الهجوم المأسوي المزدوج في مدينة الجزائر هو تحذير جديد الى أوروبا، ويتعدى أصداءه الجزائرية. وبيان تبني عمليتي التفجير، على مبنى المجلس الدستوري وعلى مركز المفوضية العليا الأممالمتحدة للاجئين رسالة تبعث بها المنظمة الإرهابية التي يقودها عبدالمالك درودكال الى أفريقيا الشمالية، والى القارة القديمة. فقاعدة الجهاد في المغرب الإسلامي برهنت للمشككين قدرتها على ضرب العاصمة الجزائرية على رغم ضربات الجيش والشرطة. فالفريق الإرهابي أفلح في تجديد شبكاته المحلية في مدينة تطوقها منذ وقت طويل القوات الأمنية، وتحصي على أهلها أنفاسهم. وكان متوسط عمر الإرهابي القادم الى المدينة، والعاقد العزم على القيام بعملية ندب اليها، أياماً قليلة قبل أن ترصده أجهزة الأمن وتعتقله أو تقتله. وكانت الجماعة السلفية للدعوة والجهاد، وهي سلف قاعدة الجهاد، البقية المتبقية من التمرد الإسلامي الجهادي في العقد العاشر من القرن الماضي. واضطرت الى الانكفاء الى الجبال في منطقة القبائل، أو الى الشريط الصحراوي. واقتصرت عمليات حسن خطاب، زعيم الجماعة، على أهل الطاغوت، أي موظفي الدولة وجنودها وشرطتها. وأراد خطاب، يومها، الرد على حركة الوئام الوطني التي باشرها عبدالعزيز بوتفليقة منذ 1999، وترجحت حظوظها بين نجاح وإخفاق. وطويت الصفحة هذه مع تنحية خطاب، ثم إعلان الجماعة، في 11 ايلول سبتمبر 2006، مبايعتها"القاعدة". وأذاع أيمن الظواهري، في اليوم هذا، خبر المبايعة، والاسم الجديد، ودعا الظواهري أنصاره الجدد الى إظهار قوتهم في الجزائر، والى توحيد الجماعات والمنظمات السلفية المتشددة في شمال أفريقيا. وأقر عبدالمالك درودكال على الجماعات هذه. فتلقب"الأمير"الجديد بلقب أبو مصعب عبدالودود، تيمناً بالإسلامي الأردني الذي لمع اسمه بالعراق، وقتل ببعقوبة في حزيران يونيو 2006، فحرب العراق هي المرجع والمثال. وعلى رغم أن العدو ليس جيش احتلال، أفتى الجهاديون الجزائريون بپ"ردة"العسكريين الجزائريين وپ"كفرهم". فهم، على قولهم،"أولاد كلاب فرنسا". وينخرط في صفوف"القاعدة"شبان وفتيان يعهد اليهم بقيادة سيارات مفخخة يفجرونها في الأماكن المقررة والرمزية، أو يزنرون أنفسهم بأحزمة ناسفة يحملونها وسط الناس في الساحات والطرقات. فقتلوا، في الأشهر التسعة الأخيرة، نحو مئة مدني. وضربوا مبنى الحكومة، وموكب بوتفليقة، واليوم المجلس الدستورية ومفوضية الأممالمتحدة. وفي أوائل العام تصدى سلفيون تونسيون، غير بعيد من تونس العاصمة، للشرطة. وپ"انفجر"انتحاريون بالمغرب، ولم يخلفوا غير أضرار قليلة. وهذا قرينة على انبعاث شبكات التجنيد بالعراق، على الأرجح، وتسللها الى اسبانيا. وتنسج الشبكات هذه روابط بفرنسا. ويلاحظ التقرير الأوروبي الذي يعالج مسألة الإرهاب الجهادي في الاتحاد أن معظم ال340 موقوفاً في إطار قضايا الإرهاب الجهادي بين تشرين الأول اكتوبر 2005 وكانون الأول ديسمبر 2006 بأوروبا جاؤوا من الجزائر والمغرب وتونس، وكثرتهم كانوا على علاقة بالجماعة السلفية للدعوة والجهاد. وتدعو نسبة المغاربة العالية في كتائب"القاعدة"بالعراق الى القلق. ويتوقع المراقبون أن يعود جنود الجهاد من المثلث السنّي العراقي، حيث يحشرهم مسلحو مجالس الصحوة، الى أوروبا تدريجاً. فهم يخشون العودة الى بلادهم حيث تنتظرهم أجهزة أمن يعرفون حق المعرفة القسوة التي تحقق بها مع أمثالهم. فلا عجب إذا آثروا الانخراط في جاليات اخوانهم وأصدقائهم في المهاجر الأوروبية الغربية، على قول أحد مراكز الدراسات السياسية ببرلين. ويتهدد الخطر فرنساواسبانيا، والبلدان كانا هدفين أثيرين ويسيرين من أهداف جهاديي الجماعة السلفية من قبل. وقد تسبق هجمات هؤلاء بأوروبا هجمات محلية تتولى ضرب المصالح الغربية في بلدان المغرب. فبيان"القاعدة"الاثنين مساء، دعا"جحر الكفار الدولي، وپ"ناهبي ثرواتنا"، الى الاستماع الى شروط"الأمير"أسامة بن لادن واستجابتها. ولوح بتدافع المرشحين الى"الشهادة"والعمليات"الاستشهادية". وهذا ليس خطابة خالصة. عن تييري أوبرليه،"لوفيغارو"الفرنسية، 13/12/2007