أحكم الجنود البريطانيون مجدداً سيطرتهم على مركز مديرية موسى قلعة، في ولاية هلمند، وهي مصدر ثمانين في المئة من المخدرات الأفغانية. وقد يكون هذا الانتصار باهظ الثمن. وبالغت قيادة قوات"الناتو"حلف شمال الأطلسي، في كابول، في القول ان استعادة موسى قلعة هي نجاح استراتيجي. ففي السابق، حاصرت"طالبان القوات البريطانية في الموقع، وسيطرت على التلال والمناطق المحيطة به. واضطرت القوات الى إخلاء البلدة بعد التوصل إلى هدنة مع حركة طالبان. ونبه مسؤول في"طالبان"الى أن القوات البريطانية وقعت في الشرك بموسى قلعة، على ما حصل في 2006، وأنها محاصرة من جميع الجهات. وثمة بعض الصحة في كلام طالبان. ولا شك في أن الناتو يريد إحكام قبضته على هلمند، ليتسنى له إنجاز العمل في سد كجكي. ومن المفترض ان يزود السد ولايتي هلمند وقندهار بالكهرباء. وهذا هدف استراتيجي في منطقة بدائية تفتقر الى الطرق المعبدة وإمدادات المياه. ويسعى"الناتو"الى قطع طرق تهريب المخدرات والاتجار بها. فالحدود بين هلمند وولاية بلوشستان هي ممر تهريب المخدرات إلى باكستان وإيران وأوروبا، وطريق إمداد"طالبان"بالسلاح والرجال في افغانستان. وفي 2001، سيطرت القوات الدولية بقيادة الولاياتالمتحدة على ولاية هلمند من غير مقاومة. فالقبائل قطعت علاقتها بطالبان، ورحبت بالقوة الجديدة، وحسبت أن القوة الدولية ستوفر شروط الحياة الأساسية، مثل المياه والكهرباء والغذاء. ولكن توقعات القبائل باءت بالفشل. وفي 2005، أجمعت القبائل على طرد القوات الأجنبية، وعلى العودة الى زراعة الأفيون مواصلة الحياة اليومية من دون تدخل الغرباء، أي القوات الحكومية الأفغانية. وسمح شيوخ قبائل هلمند لحركة"طالبان"باستئناف نشاطها في مناطق نفوذها. فدحرت القوات الأجنبية من المنطقة. ومنذ كانون الأول ديسمبر 2006 الى يومنا، يسعى موظفوپ وزارة الكومنولث البريطانية، والقوات البريطانية في هلمند، الى تنمية هذه الولاية وپ"تطويرها". فهم فتحوا المدارس، وأعادوا بناء المساجد، وشقوا القنوات المائية، وباشروا مشاريع البناء والتطوير في المنطقة بالتعاون مع شيوخ العشائر المحليين. ولكن المساعي هذه لم تؤت النتائج المرجوة. فالسكان المحليون يتوقون الى رحيل القوات الأجنبية عن أراضيهم. ولم يتبن هؤلاء السكان حركة"طالبان"ولا مبادئها، على رغم ان أنصار هذه الحركة يتولون الأمن في معظم المناطق. فهؤلاء الأنصار مقاتلون قبليون لا ينتمون الى جناح الحركة المتشدد. ولعل أبرز تحدٍ ينتظر قوات"الناتو"هو بسط نفوذها في موسى قلعة واستمالة السكان المحليين. والطريق الى هذا الإنجاز هو منح السكان المحليين إدارة ذاتية واستقلالاً مالياً، أي غض النظر عن زراعة المخدرات وتصدير الهيروين. وإذا نزل"الناتو"على هذين الشرطين، تولي السكان المحليون لجم طالبان، وقوضوا نفوذها. وفي انتظار حسم"الناتو"أمره، تضغط طالبان على القوات البريطانية، وتحاول إضعاف قبضتها على ولاية هلمند اثر سيطرتها على مديريتين في ولاية قندهار المجاورة. عن سيد سليم شهزاد مدير مكتب الموقع في كراتشي،"ايجيا تايمز"الهونكونغية، 15/12/2007