يواجه قادة دول مجلس التعاون الخليجي الذين يعقدون قمتهم السنوية في الدوحة الاثنين والثلثاء أول الأسبوع المقبل، ضغوطاً متزايدة لفك ارتباط عملاتهم بالدولار أو لإعادة تقويمها. وسيكون عليهم ان يقرروا مصير الجدول المحدد لاعتماد العملة المشتركة 2010، وهو موعد بات الالتزام به صعباً، خصوصاً مع التضخم المتزايد. وبدأ المشروع يترنح مع صعود التضخم الذي بات يضرب بقوة دول الخليج. وأعلنت عُمان انسحابها من مشروع العملة المشتركة مؤكدة أنها لن تتمكن من الالتزام بسلسلة المتطلبات والمعايير، بينما أصبحت الكويت في أيار مايو الماضي أول دولة في المجلس تفك ارتباط عملتها بالدولار وتربطها بسلة عملات. وقال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية، ان قادة دول الخليج سيناقشون تقريراً مفصلاً عن وضع مشروع الوحدة النقدية، إضافة إلى مقترحات رفعها وزراء المال ومحافظو المصارف المركزية في الدول الأعضاء. وصرح الى وكالة"فرانس برس"، رداً على سؤال عن اقتراح دول أعضاء تأجيل العملة المشتركة، ان"أي خطوة جماعية لا بد من أن تواجه آراء مختلفة تتطلب مزيداً من البحث والوقت". ونجحت دول المجلس في الاتفاق على عدد من معايير الوحدة النقدية، كنسبة العجز في الموازنات والدين العام، لكنها فشلت حتى الآن في الاتفاق على معايير أساسية كالتضخم وجوانب أخرى من البنية التحتية اللازمة للعملة الموحدة. وأكدت السعودية والبحرين بوضوح انهما لا تخططان لتغيير سياستهما النقدية بما في ذلك مسألة الارتباط بالدولار. أما الإمارات وقطر اللتان تواجهان مستوى التضخم الأعلى بين الدول الأعضاء، فتبدوان أكثر ميلاً للارتباط بسلة عملات، إنما ضمن خطوة توافقية بين الأعضاء. وقال وزير المال الإماراتي الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم الأسبوع الماضي ان"المسألة ليست مسألة فك ارتباط. يجب بادئ الأمر ان يكون لدينا في الأقل سلة عملات"واقترح ان تكون هذه السلة متفقاً عليها. ونفى محافظ مصرف الإمارات المركزي سلطان بن ناصر السويدي أمس في أول موقف قوي ومباشر، أن تكون الإمارات بصدد فك ارتباط عملتها بالدولار، وعزا ارتفاع سعر صرف درهم الإمارات أمام الورقة الخضراء، إلى عمليات مضاربة أو لفوائد قد تجنيها"جهات معينة"، وشدد على ان المصرف المركزي الإماراتي يملك قوة"هائلة"تمكِّنه من إفشال هذه العمليات. وشدد على ان قرار فك ارتباط العملة الوطنية بالدولار"عملية سيادية في الإمارات وبقية دول الخليج"وانه لا بد لذلك من"قرار سياسي جماعي". وباتت مسألة إنهاء الارتباط بالدولار أكثر إلحاحاً عندما عمدت الخزانة الأميركية إلى خفض نسبة الفائدة مرتين في الأسابيع الماضية لتنشيط الاقتصاد الأميركي المتباطئ، ما وضع دول مجلس التعاون أمام معضلة. وكان رئيس صندوق النقد الدولي في الشرق الأوسط ووسط آسيا محسن خان صرح الشهر الماضي ان"هذه الدول لا تعتقد بأن التضخم مستورد. اعتقد بأنها على حق، إذ ان 70 في المئة من وارداتها مسعرة بالدولار وليس من المتوقع ان تربح كثيراً"من فك ارتباط عملاتها بالعملة الأميركية. ونقلت صحيفة"الإمارات"عن جاسم المناعي رئيس صندوق النقد العربي الذي يرعاه 22 بلداً عربياً ومقره أبو ظبي عاصمة الإمارات، انه نصح دول الخليج باتباع إحدى سياستين: إما التعويم المحكوم، أو ربط عملاتها بسلة تشمل اليورو والجنيه الإسترليني والين. وتأثراً بكلام المناعي، ارتفع الدرهم الإماراتي إلى أعلى مستوى منذ 17 سنة أمام الدولار إلى 3.6561 درهم للدولار.