وصل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى العاصمة الأميركية أمس في زيارة مهمة ومحورية للعلاقة بين واشنطنوأنقرة، وسيحاول فيها الجانب التركي أخذ ضمانات من الرئيس جورج بوش وكبار المسؤولين الأميركيين للتحرك عسكرياً في شمال العراق ضد مقاتلي"حزب العمل الكردستاني"، في وقت سيسعى الجانب الأميركي إلى البحث في قضايا اقليمية عالقة بينها دور تركيا"كوسيط"في الملف النووي الايراني وفي عملية السلام. وكان من المتوقع أن يبدأ أردوغان اجتماعاته بلقائه بوش ونائب الرئيس ديك تشيني في البيت الأبيض أمس، وما وصفه الخبراء بأنه سيكون"امتحاناً مهماً لعلاقة الولاياتالمتحدة مع حليفها الأقوى في العالم الاسلامي". وأشارت مصادر ديبلوماسية غربية ل"الحياة"الى أنه فيما سيسعى الجانب التركي الى تسليط الضوء على الأزمة بين أنقرة و"الكردستاني"في العراق والبحث في خيارات التحرك العسكري، بينها ضربات جوية محدودة ضد مقاتليه في اقليم كردستان وعلى الحدود مع ايران، سيحاول الجانب الأميركي"توسيع اطار المحادثات"لتشمل مسائل اقليمية أخرى أبرزها الملف الايراني النووي والموقف من سورية والتحضيرات لمؤتمر السلام والانتخابات الرئاسية في لبنان، إضافة الى الوضع في أفغانستان. وكان إفراج"الكردستاني"عن ثمانية جنود أتراك وبعد توسط مباشر من الديبلوماسية الأميركية ساعد أجواء اللقاء أول من أمس. وأكدت المصادر ذاتها أن أردوغان سيطلب ضمانات من واشنطن للسماح لتركيا بالتعامل مع تهديد"الكردستاني"والتحرك عسكرياً، وهو خيار تحاول الادارة الأميركية تفاديه اليوم بمعالجة الأزمة ديبلوماسياً بالتعاون مع الحكومة العراقية. إلا أن واشنطن، الحريصة على علاقتها مع تركيا، ستسعى إلى بناء أرضية مشتركة مع أردوغان في موضوع مواجهة الكردستاني مقابل استكمال الدور الاقليمي لأنقرة ولا سيما في الملف النووي الايراني والعلاقة مع سورية. وتابعت المصادر الديبلوماسية أن تركيا تمثل وسيطاً مهماً لواشنطن مع كل من طهران ودمشق، وأن الادارة الأميركية تريد"ابقاء هذه القناة مفتوحة اليوم"لمعالجة التصعيد في الملف النووي الايراني والتحضيرات لمؤتمر السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين وبمشاركة عربية قبل آخر العام في الولاياتالمتحدة. وتشمل الأجندة الأميركية، محاولة اقناع أنقرة بجدوى عقوبات جديدة على ايران ولعب أوراقها الاقليمية للضغط على روسيا والصين بهذا الاتجاه. من جهتها، ترى أنقرة في واشنطن حليفاً استثنائياً، ومن أبرز الداعمين لها على الساحة الأوروبية والأصوات المؤيدة لدخولها الاتحاد الأوروبي. ويتزامن وجود أردوغان في العاصمة الأميركية مع وصول الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في نهاية الأسبوع. وسيلتقي أردوغان وزير الدفاع روبرت غيتس وقيادات في الكونغرس الأميركي أثارت استياء أنقرة أخيراً بطرح مشروع نال موافقة اللجنة الخارجية في مجلس النواب، ويقضي باعتبار المجازر ضد الأرمن إبان الامبراطورية العثمانية"أعمال إبادة". إلا أن الضغوط التركية عطلت هذا المشروع بسحب سفيرها لدى واشنطن والتهديد بقطع الممر الجوي للأميركيين الى شمال العراق والإمدادات للجيش الأميركي هناك.