لم تصدق نجلاء العامري، للوهلة الأولى، نتائج انتخابات الدورة السادسة لمجلس الشورى العماني، والتي صدرت رسمياً فجر أمس. فلم تعرف عيناها النوم حتى وصول صحيفتها المحلية الى المنزل صباحاً، لتقرأ فيها الخبر اليقين: المرأة صوّتت... وأخفقت. "أعيش في صدمة حقيقية"، تقول وهي تحتسي فنجان قهوة مرّة كالخبر الذي"صعقها". وتضيف هذه الشابة العمانية البالغة من العمر 26 عاماً، والتي تعمل في مصرف تجاري في مسقط :"كان أملنا نحن النساء بأن تمثيلنا في مجلس الشورى 84 عضواً سيزيد على الاثنتين. لكن يبدو ان غالبية العمانيات صوتن للرجال بدلاً من بنات جنسهن". حال نجلاء تختصر حال غالبية الشابات العمانيات المثقفات اللواتي يتطلعن إلى غد يكون لهن فيه دور أوسع وحضور أبرز في الشأن العام."لكنه درس مهم لنا، عسى أن نكون تعلمنا منه شيئاً للمستقبل"، تقول والأمل يلمع في عينيها العسليتين. "خروج النساء من مجلس الشورى"، هو الخبر الأبرز في السلطنة أمس، وطغى على خبر نتائج الانتخابات ذاتها. حتى ان وزير الداخلية العماني سعود البوسعيدي أمضى جزءاً كبيراً من مؤتمره الصحافي الذي عقده في وزارة الداخلية ظهر أمس، وهو يفسّر"الحدث"ويبرر حيثياته ونتائجه، وذلك خلال رده على أسئلة 92 صحافياً جاؤوا من 30 دولة عربية وعالمية لتغطية الانتخابات العمانية التي بلغت نسبة الاقتراع فيها 62.7 في المئة من عدد الناخبين المسجلين في لوائح الشطب. وعندما"حشره"بعض الصحافيين بالأسئلة حول الموضوع، أجاب البوسعيدي واثقاً:"إنها الديموقراطية. من أراد أن يحتكم إليها، عليه أن يقبل بنتائجها... أياً كانت". ولفت الى ان عدد الخاسرين من المرشحين الرجال في الانتخابات هو 527، مقارنة بعدد المرشحات الخاسرات 21 امرأة، معلقاً على الأمر بالقول:"نحن لا نفرّق بين رجل وامرأة، ترشيحاً واقتراعاً. ولعل ذلك هو جوهر المساواة". وعن امكان لجوء الحكومة العمانية الى تخصيص"كوتا نسائية"ضمن مجلس الشورى في دوراته الانتخابية اللاحقة، قال:"كل شيء قابل للبحث. ولكني شخصياً لا أميل الى نظام"الكوتا"، لكوني أريد ان يأخذ كل مرشح فرصته بالتساوي مع المرشح الآخر، بصرف النظر عن جنسه أو عمره أو انتمائه القبلي". ولفت وزير الداخلية إلى ان خروج النساء من مجلس الشورى في الانتخابات الأخيرة، لا يعني"استقالة"المرأة العمانية من الحياة العامة في السلطنة"فهي ممثلة في الحكومة بثلاث وزيرات وأخرى برتبة وزير. وكذلك في السلك الديبلوماسي بسفيرتين في واشنطن وهولندا، فضلاً عن وجود الكثير من النساء برتبة وكيل وزارة... وغيرهن من البارزات في الشأن العام". وكانت المرأة العمانية سجلت حضوراً بارزاً وكثيفاً في الانتخابات الأخيرة، ترشيحاً واقتراعاً، حتى ان إحدى الولايات العمانية الداخلية شهدت إقبالاً كبيراً من النساء على صناديق الاقتراع أول من أمس، وتجاوز عددهن الرجال، على رغم عدم وجود نساء مرشحات عن تلك الولاية. "إنها نكسة حقيقية"، بحسب رحيلة الريامي 60 عاماً التي خسرت مقعدها في مجلس الشورى، بعد دورتين متتاليتين حققت خلالهما حضوراً بارزاً فيه، لكنها اكدت قبولها بالنتائج على امل التغيير مستقبلاً.