اعتبر إبراهيم غرغور، الرئيس المشارك لوحدة صناديق التحوّط في "إنفستكورب"، المصرف المتخصص في الاستثمارات البديلة، ان مخاوف بعض المحللين من تأثير صناديق التحوّط على الأسواق العالمية أمر"مبالغ فيه". وأوضح في حديث إلى"الحياة"ان هذا القطاع المالي المعقّد تطور في شكل كبير خلال السنوات العشر الماضية، فپ"حين بدأ المصرف يعمل بها، كان عدد الصناديق عالمياً يبلغ 500 صندوق، تدير أصولاً تبلغ 200 بليون دولار. واليوم، ثمة تسعة آلاف صندوق تحوّط بأصول تبلغ تريليوني دولار". وعن سبب هذا النمو، أفاد غرغور:"تعتمد هذه الصناديق أساليب غير تقليدية في الاستثمار، ولذلك تجذب أصحاب المواهب المالية الذين يريدون استقلالية في التحرّك. هي رائدة في اقتناص الفرص في الأسواق العالمية، وبعضها ينجح في استراتيجياته وبعضها يفشل، مثل أي مؤسسة تعمل في قطاع آخر". نشاط صناديق التحوّط وبالنسبة إلى نشاط صناديق التحوّط، التي تراهن مالياً ليس فقط على ارتفاع الأسواق بل أيضاً على تراجعها، والتي تواجه انتقادات دائمة بپ"المساهمة في تضخيم أسعار بعض السلع عالمياً"، مثل النفط والذهب، أجاب غرغور ان الصناديق التسعة آلاف تدير أصولاً إجمالية تبلغ تريليوني دولار، وهو مبلغ صغير حين يقارن بأصول صناديق الاستثمار المختلفة التي تبلغ مئة تريليون دولار. كما ان صناديق التحوط"لا تقوم بالخطوات الاستثمارية ذاتها، فپ60 في المئة منها يستثمر في الأسهم في شركات في أميركا وأوروبا، واستثماراتها ليست بحجم استثمارات الصناديق التقليدية". وأوضح ان لبعض المصارف التقليدية الكبرى وحدات تمارس نشاط صناديق التحوّط. فالنفط هو"سلعة يُتأجر بها عالمياً وتتأثر بالعرض والطلب في الأسواق العالمية"، والذهب هو سلعة معروفة تاريخياً بأنها"ملاذ آمن في زمن الأزمات المالية وأوقات التضخم"، وازداد الطلب عليه تلقائياً في ظل تراجع الدولار أمام العملات العالمية أخيراً. وحول تسليط السلطات النقدية والمالية الأوروبية والأميركية الضوء على عمل صناديق التحوّط ومطالبتها باعتماد شفافية أكبر، أوضح غرغور ان"من واجب هذه السلطات حماية أموال المستثمرين الأفراد ومصالحهم"، لكن"إذا صرّحت صناديق التحوّط عن خططها، تفقد حرية التحرك التي تميّزها وتحقق لها الأرباح". وأضاف ان بعض الصناديق الأميركية المدرجة في أسواق المال"بدأت من تلقاء نفسها تصرّح عن نشاطاتها التزاماً بالقوانين السارية هناك". تأثير الأزمة المالية الأميركية وعن أسباب أزمة القروض العقارية السكنية الأميركية وتداعياتها، قال غرغور إن المصارف التجارية لجأت إلى إقراض مواطنين ذات دخل منخفض، وبطريقة عشوائية، لاتكالها على ارتفاع قيمة العقار، الذي يعوّض تقليدياً عن تخلّف المقترض عن تسديد دينه. لكن قيمة هذه العقارات بدأت تتراجع أخيراً في الأسواق الأميركية، وحتى الأوروبية، فلم تعد هذه التغطية المالية للقرض متوافرة. ويضاف إليه ان السندات الصادرة على هذه القروض حاصلة على تصنيف مرتفع من وكالات تصنيف عالمية مرموقة، وحين تعثرت، تضررت المؤسسات المالية التي تحملها في دفاترها المالية. وبخصوص صناديق التحوّط، أوضح أنها"غير معرّضة لأزمة قروض السكن الأميركية العالية