شيع آلاف الفلسطينيين في مواكب جنائزية مهيبة 12 شهيداً، بينهم قائد "سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة"الجهاد الإسلامي"في قطاع غزة ماجد الحرازين، راحوا ضحية سلسلة مجازر ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال أقل من 15 ساعة في القطاع والضفة الغربية. وسقط 11 شهيداً، بينهم تسعة من"سرايا القدس"، فيما الآخران شرطيان ينتميان إلى حركة"حماس". وشن الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات متتالية ليل الاثنين - الثلثاء، وصباح أمس، استهدفت أولها الحرازين وثلاثة من رفاقه. وتردد في البداية أن الحرازين نجا من محاولة اغتيال عندما أطلقت طائرة حربية إسرائيلية صاروخاً على سيارة مدنية كان يستقلها مع عدد من رفاقه، لكن تبين لاحقاً أنه أصيب بجروح خطيرة أدت بعد ساعات قليلة على استشهاده. وفور شيوع نبأ استشهاده، توجه مئات من ناشطي"سرايا القدس"وحركة"الجهاد الإسلامي"إلى مستشفى الشفاء في وسط مدينة غزة، وأطلقوا النار في الهواء احتجاجاً وتوعدوا إسرائيل بالانتقام لمقتل قائد السرايا ورفاقه جهاد ظاهر، وكريم الدحدوح، وأيمن العيله، وعمار أبو السعيد، قبل ان ينتقل الهجوم الاسرائيلي إلى الضفة الغربية. واغتالت قوة خاصة إسرائيلية قائد"سرايا القدس"في شمال الضفة طارق أبو غالي، موجهة بذلك ضربة قاسية إلى حركة"الجهاد الاسلامي"التي كثفت أخيراً إطلاق الصواريخ محلية الصنع على أهداف إسرائيلية محاذية لقطاع غزة، كان معظمها من نصيب بلدة سديروت التي لا يفصلها عن بلدة بيت حانون شمال القطاع سوى شريط الكتروني شائك وأقل من كيلومتر واحد. ثم عاد الطيران الإسرائيلي وشن غارات أخرى على نشطاء"سرايا القدس"، ما أدى إلى استشهاد أربعة آخرين، بينهم القائد الميداني حسام أبو جبل، ما رفع عدد شهداء السرايا إلى عشرة. والشهداء الثلاثة الآخرون هم محمد الترامسي، وأسامة ياسين، وسمير بكر. وشن الطيران الإسرائيلي غارة على موقع للشرطة التابعة لوزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية المُقالة برئاسة اسماعيل هنية ما أدى الى استشهاد اثنين من عناصرها هما هاني برهوم، ومحمد الشريف. وشيع عشرات آلاف الفلسطينيين الشهداء الإثني عشر إلى مثواهم الأخير وسط دعوات بالثأر والانتقام. وشارك في الجنازات قادة من حركة"الجهاد الاسلامي"وفصائل المقاومة الفلسطينية التي توعدت بالرد على عمليات الاغتيال بإطلاق مزيد من الصواريخ، فيما تعهدت"سرايا القدس"تنفيذ عمليات فدائية داخل المدن الإسرائيلية. واستنكر المشيعون الذين رفعوا رايات"الجهاد الاسلامي"و"حماس"عمليات الاغتيال الإسرائيلية، ونددوا بالصمت العربي والعالمي إزاء المجازر والجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال يومياً في حق الفلسطينيين في غزة. واعتبر القيادي في"الجهاد الإسلامي"الشيخ نافذ عزام أن"استمرار سقوط الشهداء وارتفاع عددهم يدل على التفاف الشعب الفلسطيني حول خيار المقاومة ورفضه أي بدائل أخرى"، في إشارة الى المفاوضات التي تصفها الحركة ب"العبثية"بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. وقال القيادي في حركة"الجهاد الإسلامي"خالد البطش إن"ضربات الاحتلال وسياسة العدوان لن تثني الحركة وفصائل المقاومة عن دورها". وتوعد القيادي في حركة"حماس"أسامة المزيني أثناء مشاركته في تشييع عدد من شهداء سرايا القدس بأن"الرد سيكون قاسياً ليس فقط من حركة الجهاد الاسلامي التي فقدت عشرة شهداء بل من قبل جميع حركات المقاومة". ورداً على تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي أيهود باراك، قال المزيني ان"باراك واهم في وعده كغيره ممن سبقوه، بوقف الصواريخ". ودعا الرئيس عباس إلى"وقف خط السلام الفاشل والعودة إلى خط المقاومة". من جانبها، نددت