كان الحليب ولا يزال الغذاء الأهم للإنسان. فالشخص قادر على العيش وقتاً طويلاً على الحليب وحده. وتاريخ الحليب هو من تاريخ الحيوانات اللبونة التي أعطت الحليب لتغذية أولادها. وفي الطب القديم ورد الكثير عن الحليب وفوائده الغذائية والعلاجية، منها: - يساعد في توليد دم جديد. وهو من أنفع المشروبات للجسم. - إذا شرب مع العسل نقيّ القروح الباطنة من الأخلاط العفنة. - إذا أخذ مع السكر حسّن اللون جيداً. - يبعد من الوسواس والغم والأمراض السوداوية. - يوافق الصدر والرئة. وهو جيد للمصابين بمرض السل. - رديء للرأس والمعدة والطحال ولأصحاب الصداع والذين يعانون من وجع المفاصل. أما الطب الحديث فيعتبر الحليب من أهم أعمدة الهرم الغذائي، خصوصاً للأطفال والشيوخ، فهو سهل الهضم وفي إمكان الإنسان أن يتناوله يومياً بمعدل ليترين الى ثلاث ليترات، وطبعاً ليس دفعة واحدة ولكن على دفعات موزعة على مدار اليوم. اما عن المكونات التي يتألف منها فهي: يتكوّن الحليب من نسبة عالية من الماء الذي يشكل حوالى 88 في المئة منه، أما النسبة المتبقية فتشتمل على العناصر الغذائية الرئيسة من البروتينات والسكريات والدهنيات والمعادن والفيتامينات. الليتر الواحد من الحليب يعطي حوالى 35 غراماً من البروتينات التي تحتوي على كل الأحماض الأمينية الضرورية للجسم، وهذه الكمية تغطي نصف حاجة الإنسان اليومية. والبروتين الملقب بالكازئين هو الأهم إذ يشكل 80 في المئة منها أما ما تبقى من البروتينات فتتوزع على اثنين هما الزلالالألبومين والغلوبيولين. يعطي الليتر من الحليب بين 30 و50 غراماً من المواد الدسمة تبعاً لفصول السنة، وتتألف هذه المواد في شكل أساس من الغليسيريدات الثلاثية الغنية بالأحماض الدهنية المشبعة المهمة لأدمغة الأطفال الرضع والأطفال الصغار، لكنها في المقابل غير محبذة للكبار، خصوصاً الذين يعانون من مشاكل قلبية ووعائية. من ناحية السكريات، فإن سكر اللاكتوز يعتبر العنصر الأساس في الحليب، والقوة المحلية لهذا السكر ضعيفة، إذ هي أقل من تلك التي يتمتع بها سكر الغلوكوز بنحو ست مرات. وسكر اللاكتوز مهم جداً لأنه يسهم في نمو وتطوير جراثيم الفلورا المعوية النافعة للجسم كونها تقف في المرصاد في وجه الجراثيم الضارة لمنعها من تحقيق مآربها، إضافة الى ذلك فإن جراثيم الفلورا تشارك في إطلاق بعض الأحماض الدهنية غير المشبعة ذات السلسلة القصيرة المفيدة في تحسين الصورة الدموية لشحوم الدم، خصوصاً الكوليسترول. وإذا كان سكر اللاكتوز يهضم بسهولة من قبل الأطفال فهو ليس كذلك عند الكبار فالكثيرون منهم يصعب عليهم هضم هذا السكر وعلى الأخص أولئك الذين ينتمون الى الشعوب الآسيوية والإفريقية، إذ يعانون من زوبعة عوارض هضمية مزعجة للغاية. على صعيد الفيتامينات يحتوي الحليب على اثنين من الفيتامينات المنحلة في الدهن هما الفيتامين أ الضروري جدا للنظر وتقوية المناعة، والفيتامين د المهم لامتصاص الكلس. أما الفيتامينات المنحلة في الماء فنجد من بينها الفيتامين ب1 والفيتامين ب2. من ناحية المعادن، يحتوي الحليب على مجموعة منها وفي مقدمها الكلس والفوسفور، ووجود هذا الأخير مفيد كثيراً لأنه يشجع على امتصاص الكلس. أما المعادن الأخرى فموجودة بكمية قليلة ومنها البوتاسيوم والألومينيوم والكبريت والصوديوم والنحاس واليود والمنغنيز. في المقابل الحليب فقير بالحديد لذا يجب التعويض عنه من مصادر أخرى. اللافت ان استهلاك الحليب تراجع في شكل ملحوظ في السنوات العشرين الأخيرة لتحل محله أغذية أخرى أقل نفعاً للجسم، وفي هذا الإطار أفاد باحثون من جامعة هارفارد الأميركية بوجود رابط ما بين تراجع استهلاك الحليب وظهور عدد من الأمراض مثل البدانة والداء السكري والإصابات القلبية الوعائية. وينصح الخبراء بشرب الحليب يومياً، ويفضل ان يقع الخيار على الحليب المنزوع الدسم او النصف الدسم. ولا يغيب عن البال بعدم إضافة الحليب إلى الشاي لأنه، بكل بساطة، يطيح بمضادات الأكسدة النافعة المتوافرة في هذا الأخير والتي تؤمن انبساط الشرايين وبالتالي تحافظ على أرقام ضغط الدم في مستويات مناسبة. ولا ننسى أيضاً أهمية الحليب الجوهرية للأطفال منذ ولادتهم وحتى سن العاشرة لأنه مهم لنموهم وبناء أجسامهم. سب العمر، وفي شكل عام يحتاج الإنسان البالغ الى غرام واحد منها لكل كيلوغرام من وزنه. أما الرضع والأطفال فيلزمهم المزيد منها، وكذلك الحال بالنسبة الى الحوامل والمرضعات. - في حال الاعتماد على المصدر النباتى فقط في التغذية يجب الدمج جيداً بين الحبوب والبقوليات لتأمين ما يلزم من الأحماض الأمينية وإلا فإن الجسم لا يستطيع الاستفادة منها، ما يعرض الشخص للإصابة بفقر الدم والتعب وهبوط ضغط الدم. - ان الاعتماد على نظام غذائي عالي البروتينات، أدى الى خلق صعوبات انجابية عند الفئران، استناداً الى نتائج التجارب التي أجراها الباحث الأميركي ديفيد غاردنر من مركز كولورادو لعلاج الخصوبة، وليس مستبعداً ان ينطبق ذلك على المرأة.