الأخطار، إذ ان نحو سبعة في المئة من أموالها فقط مستثمر في السندات ذات العائد الثابت، ومنها جزء في سندات مرتبطة بالقروض العالية الأخطار". وأضاف ان هذه الصناديق تمتاز بقدرتها الدائمة على تركيب أدوات مالية جديدة، وان بعض الاستراتيجيات المالية التي تعتمدها لم تكن موجودة منذ 10 سنوات، مثل"التسنيد"تحويل القروض إلى سندات في عملية مالية متطورة لتسييلها، ما وفّر منتجات مالية جديدة ونوّع في الأخطار. وقال ان وحدة صناديق التحوّط في"إنفستكورب""درست في شكل معمّق"إحصاءات وأرقام مفصّلة عن القروض الأميركية العالية الأخطار ومواصفات المقترضين، سنوياً وفصلياً، ووجدت عام 2006 ان نسبة القروض السكنية العالية الأخطار وصلت إلى 25 في المئة من القروض الإجمالية، في حين استمرت المصارف في إعطائها عشوائياً، لذلك"شعرنا بضعف فيها وأجرينا عملية هندسية مالية تمكنّا خلالها من تفادي أي خسارة، أي توقعنا ان تتراجع وحصّلنا إيرادات على هذه التوقعات في تشرين الثاني نوفمبر الماضي". صناديق "إنفستكورب" ولفت غرغور إلى ان"إنفستكورب"يدير أصولاً إجمالية في وحدة صناديق التحوّط تبلغ 6.5 بليون دولار، منها بليونان من أمواله الخاصة و4.5 بليون لمصلحة زبائنه. وأفاد ان المصرف الذي"كان رائداً في دخول هذا القطاع المالي المتطوّر والمعقّد منذ عام 1996، حين أطلقه بداية لإدارة السيولة المالية لخزانة المصرف، ثم انطلق منه إلى استثمار أموال المساهمين والمستثمرين، وهو يتكامل مع منتجات المصرف الأخرى". وتتبع تسعة من صناديق المصرف استراتيجية"صندوق الصناديق"وهي صناديق تحوّط تتضمن استراتيجيات ومديرين متعددين وستة غيرها ذات مدير واحد واستراتيجية واحدة ضمن شراكات مع شركات عالمية تدير صناديق، منها"دبليو إم جي"البريطانية، وصناديق مفصّلة بحسب طلب مؤسسة أو زبون معيّن. وأضاف ان هذه الصناديق"حققت ربحية سنوية خلال السنوات الپ11 الماضية"، وان المصرف يحرص على تطوير عملها لذلك"خصص لها وحدة لإدارة الأخطار الخاصة بها، فمن أصل مئة خبير يعملون في قسم صناديق التحوّط، يُعتبر 25 منهم متخصصين في إدارة الأخطار المالية". خطط المصرف وتأكيداً على النجاح، لفت غرغور إلى ان المصرف"بدأ يهتم بمحافظ زبائن دوليين مهتمين بخدماته، خصوصاً صناديق التقاعد الأميركية ذات الأصول الضخمة ومنها"صندوق تقاعد المعلّمين في ولاية تكساس"، وسيتوسع هذه السنة في تقديم هذه الخدمات في أوروبا". وتستضيف البحرين غداً"المؤتمر السنوي الثالث لصناديق التحوّط في منطقة الشرق الأوسط"لمجلة"هيدج فندز ريفيو"المتخصصة، وهو برعاية بنك"إنفستكورب"وپ"مؤسسة تطوير الخدمات المالية"البحرينية. وسيناقش فيه خبراء عالميون ومديرو أهم صناديق التحوّط الأميركية وخبراء محلّيون احدث التشريعات والقوانين المتعلّقة بصناديق التحوّط ونسبة انتشارها في المنطقة. وبحسب غرغور،"بدأت المصارف التجارية التقليدية والصناديق الحكومية وصناديق التقاعد في الدول العربية تستثمر في هذا القطاع. وعلى رغم نمو استثماراتها فيه، فهي لا تزال يسيرة مقارنة بصندوق تقاعد أميركي ضخم واحد يستثمر خمسة في المئة من أصوله في صناديق التحوّط، لذلك ثمة فرص هائلة للنمو تنتظرها".