وزارة الداخلية في الحكومة المُقالة في بيان لها ب"الاعتداء الوحشي والهمجي"على موقع لشرطة حفظ النظام والتدخل يقع غرب مدينة رفح أدى إلى استشهاد عنصرين من الشرطة. وقالت إن"هذا الاعتداء يأتي ضمن سلسلة الاعتداءات المتكررة من قبل الاحتلال ضد المؤسسة الأمنية"، مشددة على أنه"لن يوهن من عزيمة الابطال في الأمن وسنكون في خدمة المواطنين وسنحافظ على أمنهم ما استطعنا". وحمّلت الحكومة المُقالة الدولة العبرية مسؤولية التصعيد الأخير، مشددة على أن"من حق المقاومة الرد على هذه الاعتداءات والاغتيالات بكل الوسائل والسبل". ونددت فصائل المقاومة بالاعتداءات الاسرائيلية، داعية الى تشكيل جبهة موحدة لمواجهة العدوان الاسرائيلي. واستنكرت"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"اغتيال قائد"سرايا القدس"ورفاقه. وقالت في بيان إن"هذا التصعيد الذي يهدف الى تركيع شعبنا وفرض الاستسلام عليه لن ينجح في كسر إرادة الصمود والمقاومة لدى جماهير شعبنا وفصائله المقاومة". ودعت إلى الوحدة الوطنية، معتبرة ان"هذه اللحظة السياسية تفرض على الجميع الاقلاع عن المناكفات والتجاذبات السياسية وتغليب المصالح الوطنية العليا على المصالح الفئوية والحزبية الضيقة". ودانت"الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين"هذه"المجزرة البشعة"التي ارتكبتها قوات الاحتلال. وقالت في بيان إن"ما تقترفه الحكومة الاسرائيلية جريمة كبرى ضد أبناء شعبنا وإظهاراً لاستهتارها بالشرعية الدولية والعملية السياسية ومحاولة لنسف نتائج مؤتمر باريس"الذي جاءت الغارات بعد ساعات قليلة على انتهائه. وطالبت الرئيس عباس والوفد الفلسطيني المفاوض"بوقف كل اللقاءات مع الحكومة الاسرائيلية في ظل استمرار التصعيد الاسرائيلي". ودعت إلى"التوحد ورص الصفوف وإنهاء الانقسام السياسي والفصل بين الضفة وغزة وتوفير الأجواء الملائمة والإفساح في المجال أمام الجهود المبذولة للعودة الى الحوار الوطني الشامل من أجل إعادة بناء الوحدة الوطنية". ووصف حزب"الشعب"اليساري الاعتداءات بأنها"تصعيد خطير على الشعب الفلسطيني في شكل عام وقطاع غزة في شكل خاص". واعتبر أن هذه الاعتداءات"تتنافى مع الادعاءات الاسرائيلية بأنها بصدد تقديم تسهيلات مزعومة لفتح الطريق أمام عملية السلام، بل على العكس من ذلك فهي تُمعن في سياستها العدوانية". وطالب ب"التحرك الفوري لوقف المجازر التي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني". في غضون ذلك، واصلت الأجنحة العسكرية إطلاق الصواريخ أمس على أهداف اسرائيلية، على رغم الاعتداءات واستمرار التحليق المكثف للطيران الحربي الاسرائيلي في سماء القطاع، خصوصاً طائرات الاستطلاع من دون طيّار التي تلتقط صوراً من الجو ويطلق الفلسطينيون عليها اسم"الزنانة"لطنينها المتواصل في السماء من دون ان يتمكن احد من رؤيتها لصغر حجمها وتحليقها على ارتفاع عال. وقالت"كتائب الشهيد أبو علي مصطفى"، الذراع العسكرية ل"الجبهة الشعبية"، و"كتائب شهداء الأقصى - كتيبة الجهاد المقدس"التابعة لحركة"فتح"، إنهما أطلقتا صاروخاً على مدينة المجدل عسقلان الواقعة على بعد 15 كيلومتراًَ شمال القطاع. وأضافت"كتائب أبو علي مصطفى"أنها أطلقت أربعة صواريخ على كيبوتس"كفار عزه"والنقب الغربي الى الشرق من مدينة غزة، مشيرة إلى أنها أطلقت مع"كتائب شهداء الاقصى - القيادة المشتركة"ثلاثة صواريخ أخرى على موقع عسكري إسرائيلي قرب معبر كرم ابو سالم"كيرم شالوم"جنوب شرقي مدينة رفح جنوب القطاع. وأطلقت"ألوية الناصر صلاح الدين"، الذراع العسكرية ل"لجان المقاومة الشعبية"، سبعة قذائف هاون و12 صاروخاً على أهداف اسرائيلية شرق مدينة رفح، فيما أطلقت"ألوية الناصر"و"سرايا القدس"و"حماة الاقصى"صاروخين على مدنية المجدل عسقلان.