نسف تضارب المواقف بين القوى الكبرى محاولات الغرب تشديد العقوبات على إيران في مجلس الأمن، ما دفع وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس الى الاعتراف ب"خلافات تكتيكية"مع روسيا والصين، حول"توقيت العقوبات وطبيعتها". وألغيت مشاورات كانت مقررة أمس بين الدول الست الكبرى المعنية بالملف النووي الإيراني في نيويورك، بعد ساعات على مباركة الرئيس جورج بوش تزويد موسكوطهران وقوداً نووياً لتشغيل مفاعل بوشهر، باعتبار ذلك"يشكل دليلاً على أن طهران ليست في حاجة الى تخصيب اليورانيوم على أراضيها". في المقابل، تمسكت روسيا بتشددها في مسألة نشر الدرع الصاروخية الأميركية في بولندا وتشيخيا، وحذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من أن الخطط الأميركية لنشر الدرع في أوروبا،"تؤثر في توازن القوى الإستراتيجي في العالم، وتعيد تقسيمه إلى معسكرين". وقال الوزير الروسي في مؤتمر صحافي مع نظيره اللاتفي ماريس ريكستينش في موسكو أمس:"للمرة الأولى في التاريخ، تتحرّك عناصر من القوات الإستراتيجية النووية الأميركية في أوروبا، وهذا لا بد من أن يثير القلق، ويؤثر في توازن القوى الإستراتيجي". وفي محاولة لطمأنة دول حوض البلطيق، أكد لافروف عدم وجود نية لدى موسكو الآن لنشر قوات تقليدية غرب روسيا، وهو ما لمح إليه مسؤولون عسكريون روس، قالوا إن انسحاب بلادهم من معاهدة الحد من الأسلحة التقليدية في أوروبا، يمنحها مجالاً لنشر قواتها في المناطق الغربية الحدودية. وأوضح لافروف أن موسكو متمسكة بروح المعاهدة، ومستعدة للعودة إلى الإلتزام بها، في حال صادقت دول الحلف الأطلسي على نسختها المعدلة. في الوقت ذاته، نشرت صحيفة"هاندلشبلات"الألمانية مقالاً للافروف، كتب فيه ان"وقف العمل بالمعاهدة لا يغلق الباب أمام مزيد من المفاوضات."واستدرك:"لم نوقف الحوار أبداً، ومستعدون لاستئنافه في اي وقت، ضمن أي صيغة. الهدف الأهم بالنسبة إلينا، هو التوصل الى اتفاق جيد، يعزز أمن أوروبا وكل البلدان". واعتبر لافروف أن"وقف العمل بالمعاهدة هو نداء آخر لكل الدول للنظر إلى الوضع في شكل موضوعي، لتتخذ معاً خطوات للتهدئة". رايس الى ذلك، قالت رايس ان"الاستراتيجية ذات الشقين لا تزال قائمة"في تعاطي الادارة الأميركية مع طهران، في اشارة الى سياسة"العصا والجزرة"، أو العقوبات في مقابل الحوافز. جاء ذلك في إطار تعليق للوزيرة الاميركية على تقرير الاستخبارات الأخير الذي أكد ان إيران أوقفت برنامجاً للتسلح النووي منذ العام 2003. تزامن ذلك مع إعلان الناطق باسم الخارجية الأميركية توم كايسي، تأجيل المشاورات بين"الست الكبار"في شأن تشديد العقوبات على إيران. وعزا التأجيل الى"اسباب تتعلق بالمواعيد"مشيراً الى ان ممثلي الدول الست الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا"سيجتمعون هذا الاسبوع". وفي طهران، دعا علي لاريجاني ممثل مرشد الثورة في المجلس الأعلى للأمن القومي، إلى استئناف المحادثات مع"الست الكبار"وعدم إضاعة الوقت. وأضاف أن الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا يمثل هذه المجموعة، مشيراً إلى أنه"إذا كانت لدى الجانب الآخر قضايا أخرى، يمكنه طرحها الآن". وذكر نائب مدير الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية محمد سعيدي أن بلاده تتوقع ان تبدأ محطة بوشهر توليد الكهرباء بكامل طاقتها في غضون سنة، بعدما اجتازت"مرحلة مهمة"مع بدء شحن الوقود النووي الروسي إليها. وأوضح ان المحطة ستبدأ عملها في غضون ثلاثة اشهر بمستوى مئتي ميغاواط، لتصل الى طاقتها القصوى أي ألف ميغاواط في الشهور التسعة التالية. وأشار سعيدي الى ان شركة"اتوم ستروي اكسبورت"الروسية ركّبت كل الأجهزة الرئيسية في بوشهر، فأصبحت المحطة"جاهزة بنسبة 95 في المئة". من جهة أخرى، نقلت صحيفة"جيروزالم بوست"عن مسؤول اسرائيلي ان الدولة العبرية لا تملك أدلة"دامغة"تجبر الاستخبارات الأميركية على مراجعة تقويمها الأخير للبرنامج النووي الإيراني.