حكم زين العابدين بن علي الذي غادر تونس البارحة تحت ضغط تظاهرات احتجاجية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، هذا البلد 23 عاما منذ توليه السلطة في 1987 من سلفه الحبيب بورقيبة. ففي السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) 1987 رحب التونسيون بتولي بن علي السلطة دون عنف وإراقة دماء، وأشاد به أنصاره معتبرين أنه منقذ للبلاد التي كانت على حافة الهاوية. واعترفوا له بوضعه أسس اقتصاد ليبرالي وبالقضاء على مخططات المناوئين الذين اتهموا بالتخطيط لانقلاب مسلح. وقد بقي على رأس السلطة أربع ولايات كاملة. وكان في طريقه لإكمال ولايته الخامسة، مع أنه ألغى فور توليه السلطة في تونس «الرئاسة مدى الحياة» التي كان أرساها بورقيبة وحدد الولايات الرئاسية بثلاث. وقد أتاح له تعديل الدستور التونسي في 2002 في استفتاء، البقاء في السلطة. وخلال رئاسته تونس، فاز بن علي وحزبه في كل الانتخابات التي خاضها بنسبة فاقت التسعين في المائة. واتبع بن علي الذي تلقى تعليمه في مدرسة «سان سير» في فرنسا والمدرسة العليا للأمن والاستخبارات في الولاياتالمتحدة، سياسة اجتماعية قائمة على مبدأ التضامن، كما توصف رسميا، لكنها لم تحقق أهدافها. وكان تردي الأوضاع الاجتماعية السبب الرئيس للحركة الاحتجاجية التي بدأت منتصف ديسمبر (كانون الأول) وأدت إلى تنحيه. وقد أكد بن علي الذي شغل منصب وزير الداخلية، ثم رئاسة الحكومة قبل أن يقصي بورقيبة، إيمانه بالتحول الديموقراطي المتدرج، وأدخل التعددية بجرعات محسوبة في البرلمان في 1994. ونظم في 1999 أول انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ تونس. إلا أن معارضيه أكدوا مرارا أنها تعددية شكلية، وانتقدوا الرقابة على الإعلام والجمعيات المدنية. ومع أنه أكد «تفهمه» لأسباب التظاهرات ووعد عدم الترشح لولاية سادسة كانت ستتطلب تعديل الدستور الذي لا يسمح بالترشح بعد سن 75 عاما، وبإرساء ديموقراطية حقيقية، لم تتوقف التظاهرات، فيما شكك المعارضون في قدرته على الوفاء بوعوده هذه. وكان حلفاء بن علي الغربيون يرون فيه ضامنا للاستقرار من أجل تدفق الاستثمارات على تونس التي يزورها سنويا ملايين السياح الأوروبيين. لكن الاحتجاجات الأخيرة ومحاولة قوات الأمن قمعها بعنف دفعت هذه الدول إلى مراجعة مواقفها، بدءا بالولاياتالمتحدة التي أكدت فور مغادرته البلاد حق الشعب التونسي في اختيار زعمائه، بينما لم تكف فرنسا عن ممارسة الضغوط عليه ليحقق بعض الانفتاح. في يونيو (حزيران)، وتحت شعار أولوية الأمن والاستقرار، استخدمت السلطات التونسية الجيش للقضاء على اضطرابات على خلفية البطالة والمحسوبية في الحوض المنجمي جنوبي تونس. وخلال الحركة الاحتجاجية الأخيرة على البطالة وغلاء الأسعار، لم تتوان قوات الأمن عن التصدي للمتظاهرين مستخدمة الغاز المسيل للدموع والهراوات، ما أدى إلى سقوط 66 قتيلا بحسب منظمات غير حكومية. وعلى الرغم من محاولته الأخيرة الخميس نزع فتيل الأزمة، تحدى آلاف التونسيين مشاعر الخوف وطالبوا برحيله. وهو متزوج وله ستة أبناء هم: ثلاث بنات من زواج أول، وابنتان وابن من زوجته ليلى بن علي الحاضرة بقوة في الحياة الاجتماعية والسياسية.