فرضت قوات الأمن في محافظة بابل 100 كلم جنوببغداد حظر التجول، في اعقاب اغتيال مدير الشرطة في المدينة اللواء قيس المعموري بانفجار عبوة استهدفت موكبه، فيما تجددت الخلافات بين أكبر تيارين شيعيين،"المجلس الإسلامي الأعلى"بزعامة عبدالعزيز الحكيم، وتيار مقتدى الصدر على خلفية اتهامات الأخير للحكيم بالرضوخ ل"الظلم والطغيان"الأميركيين. وامتد الصراع بين الطرفين إلى محاولة استقطاب العشائر، فقد عقد الموالون للصدر مؤتمراً دعوا خلاله الى مناهضة الفيديرالية التي يستعجل الحكيم تطبيقها، كما دعوا إلى المحافظة على وحدة العراق وعروبته. وأعلن محافظ بابل سالم المسلماوي الحداد ثلاثة أيام وحظر التجول، بعد اغتيال مدير الشرطة في المحافظة. وقال مصدر أمني عراقي إن موكب المعموري تعرض لانفجار عبوة خلال مروره في منطقة البوعجاج وسط الحلة، أسفر عن مصرعه في الحال، بالإضافة الى جرح اثنين من عناصر حمايته نقلا الى المستشفى. والمعموري، الذي تعرض لانتقادات مجلس محافظة بابل يهيمن عليه ممثلو المجلس الأعلى مطالبين بإقالته، سبق ونجا من محاولات اغتيال عدة، خلال الأشهر الماضية التي شهدت اغتيال محافظي السماوة والديوانية ايضاً، ويتعرض مديرو أجهزة الشرطة في معظم مدن الجنوب لمحاولات اغتيال مستمرة. وكان مصدر أمني في واسط 180 كلم جنوببغداد أعلن امس أن ضابطاً برتبة عقيد في الجيش قتل أمام منزله في منطقة النعمانية 50 كلم شمال مدينة الكوت. ويؤكد سياسيون أن عمليات الاغتيال التي تصاعدت في عدد من مدن الجنوب سببها الصراع السياسي بين الأطراف والأحزاب المتنفذة، خصوصاً"المجلس الأعلى"وتيار الصدر الذي اعتبر زيارة الحكيم لأميركا"رضوخاً للطغيان". ودافع"المجلس"في بيان عن زيارة زعيمه لواشنطن الأسبوع الماضي، مؤكداً أن الانتقادات التي وجهت اليه تعبر عن"جهل كبير وعدم معرفة بالواقع". وقال القيادي في"المجلس"عضو لجنة التنسيق مع التيار الصدري إن"تصريحات قادة التيار ضد السيد عبدالعزيز الحكيم سجلت خرقاً للاتفاق المبرم بين الجانبين في آب اغسطس الماضي". وكان الزعيمان الشيعيان وقّعا اتفاقاً هدفه"حقن الدماء"، بعد الاشتباكات الدامية التي حدثت خلال الزيارة الشعبانية في كربلاء منتصف العام الجاري. وفيما وجه قادة في"المجلس"، في مناسبات مختلفة، اصابع الاتهام الى ميليشيا"جيش المهدي"بالتورط في أعمال قتل، اتهمهم أنصار الصدر بمحاولة تصفيتهم عبر قوات الشرطة في محافظاتالجنوب. وشهد الصراع بين التيارين تطوراً جديداً مع بروز أدوار لعشائر جنوبالعراق ومحاولات استقطاب زعامات عشائرية في نطاق الطروحات الحزبية المتباينة من قضايا عدة، أبرزها دعوة الحكيم الى تبني مشروع فيديرالية الوسط والجنوب. وخلص اجتماع ل74 زعيم عشيرة شيعية في الجنوب، عقد في البصرة بداية الأسبوع، الى الدعوة لمناهضة مشروع الفيديرالية والتشديد على وحدة العراق وعروبته. وقال كاظم عبدالواحد آل عنيزان، رئيس مجلس عشائر الجنوب العربية، في تصريحات أمس إن"المؤتمر يمثل نصف مليون عراقي في الجنوب ويضم 600 شخصية عشائرية فاعلة ويتبنى موقفاً عروبياً يرفض الفيديرالية وتقسيم العراق وقانون النفط والتبعية لدول الجوار، ويطالب بإنهاء الاحتلال والحفاظ على عروبة العراق". آل عنيزان أكد أيضاً دعمه اطلاق المعتقلين، خصوصاً عناصر التيار الصدري، في اشارة الى تقارب طروحات العشائر المكونة للتنظيم الجديد مع طروحات الصدر المناهضة لمشروع الفيديرالية والمطالبة بجدولة الانسحاب الأميركي. لكن مؤتمرات عشائرية مشابهة شارك فيها زعماء مقربون من"المجلس الأعلى"ما زالت تعقد، دعماً لطروحات الحكيم. واستقطاب العشائر استراتيجية لجأت اليها الأحزاب المتصارعة في الجنوب بعد تصاعد المطالب بتوسيع تجربة"مجالس الصحوة"التي شكلت في المدن السنّية وتمكنت من تقويض سطوة تنظيم"القاعدة"، الى مدن الجنوب لمحاربة الميليشيات.