أُعلنت أمس "مبادرة ترشيد العمليات الجهادية" لأمير جماعة "الجهاد" المصرية السابق سيد إمام المعروف ب "الدكتور فضل" الذي يعتبر أبرز منظري حركات العنف الإسلامي، ما قد يغلق ملف التنظيم الذي أدمى مع"الجماعة الإسلامية"عقد التسعينات في مصر. ونشرت جريدة"المصري اليوم"المستقلة أمس أولى حلقات المراجعات التي استهلها إمام بتنبيهات عدة أشبه بتوضيح للمنهج الذي سيستخدمه وكيفية تطبيقه، شدد فيها على أن كتاباته للمسلمين عامة. وعلى رغم تركيز الحلقة الأولى على مقدمة تاريخية عرض فيها تاريخ الخلافة الإسلامية حتى سقوطها بعد الحرب العالمية الأولى، فإن الباحث في شأن الجماعات الإسلامية الدكتور ضياء رشوان يرى أنها تضمنت نقاطاً عدة"قد تؤدي إلى صدامات مع السلفيين، وبالطبع مع تنظيم القاعدة". وأشار رشوان إلى أن"النقطة الاولى تتمثل في إرجاعه الدكتور فضل سقوط الدولة الإسلامية إلى أسباب داخلية، إذ أرجع سقوطها إلى انفراط عقد المسلمين وأن هذا كله وقع على المسلمين بذنوبهم، وهو ما قد يتصادم مع أفكار السلفيين الذين يرون أن ضعف المسلمين جاء لأسباب خارجية". وأضاف أن"النقطة الثانية هي الأكثر أهمية، وهي المخالفات الشرعية مثل القتل على الجنسية والقتل بسبب لون البشرة أو الشعر والقتل على المذهب، وقتل من لا يجوز قتله من المسلمين ومن غير المسلمين، والإسراف في الاحتجاج بمسألة التترس لتوسيع دائرة القتل، واستحلال أموال المعصومين وتخريب الممتلكات". ورأى أن"هذه النقطة تحديداً ستكون محل خلاف واضح مع القاعدة، فعلى رغم أنهم قد يتفقون معه في نقطة عدم القتل على أساس لون البشرة أو الشعر، فإنهم سيختلفون معه في نقطة القتل على أساس الجنسية والمذهب. أساس القاعدة يقوم على محاربة الأميركيين واليهود، وسيعتمدون بالضرورة على أسانيد من القرآن يرون أنها ترد على المراجعة". وتناول إمام"فضيلة الجهاد"، لكنه ربطها بالاستطاعة. وهاجم فكرة أن"الغاية تبرر الوسيلة"، مؤكداً أن"عبودية المسلم لربه تتحقق بتقديم مراد ربه منه على مراد نفسه، وذلك بأن يعرف المسلم ما أوجبه الله عليه في وقته هذا وبحسب استطاعته، وله ثواب ما قام به ويسقط عنه إثم ما عجز عنه، أما أن يضع المسلم لنفسه هدفاً وإن كان في أصله مشروعاً ولكن فوق طاقته ولا يناسب حاله، ثم يسلك أي وسيلة لتحقيق هدفه غير متقيد بضوابط الشريعة، فهذا تقديم لمراد نفسه على مراد ربه، وليست هذه طريقة المسلمين، وإنما هي طريقة الثوريين العلمانيين". واعتبر رشوان أن"هذه النقطة مهمة جداً، وهي أصل المراجعات، فهي تدعو إلى ترشيد العمليات الجهادية، وهو ما وضحه الدكتور فضل بالتركيز على نقطة الاستطاعة والتقيد بضوابط الشريعة". ورحب منظّر"الجماعة الإسلامية"الدكتور ناجح إبراهيم بإعلان مرجعات الجهاديين. وقال ل"الحياة":"لا يسعنا إلا الترحيب بهذه المراجعات التي هي ثمرة من ثمرات مراجعات الجماعة الإسلامية قبل عشر سنوات ودليل على صحة توجهنا". وأكد أهمية تلك المراجعات، مشيراً إلى أنها"تصحيح لمفاهيم كثيراً ما كانت في حاجة إلى توضيح". وحيّا إمام على خطوته التي"لم يسبقه إليها أحد في الجهاد غيره، ولا يقدر عليها غيره". وتوقع"نجاحاً كبيراً لهذه المراجعات، لا سيما أنها صدرت من عالم بقدره. وتوقع اثاراً إيجابية للمبادرة على زعيم"القاعدة"أسامة بن لادن، لكنها"ستثير انتقاد جانب الرجل الثاني في التنظيم الدكتور أيمن الظواهري لأنه يرى أنها جاءت والدكتور فضل مسجون". غير أن إبراهيم قلل من هجوم قد يشنه البعض مثل القيادي السابق في"الجماعة الإسلامية"محمد الحكايمة الذي انضم إلى"القاعدة"، مشيراً إلى أن"الحكايمة فهمه قاصر ويرفض لمجرد الرفض ولا يملك من البراهين والقراءة والإطلاع ما يكفي كي ينتقد الوثيقة".