قرر رجل في نيويورك ان يقفز من فوق أعلى ناطحات السحاب الى الشارع العام. قال ان القفز ليس ضد القانون ثم ان معه مظلة. هناك مشكلة، بالطبع، عند الهبوط. اي في حال الوقوع على رؤوس الناس المتوجهة الى أشغالها، الباحثة عن قوت يومها والغافلة تماماً عما يحدث فوق، اي في موقع القرار المجازف. ولكن من المسؤول في مثل هذه الأحوال؟ يتساءل المظلي الجديد، الرجل المبادر الذي يلتحف الريح أم الآخر المتمهل الذي لا يرفع رأسه الى العُلا؟ في عواصم متعددة من أرجاء الوطن العربي الكبير تزداد ظاهرة المظليون الجدد، الذين يتدافعون للقفز من فوق السطوح كيفما كانوا وأينما وقعوا. معظمهم مقتنع بأن معه مظلة... وبعضهم يستعد للقفز النوعي على أي حال أملاً في استدراج المستطاع من العروض. مظلات شرقية غربية شمالية جنوبية تتبدل وتتبادل حسب اتجاه الريح. تُرى، ماذا تهمس مظلة لأخرى على الطريق عند هبوب العاصفة؟ السياسيون كالعادة يراجعون حساباتهم والمواطنون الأبرياء يدفعون الثمن. كان الرئيس اللبناني شارل حلو يناقش الأطراف المتخاصمة برواية الحصان الذي يملكه أشخاص عدة. إذا قرر أحدهم اطلاق النار على الجزء الذي يتصور انه يملكه يموت الحصان ويخسر الجميع. ظلموا ذلك الرئيس عندما نسبوا اليه نظرية ان قوة لبنان هي في ضعفه. فمع ان فخامته كان يهوى اطلاق النظريات إلا أن هذه لم تكن إحداها. الأرجح ان عدداً من أهل السياسة والصحافة أشاعها عنه رداً على تعليقاته الساخرة في المجالس التي كانت يومها بالأمانات. فعندما لاحظ ان معظمهم يبذل اكثر النشاط في الخارج ويقضي معظم الوقت في عواصم العالم، أشار اليهم عندما حضروا مرة مناسبة ذكرى الاستقلال في بيروت هاتفاً:"أهلاً وسهلاً بكم في وطنكم الثاني، لبنان". * اعلامي وكاتب لبناني