يحتضن متحف اللوفر في باريس معرضين خاصين بالفنون الاسلامية في إطار موسمه الخاص بالشرق، ويتناول المعرض الأول الفنون الفارسية الايرانية في عهد الصفويين والمعرض الثاني عبارة عن مقتنيات من مجموعة الآغا خان التي سيضمها متحف خاص بها يقام في كندا عام 2011. وسيفتح المعرضان أبوابهما غداً امام الزائرين ويستمران حتى 7 كانون الثاني يناير. ويؤكد منظمو معرض"الفن الايراني الصفوي"استناداً الى الباحثين ان هناك علاقة حميمة ربطت دائماً في الثقافة الايرانية بين الكلمة المكتوبة وبين الفنون البصرية. وتبدو هذه العلاقة ظاهرة تماماً في المنمنات او في فن صناعة الاواني حيث تعكس الموتيفات استعارات ادبية اتسع التوجه نحوها في العهد الصفوي 1501 - 1736. وكان الفن الايراني فترة طويلة عصياً على الفهم فترة طويلة في الغرب، وهو فن وان ازدهر وامتد مع الاسلام فإن جذوره وتاريخه يعودان الى ما قبل 4000 عام. ويقدم المعرض امثلة غير معروفة الا قليلاً خارج حدود ايران على هذه الفنون الايرانية الاسلامية التي استقبلت بحفاوة في تركيا العثمانية والهند المغولية حيث تم تقليد هذا الفن. ويحفل المعرض بصفحات مخطوطة ومزينة من كتاب"الشاهنامة"او كتاب الملوك المزين بمئات الرسوم والمنمنمات والذي انجز في عهد الشاه تحماسب الذي خلف الشاه اسماعيل وازدهرت في عهده الفنون. غير ان الفن الصفوي وبعد مرحلة الازدهار خضع في الربع الاخير من القرن السابع عشر لتحولات كبيرة لا يعرف سببها وليست مرتبطة بتغير في السلطة، لكنها سبقت بسنوات وصول الشاه عباس الى سدة الحكم حيث تحول الفن من التجريد الى فن واضح الملامح. وفي الفترة الثالثة من مسيرة هذا الفن اكتشف فنانو القصر فنون اوروبا التصويرية وقلدوها، فيما تهاوى فن المخطوطات وانقطعت العلاقة بين الادب والفن في حين حافظت الهندسة وفن الخط على تألقهما حتى بداية القرن الثامن عشر. وامتد الفن الايراني في حينه الى اوزبكستان وهندوستان وتركيا حيث كانت تستخدم اللغة الفارسية في العلاقات بين الاثنيات وحيث كان الادب الفارسي شائعاً. وفي المجمل يقدم المعرض نحو 200 قطعة اختيرت من مجموعات ايرانية وطنية وأيضاً من مجموعات خاصة استعير بعضها من متحف طهران ومن مكتبة غولستام ومتحف اصفهان ومتاحف في لندن ونيويورك، اضافة الى مجموعتي الصباح في الكويت والآغا خان الخاصتين. اما المعرض الثاني في متحف اللوفر فيقدم حوالى 80 قطعة من الفنون الاسلامية التي تضمها مجموعة اللآغا خان للفنون الاسلامية وتشهد في تعدديتها على تنوع هذه الفنون وحيويتها، خصوصاً في مجالات تركز عبر فن صناعة الكتاب وتغليفه وفن الخط العربي وهي تمهد لما سيعرض في متحف الآغا خان في تورونتو كندا الذي سيفتتح عام 2011. وكما في المعرض الايراني فإن معرض مجموعة الآغا خان يضم عدداً من صفحات الشاهنامة المزينة وكتابات وخطوطاً عدة للمصاحف وغيرها من الكتب مع اردية جميلة مزينة محفوظة. وتدل القطع المعروضة على ازدهار الفن في العالم الاسلامي من دمشق الى الاندلس وصولاً الى الهند، وذلك بين القرن الثامن والقرن التاسع عشر. وأعد المعرض في شكل تظهر فيه التاثيرات المتبادلة بين العالم الاسلامي وأوروبا والصين، وهو قسم الى ثلاثة اقسام. يجسد القسم الاول هذا التاثير المتبادل من خلال النظرة التي يحملها فنانو العالم الاسلامي الى النتاجات الفنية الاجنبية منذ العصور الوسطى حيث ساهم المسلمون في نقل فنون اليونان والرومان عبر اسبانيا الى الغرب. واعتباراً من القرن السابع يبين المعرض تأثير الغرب في فنون الاسلام حيث تصور لوحة مغولية مشهد المسيح في منمنمة صغيرة مدهشة. أما التأثير الصيني فيظهر خصوصاً في قطع السيراميك المعروضة. ويضم المعرض في جزء منه مجسماً لمشروع المتحف الذي سينجزه المهندس الياباني فيميهيكو ماكي ليصبح متحف الآغا خان قرب تورنتو، وسيمتد هذا المتحف على مساحة 10 آلاف مربع. ويتجسد قلب المعرض في جزئه الثالث الذي يركز على فن تخطيط المصاحف وتزيينها إذ تدل انواع الخطوط والتزيينات على حضور الكتابة الكبير كعنصر تزييني في الفن الاسلامي، و تتراوح انواع الخطوط بين كتابات عملاقة واخرى صغيرة جداً لا تكاد ترى مثل الخط المسمّى الغباري والذي يمكن عبره ان يخط القرآن كلع صفحتين فقط. كتب الآغا خان في دليل المعرض:"ان تاريخ اوروبا لا يمكن فصله عن الغنى الفلسفي والعلمي والفني للعالم الاسلامي الحاضر وبطريقة خصبة جداً في اندلس اسبانيا وفي مملكة صقلية في ايطاليا". وأكد ان"الحوار بين الحضارات يبدو ضرورة ملحة اكثر من اي وقت مضى بداية هذا القرن"...