تردي الأوضاع الأمنية وخوفهم عليهم". ولم يعدم أطفال الانبار وسيلة لإيجاد وسائل بديلة، حيث تقام الأراجيح وأماكن الاستمتاع التي تسمى محليا"الجوبة"أو الفرجة ليمرح الأطفال خلال العيد، فيما تسمع أصوات الألعاب النارية في كل مكان. ويقول رشيد حميد، شيخ عشيرة البوشهاب في الصقلاوية وعضو في احد مجالس صحوة الانبار الذي اعد مائدة كبيرة للعيد هذا العام:"جاء وقت خلال السنوات الماضية كان الاحتفال بالعيد يتم في أضيق نطاق بسبب الخشية من عمليات الجماعات المسلحة التي كانت تستهدف أي تجمع بشري كبير تحت مختلف الذرائع، كما حدث في منطقة كولكم قرب الحبانية حينما استهدف انتحاري تجمعاً للمصلين الخارجين من احد المساجد بعد خطبة الجمعة، كما استهدف العديد من المآتم والأفراح بعمليات مماثلة كما حدث في الفلوجة عندما فجر انتحاري سيارة مفخخة داخل تجمع للمشيعين راح ضحيته العشرات من أبناء عشيرة البوعيسى، أو كاقتحام مسلحي القاعدة احد الأفراح في منطقة الشهابي غرب الكرمة وخطفهم 17 من الحاضرين فيه". ويضيف:"لذا أصبحت الاحتفالات عموماً، ومنها الاحتفال بيوم العيد، مختصرة. وبات التعبير عن فرحة العيد خلال الأعوام التي تلت أحداث الفلوجة الأولى يتم في أضيق نطاق، حيث أصبحت حتى الاجتماعات العائلية تتم في أضيق حالاتها، بعد أن كان العيد فرصة للترويح عن النفس كما كان عليه الوضع في الثمانينات بل حتى في التسعينات حيث كان الشباب ينظمون خلال العيد سفرات ترفيهية. ففي الفلوجة والمناطق المحيطة بها، بل وفي الرمادي أيضاً، كان الشباب يذهبون أحيانا إلى المدينة السياحية في الحبانية أو إلى صدامية الثرثار، بعد افتتاحها في أواخر التسعينات.