بدأت لجنة فلسطينية - إسرائيلية بصوغ بنود "الوثيقة السياسية" التي سيقدمها الجانبان إلى المؤتمر الدولي للسلام الذي تستضيفه مدينة أنابوليس الأميركية في 26 الجاري. وأكد مسؤول فلسطيني إن اللجنة تشكلت بناء على طلب فلسطيني قُدِّم إلى وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في زيارتها الأخيرة، وقال:"عندما أبلغت رايس الرئيس محمود عباس بالتطورات الحاصلة على الجانب الإسرائيلي، طلب منها الرئيس تشكيل لجنة تضم أربعة مفاوضين، اثنان من كل طرف، لتشرع فوراً في صوغ البنود المتفق عليها". ويؤكد مسؤولون فلسطينيون أن عباس راض عن التقدم الحاصل في المفاوضات حتى الآن، خصوصاً التزام اسرائيل بتطبيق المرحلة الأولى من"خريطة الطريق"التي تنص على وقف إسرائيل جميع النشاطات الاستيطانية، بما فيها النمو الطبيعي للمستوطنات، وإزالة جميع البؤر الاستيطانية التي اقيمت منذ آذار مارس 2001، وفتح جميع المؤسسات الفلسطينية المغلقة في القدس، وإعادة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الانتفاضة الثانية. وقال مسؤول إن الرئيس يعتبر أن وقف جميع أشكال النشاط الاستيطاني يوازي في أهميته قبول إقامة الدولة الفلسطينية، مشيراً إلى أن الاستيطان هو العائق الأول والأكبر أمام إقامة هذه الدولة. وتشمل بنود الوثيقة المقترحة من الجانب الأميركي إقرار إسرائيل بأن تشمل مفاوضات الوضع النهائي التي ستنطلق عقب"مؤتمر أنابوليس"جميع القضايا العالقة بين الجانبين، مثل الدولة واللاجئين والاستيطان والحدود والمياه والقدس والعلاقات المستقبلية، كما تتضمن أيضاً إقراراً إسرائيلياً بالعمل على إنهاء هذه المفاوضات خلال ولاية الرئيس جورج بوش التي تنتهي عام 2009. ويرى الفلسطينيون أن هذه البنود التي تتصف بالعمومية لا تشكل أي تنازل عن الحقوق الوطنية، بل تؤكدها. وقال المسؤول الفلسطيني ل"الحياة"إن"المؤتمر سيكون مناسبة لإطلاق المفاوضات النهائية، وهذه المفاوضات ستشمل جميع القضايا وفي مقدمها قضية اللاجئين والقدس والدولة". وفي المقابل، يرى الإسرائيليون في هذه الاقتراحات صيغة عامة تحافظ على وحدة حكومة إيهود أولمرت المهزوزة، خصوصاً أنها لا تقدم أي حلول لأي من القضايا، بل تعيد فتح الملف التفاوضي المغلق منذ الاشهر الاولى لاندلاع الانتفاضة قبل نحو سبع سنوات. ونقل المسؤول الفلسطيني عن وزيرة الخارجية الأميركية قولها للرئيس عباس إن المؤتمر سيعقد في السادس والعشرين من الشهر الجاري، ما لم تحدث انتكاسة غير متوقعة في المفاوضات. ونصح المسؤولون الأميركيون الذين زاروا المنطقة أخيراً وتنقلوا بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، الطرفين بالذهاب إلى المؤتمر وإعلان انطلاق المفاوضات النهائية من هناك، حتى لو لم ينجحا في التوصل إلى وثيقة مكتوبة. ولا يتوقع القادة الفلسطينيون أن تحقق المفاوضات التي ستنطلق عقب المؤتمر اختراقاً تاريخياً، بل على العكس يتوقع معظمهم أن تؤدي إلى سقوط حكومة أولمرت لتعقبها انتخابات مبكرة. لكنهم في الوقت ذاته يرون في المؤتمر فرصة لتحقيق مجموعة من المصالح الفلسطينية، في مقدمها وقف الاستيطان، واعتراف إسرائيل بالجدول التفاوضي المحدد منذ اتفاق اوسلو. ومنها أيضا تقديم تسهيلات حياتية أبرزها إطلاق عدد كبير من المعتقلين، وانسحاب إسرائيلي تدرجي من المدن التي أعادت إسرائيل احتلالها في العام 2002. وتتزامن المفاوضات السياسية الجارية بين الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي مع مفاوضات أمنية - اقتصادية بين رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض ووزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك. وحسب مصادر مطلعة، فإن فياض يتطلع إلى أن تفضي هذه المفاوضات إلى انسحاب إسرائيلي من المناطق التي أعيد احتلالها، وإزالة الحواجز العسكرية. ويعمل فياض في موازاة ذلك على إعادة فرض النظام والأمن في تلك المناطق، وهو الشرط الإسرائيلي الرئيس قبل أي انسحاب.