قبل عشرين عاماً، افاقت تونس التي كانت تتأرجح بين مؤامرات نهاية عهد الزعيم الحبيب بورقيبة والخطر الإسلامي، على صوت رئيس جديد هو زين العابدين بن علي ثاني رئيس للبلاد. وأعلن بن علي في بيانه الشهير الذي القاه في السابع من تشرين الثاني نوفمبر 1987 وكان موضع ترحيب الجميع في تونس:"لا مجال في عصرنا لرئاسة مدى الحياة ولا لخلافة آلية لا دخل فيها للشعب، فشعبنا جدير بحياة سياسية متطورة ومنظمة تعتمد بحق تعددية الأحزاب السياسية والتنظيمات الشعبية". وفي صباح ذلك اليوم الباكر نحّى بن علي الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء، الرئيس بورقيبة مؤسس تونس الحديثة بعد حكم مطلق استمر 35 عاماً، من السلطة من دون اراقة دماء وذلك بسبب"طول شيخوخته واستفحال مرضه"، بحسب بيان"السابع من نوفمبر". ويقول حامد وهو مهندس متقاعد:"كنت حزيناً على بورقيبة ولكني شعرت بالارتياح. فقد كنا على حافة الهاوية وفي اوج أزمة اجتماعية واقتصادية حادة وبداية ظهور العنف". ونجح الرئيس بن علي 71 عاماً الذي يحكم بقبضة حديد منذ 20 عاماً في تمكين البلاد من استعادة توازنها وعافيتها. فقد سحق مجموعات الإسلام السياسي وأكد الخيارات الاجتماعية الحداثية لعهد بورقيبة وكرّس الانفتاح على الغرب وحرر الاقتصاد لربطه بأوروبا. وساد السلم والأمن تونس لتصبح واحة استقرار تجذب المستثمرين في منطقة مضطربة بين الجزائر التي يمزقها العنف الاسلامي وليبيا المعزولة. لكن التقدم السياسي بقي محدوداً. أما الصحافة التي تعرضت للنقد مراراً حتى من الرئيس بن علي نفسه، فإنها لم تتمكن من الخروج من الضحالة على رغم الانفتاح على القطاع الخاص. والرئيس بن علي الذي انتخب أربع مرات رئيساً لتونس بنسب فاقت 90 في المئة، مدعو من قبل حزبه الحاكم التجمع الدستوري الديموقراطي الى الترشح لولاية خامسة في 2009 الأمر الذي يتيحه الدستور التونسي المعدل.